من المشهور أن الحركات الاسلامية تعادي الادارة الامريكية بسبب مواقفها الظالمة تجاه قضايا المسلمين و العالم الاسلامي, و لكن الاصداء التي سبقت و صاحبت و تلت زيارة اوباما لمصر و توجيهه خطابا للعالم الاسلامي عبر جامعة القاهرة أبرزت حقيقة هامة هو أنه يوجد بين الحركات الاسلامية أصدقاء للولايات المتحدة الأمريكية.
لقد تباينت مواقف الاسلاميين من زيارة أوباما لمصر و توجيه خطابه للعالم الاسلامي فمن ترقب إخواني قبل الزيارة و انتقاد لأوباما عقب الخطاب إلى هجوم أسامة بن لادن و تحريض أيمن الظواهري الشعب المصري على الزائر و زيارته, بجانب الصمت السلفي المعهود و الذي يعبر عن عدم اكتراث بالحدث و التقليل من شأنه.
فقد أصدرت جماعة الاخوان المسلمين بيانا بعد انتهاء زيارة أوباما للقاهرة قالت فيه:" إن أوباما بإدارته ككل حكام أمريكا يكيلون بمكيالين، وكان هدف خطابه دغدغة مشاعر المسلمين", ودللت الجماعة على اتهامها للرئيس الأمريكى، بتركيزه في الخطاب على أسطورة المحرقة النازية التي وقعت لليهود، متجاهلاً الجرائم والإبادة والتطهير العرقي والمجازر الوحشية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، فضلاً عن وصفه المقاومة الفلسطينية بـ"العنيفة". وأضاف البيان:" إن العبارات العاطفية واللغة واللباقة التي استخدمها أوباما في خطابه، حاول بها كسب مشاعر المسلمين، لكنها لا تحقق عدلاً ولا تسترد حقاً للمسلمين، سواء فى فلسطين أو العراق أو أفغانستان أو باكستان أو غيرها من بلاد العالم الإسلامي، التي يراق فيها الدم المسلم ليل نهار بتخطيط ومكر من قبل الإدارات الأمريكية المتتابعة".
واعتبرالاخوان المسلمون أن الخطاب لن ينطلي على العرب والمسلمين، لأنه مجرد تغيير في الأسلوب والتكتيك في بعض القضايا، بما يؤكد سياسة التدخل الناعم للإدارة الأمريكية، بدلاً من استخدام الآلة العسكرية التي مازالت ـ حسب البيان ـ ترتكب جرائم في أفغانستان وباكستان، فضلاً عن الاحتلال الذي مازال جاثماً على صدر العراق.
ووصف البيان الحديث عن الديمقراطية بأنه مقتضب وسطحي، في الوقت الذي تغض الإدارة الأمريكية فيه الطرف عن الديكتاتوريات القائمة والأنظمة الفاسدة الظالمة التي تقهر شعوبها وتهمش دورها.
وقالت جماعة الاخوان المسلمين إن هذا الخطاب عبارة عن مجرد حملة علاقات عامة، لتضييع الفرص، وإضاعة الوقت، ومحاولة لتجميل صورة أمريكا التي تلطخت بالظلم والغزو وجرائم العدوان وإراقة دماء العرب والمسلمين في كل مكان.
و كان أيمن الظواهري قد استبق زيارة أوباما ببيان بعنوان "جلادوا مصر وعملاء أمريكا يرحبون بأوباما" و كان مما قاله فيه: " صرح البيت الأبيض أن أوباما سيرسل من مصر رسالة للعالم الإسلامي، ولكنهم تناسوا أن رسائله قد وصلت فعلا، فقد وصلت رسالته للعالم الإسلامي حينما زار حائط المبكى، ووضع على رأسه قلنسوة اليهود، وصلى صلاتهم، وهو الذي يزعم أنه مسيحي. ووصلت رسالته للعالم الإسلامي حينما خطب في اللوبي الصهيوني (إيباك) خطبته، التي تعهد فيها ببقاء القدس عاصمة أبدية موحدة لإسرائيل، والتي تعهد فيها أيضا بالدعم الكامل لإسرائيل، وبدعم الطبيعية اليهودية لإسرائيل, ووصلت رسالته للمسلمين لما وافق وأقر العدوان الصهيوني على غزة، ووصلت رسالته للمسلمين لما توعد وهدد بإرسال المزيد من الجنود لأفغانستان، ومزيد من القصف لمناطق القبائل في باكستان، ووصلت رسالته لما أدار الحملة الدموية ضد المسلمين في سوات، ووصلت رسالته للمسلمين من السجون السرية والعلنية، التي تشرف إدارته عليها، بل ومن توسيع السجون الحالية مثل سجن باجرام في أفغانستان، لاستقبال المزيد من الضحايا المسلمين، ووصلت رسالته للمسلمين لما استمر في رفض تطبيق اتفاقيات جنيف الخاصة بالأسرى على المسلمين في الحرب الصليبية على الإسلام، التي يسمونها بالحرب على الإرهاب، ووصلت رسالته للمسلمين لما رفض أن يحضر وفد من بلاده مؤتمر مكافحة العنصرية في جنيف حرصا على مشاعر إسرائيل، ووصلت رسالته للمسلمين لما هدد بالتدخل في باكستان للحفاظ على أسلحتها النووية، أي أنه يعتبر أن تلك الأسلحة ملك لأمريكا وتحت سيطرتها، وعليها أن تحافظ عليها، ووصلت رسالته للمسلمين عبر فوهات مدافع الجيوش الأمريكية الجرارة، التي تحتل جزيرة العرب وأفغانستان والعراق رسائله الدموية وصلت ولا زالت تصل للمسلمين، ولن تحجبها حملات العلاقات العامة ولا الزيارات المسرحية ولا الكلمات المنمقة".
و رغم هذه المعارضة الواضحة في موقف الاخوان المسلمين من الادارة الأمريكية, و كذلك العداء الحاد من قبل أيمن الظواهري الرجل الثاني في تنظيم القاعدة, فإن هناك من الحركات الاسلامية و الدعاة من كان لهم موقف آخر.
فقد رحبت الجماعة الاسلامية بزيارة أوباما قبل إن تبدأ و زادت من ترحيبها بعدها بل و أطلقت مبادرة تدعو العالم الاسلامي و منظمة القاعدة و طالبان إلى ما أسمته بالاستجابة إلى مبادرة أوباما تجاه العالم الاسلامي.
و ترجع بداية الجماعة الاسلامية مع أوباما عقب انتخابه مباشرة عندما اصدرت بيانا بعنوان "مرحبا أوباما و في انتظار المواقف العادلة" و عندما قرر أوباما زيارة مصر و توجيه خطابه للعالم الاسلامي من جامعة القاهرة أصدرت الجماعة الاسلامية بيانها بعنوان "أهلا أوباما.. مصلحة أمريكا مع من؟" و كان مما ورد في البيان قولهم " السؤال الأهم هو: مصالح أمريكا أين؟
- والإجابة المنطقية تقول: مصالح أمريكا مع العالم الإسلامي أكبر وأشمل من أن تكون مع أي طرف أخر.
- فالعالم الإسلامي يملك الموقع الإستراتيجي والثروة البترولية والأسواق الواسعة فضلاً عن ميراث الإسلام الذي يعترف بالديانات السماوية السابقة عليه رغم عدم اعتراف أتباع تلك الأديان به, ووجود رصيد من القيم المشتركة بين الإسلام والغرب يمهد للتواصل ويحقق إمكانية التعاون على ما فيه خير البشرية" و البيان في هذه النقطة يتكلم بصراحة برجماتية جدا في اطار مساومة الولايات المتحدة لاعطائها ما تريده من موارد العالم الاسلامي الاقتصادية أو حتى الاستراتيجية مقابل أن تتعاون الولايات المتحدة مع العالم الاسلامي في قضاياه, لكن هذه الصيغة فيها تعبير غريب عن تفكير الاسلاميين و هو قولهم "وجود قيم مشتركة بين الاسلام و الغرب".
على كل حال لم يقف موقف الجماعة الاسلامية عند هذا الحد بل تعداه إلى مواقف أخرى أكثر وضوحا في روح الصداقة مع الولايات المتحدة فقد أصدرت الجماعة الاسلامية بيانا آخر عقب زيارة أوباما للقاهرة بعنوان "خطاب أوباما بجامعة القاهرة.. خطوة جيدة في الاتجاه الصحيح" و مما ورد فيه النص على : " تضمن الخطاب أفكاراً في الاتجاه الصحيح عكست تغييراً إيجابيا ً في مواقف الإدارة الأميركية غير كامل وتحتاج إلى مزيد من النقاش مع الإدارة الأميركية لتطوير موقفها منها" و سرد البيان العوامل التي ستجعل أوباما ينجح في اتجاهه الجديد حسب تعبير البيان و ذكر منها:
"- ترجمة أوباما للأقوال والأفكار التي طرحها إلى أفعال دون تأخير.
- فتح أوباما باب الحوار مع من يقبل ذلك من طالبان والقاعدة على أساس إتمام الانسحاب من أفغانستان وتحقيق المصالح المتبادلة وحق أفغانستان في أن تحيا وفق المنهج الإسلامي الذي تختاره.
- التفاعل الإيجابي من كل المعنيين في العالم الإسلامي مع هذه الأفكار بمناقشتها ودعم الصحيح منها والقيام بمبادرات تدعم منطق التواصل الحضاري مع أميركا.
- التعامل الموضوعي مع هذه الأفكار دون تفاؤل مفرط أو شك قاتل, فالتفاؤل المرضي بما يمكن أن تحققه هذه الأفكار للتعامل الصحيح معها ضار تماماً مثل الشك القاتل الذي لا يتيح لها فرصة للحياة لاختبارها.
- وسينتظر العالم الإسلامي مترقباً المبادرات التي سيعلنها أوباما سواء في اتجاه دعم حقوق المسلمين بأميركا أو في فلسطين أو العراق أو في أفغانستان أو تجاه الأسري بالسجون الأميركية وعلى رأسهم الدكتور عمر عبد الرحمن ليحكموا على أوباما.. هل هو رجل أقوال أم أفعال؟
- وأملنا أن يمنح العالم الإسلامي بتنويعاته المختلفة الفرصة لأوباما قبل أن يحكموا عليه"
و ختم البيان بعبارة:
"مرحباً أوباما وفي انتظار المزيد من المواقف العادلة"
و إذا كانت بيانات الجماعة الاسلامية بشأن الولايات المتحدة بها قدر من التوازن الذي لا يخفي معه روح الصداقة تجاه الادارة الأمريكية, فإن مقالا لرئيس تحرير الموقع الرسمي للجماعة الدكتور ناجح ابراهيم يظهر صداقة الجماعة للولايات المتحدة بشكل أكثر وضوحا, فتحت عنوان " تأملات داعية في خطاب أوباما في جامعة القاهرة" يقول ناجح ابراهيم: " أنه أول رئيس أمريكي أو غربي يشيد هذه الإشادة القوية بالإسلام وحضارته وأثرها الطيب على العالم كله.. وهو كذلك أول رئيس أمريكي وغربي يذكر آيات من القرآن الكريم في سابقة فريدة وعجيبة.
ومن الإيجابيات أيضا..ً التواضع في حديثه وعدم التكبر وإشادته بجامعة الأزهر.. وقبل ذلك التزامه بخلع نعله عند دخوله مسجد "السلطان حسين".. وتركه للعنجهية الكاذبة واحتقار الآخرين الذي كان نهجا َ متبعاً لسلفه جورج بوش.
كما أعطى هذا الخطاب فرصة تاريخية لطالبان في أفغانستان وباكستان لبدء مفاوضات جادة لرحيل القوات الأجنبية عنها.. ولم يشترط "أوباما" سوى شرطاً واحد لذلك هو عدم استهداف الأمريكيين بالقتل أو العنف بعد ذلك.. وهذا مطلب طبيعي من رئيس مهمته الأولي الدفاع عن شعبه.
- كما أن هذا الخطاب يعتبر فرصة تاريخية للقاعدة لإنهاء حربها مع أمريكا.. والتي بدأتها القاعدة بأحداث 11 سبتمبر.. والتي كانت سبباً رئيسياً في احتلال أفغانستان وتمهيداً لاحتلال العراق..
- إذ أن قادة القاعدة يمكنهم الآن إعلان وقف شامل لعملياتهم ضد الولايات المتحدة الأمريكية.. وسيكون ذلك في صالحهم قبل ُأي أحد آخر.."
و حاول ناجح أن يجعل مقاله متوازنا فقال: "أما عن سلبيات الخطاب فهي كثيرة أيضاً.. ولكنها تنبع من قاعدة واحدة.. وهي أن "أوباما"كغيره من الرؤساء الأمريكيين لهم ثوابت في السياسة الأمريكية لم ولن تتغير.. ومن الصعب على"أوباما" تجاوزها بسهولة أو القفز عليها بيسر حتى وإن أراد ذلك." فناجح هنا يقبل بما يقدمه أوباما و يشيد به رغم انه يعلم انه قليل و أن هامش حرية الحركة لأوباما محدودة بشأن مصالح العالم الاسلامي.
و مقال ناجح رغم أنه حاول دون جدوى أن يلبس ثوب التوازن مثله مثل سائر بيانات الجماعة الاسلامية ازاء الولايات المتحدة لكنه كشف عن وجهه ووجهته الحقيقية عندما ختم مقاله بقوله " وأسأل الله أن يوفق العرب والمسلمين لجمع كلمتهم على كلمة سواء للاستفادة القصوى من فترة "أوباما" في الرئاسة الأمريكية, وقبول المتاح والممكن إذا لم يستطيعوا تحقيق الأمثل والأكمل.. والبناء على هذا المتاح والاستفادة من تجارب العرب المتكررة في رفض المتاح والممكن مع عدم القدرة على تحقيق الأمثل والأفضل بل وعدم السعي لتحقيقه وما رفضهم لتقسيم 48 الذي اقترحته الأمم المتحدة منا ببعيد.." و بهذا الوضوح تظهر الجماعة الاسلامية أكثر وضوحا في انبطاحها ازاء الولايات المتحدة أكثر من أغلب حكام العرب المنبطحين و الذين يوارون انبطاحهم بالعديد من الشعارات الكاذبة.
و لكن هل الجماعة الاسلامية هي الصديق الوحيد للولايات المتحدة بين الاسلاميين؟
الأحداث تجيب بـ "لا" فالداعية الاسلامي المشهور عمرو خالد اشتهر بحضوره الحفلات التي تقيمها السفارة الأمريكية بالقاهرة بمناسبة عيد استقلال الولايات المتحدة رغم الانتقادات العديدة التي وجهت له بهذا الصدد من العديد من الاسلاميين و القوميين, كما كانت وزارة الخارجة الأمريكية قد رحبت بزيارة "عمرو خالد " إلى واشنطن، بعد أن اختارته مجلة " التايم" الأمريكية ضمن مائة شخصية تعتبرهم الأكثر تأثيرا في العالم ، لتسلط عليه الضوء وتقدمه للخارجية الأمريكية ولمراكز صناعة القرار التى تشغل نفسها بالبحث عن سيناريوهات مختلفة للمستقبل فى المنطقة، أو تبحث عن نوع من الإسلام المعتدل، وقد رأت المجلة فى عمرو خالد هذا النموذج.
كما كان "عمرو خالد" قد أعلن (العام الماضي) أنه لن يتردد في مصافحة وزيرة خارجية الكيان الصهيوني"تسيبي ليفني" إذا التقيا فى الحفل الذي كانت ستقيمه مجلة "تايم" لتكريمهما ضمن مائة شخصية تعتبرهم المجلة الأكثر تأثيرا في العالم.
وقالت الباحثة اليهودية "سامنتا شابيرو" في مقارنتها بين "عمرو خالد" وبين العلامة "يوسف القرضاوى" : إن القرضاوى يتحدث كثيرا عن ضرورة دعم المقاومة فى العراق وفلسطين فى حين أن "عمرو خالد" لا يفعل ذلك بل إنه يقول لجمهوره إن أفضل وسيلة لتحرير القدس هى أن ينجح المسلم فى عمله ودراسته وأن يساعد الآخرين على مزيد من التدين!
جاء ذلك في دراسة لها اهتمت فيها بتقديم عمرو خالد لمراكز صناعة القرار فى أمريكا ، تحت عنوان « مد يد العون لمسلم متطلع» و تضمنت لقاء مع مسئول فى الخارجية الأمريكية قال: إن موظفى الخارجية يرحبون بعمرو خالد إذا جاء إلى واشنطن حتى يعرف الجميع أنه لا مشكلة لواشنطن مع الإسلام المعتدل أو حتى المحافظ !!
و يرى بعض المحللين أن عمرو خالد صاحب مشروع سياسى طموح ومن البداية كان حريصا على صياغة مشروع سياسى إسلامى يلاقى قبول الغرب. وبالتحديد الولايات المتحدة الأمريكية، هذا المشروع له جاذبية كبيرة ليس لأنه أصيل فى حد ذاته ولكن لأنه ينطوى على شىء من كل شىء تماما مثل عمرو نفسه، يعرف شيئا من الدين وشيئا من الإدارة وشيئا من الخبرة فى البيزنس، وشيئا من السياسة، علاقة غير أصيلة لكنها خليط مطلوب من مصالح ومراكز قوى سيكون لها تأثير كبير فى المستقبل.
وقد زار عمرو خالد العاصمة الأمريكية واشنطن عدة مرات، و شارك في العديد من الأنشطة و الندوات و المقابلات من أهمها محاضرة في مركز التفاهم الإسلامي المسيحي بجامعة جورج تاون تحت عنوان "التعايش المشترك"، وإلقاء محاضرة في ندوة نظمها مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية "كير" والجمعية الإسلامية في أمريكا الشمالية "إسنا" تحت عنوان "أمسية مع عمرو خالد".
كذلك استضاف معهد بروكينجز عمرو خالد ليتحدث في جلسة خاصة مقصورة على مجموعة من المدعوين فقط عن موضوع "خلق ثقافة التعايش المشترك"، وشارك عمرو خالد الحديث عن هذا الموضوع الصحفية المرموقة روبين رايت، المراسلة الدبلوماسية لصحيفة واشنطن بوست. وتضمنت دعوة معهد بروكينجز لمحاضرة عمرو خالد الإشارة إلى كونه "أحد أهم الأصوات البارزة والمؤثرة في العالم العربي"(!!).
و منذ أيام حث الداعية عمرو خالد الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، على الوفاء بوعده في فتح صفحة جديدة مع العالم الإسلامي على أساس الاحترام المتبادل، داعيا في الوقت نفسه إلى "وقفة عربية أمريكية" لمكافحة الفقر.
وأضاف عمرو خالد في كلمته خلال أنشطة "منتدى أمريكا والعالم الإسلامي" التي عقدت بالدوحة أن العرب والمسلمين لا يريدون من أمريكا أكثر من الاحترام المتبادل والتعاون في المصالح المشتركة، مطالبا الجانبين بوقفة مشتركة ضد الفقر والجهل والمرض باعتبارهم "العدو المشترك".
و لا تقتصر صداقة الولايات المتحدة لدى بعض الاسلاميين على المصريين بل هناك اسلاميون من دول اخرى قد عبروا عن روح صداقة للولايات المتحدة لاسيما بعد خطاب أوباما بجامعة القاهرة و لعل أبرزهم الداعية السعودي الشهير جدا عائض القرني صاحب كتاب "لا تحزن" و هو الكتاب الاسلامي الأكثر مبيعا بين الكتب العربية المعاصرة على مستوى العالم بالعديد من اللغات.
فقد طالب د.عائض القرني في تصريحات لقناة "العربية"، عقب خطاب الرئيس باراك أوباما من جامعة القاهرة باحسان الظن بالرئيس الأمريكي واصفا خطابه بأنه إيجابي "بل أعظم ما سمعته من حاكم واستشهد بمفردات من القرآن".
وشدد على أنه "يجب أن نمد أيدينا لمن يمد يده لنا فهو قال السلام عليكم ونحن نرد السلام". مشيرا إلى استخدامه لمفردات اسلامية مثل التسامح والاعتراف بالدين الاسلامي كدين عظيم، مشيدا به، كما تحدث عن الاسلام كجزء من أمريكا وأن حرية التعبير متاحة للمسلمين فيها، وقال القرني: هذا خطاب جديد يجب أن ندعمه.
ودعم داعية اسلامي آخر رأي القرني و هو الشيخ محمد النجيمي الذي وصف بدوره في حديث لـ"العربية. نت" خطاب أوباما بأنه "أفضل خطاب سمعته من حاكم غربي على الإطلاق، خلال العقود الثلاثة الماضية على الأقل".
وقال ان استشهاد الرئيس الأمريكي بآيات من القرآن الكريم يبرهن على انه يحسن الخطاب للعالم الإسلامي وعلى ثقافته الإسلامية وانه يفهم العالم الإسلامي جيدا.
وأيد النجيمي بشدة توجه أوباما قائلا إن على العالم العربي والإسلامي تشجيع توجه الرئيس الأمريكي، معتبرا أنه بداية لحوار إسلامي–مسيحي, أو إسلامي– غربي يقوم على إحترام الأديان والثقافات.
وأشار إلى ان أوباما سبق وان صرح قبل زيارته للشرق الأوسط بأنه لايمكن للولايات المتحدة أن تفرض ثقافتها على الأخرين.
وقال إن على المنظمات الإسلامية ومراكز الحوار أن تفعل خطاب أوباما على المستويات الدينية والثقافية و السياسية والإجتماعية.
واضاف أن هذا الخطاب هو حجر الزاوية في إزالة التوتر لاصلاح العلاقة بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي بعد ما لحق بها من ضرر في عهد الادارة السابقة.
و تأتي التصريحات التي تتعامل مع ظواهر الأمور لتعكس أزمة العمل السياسي لدى كثير من أبناء التيارات الاسلامية حيث أنهم يتعاملون مع القضايا السياسية بروح خطيب الجمعة أو بروح طالب العلم الشرعي المبتدئ الذي يتعامل مع ظواهر النصوص دون أن يتعمق في مقاصدها و أبعادها و مآلاتها, و بالتالي فإن هذه النوعية من الدعاة رغم ما تحققه من انجازات في مجال الدعوة فإن آرائها تبدو سطحية جدا و ساذجة إذا أقحموا أنفسهم في مجال السياسة دون ان يتأهلوا له مسبقا.
لقد تباينت مواقف الاسلاميين من زيارة أوباما لمصر و توجيه خطابه للعالم الاسلامي فمن ترقب إخواني قبل الزيارة و انتقاد لأوباما عقب الخطاب إلى هجوم أسامة بن لادن و تحريض أيمن الظواهري الشعب المصري على الزائر و زيارته, بجانب الصمت السلفي المعهود و الذي يعبر عن عدم اكتراث بالحدث و التقليل من شأنه.
فقد أصدرت جماعة الاخوان المسلمين بيانا بعد انتهاء زيارة أوباما للقاهرة قالت فيه:" إن أوباما بإدارته ككل حكام أمريكا يكيلون بمكيالين، وكان هدف خطابه دغدغة مشاعر المسلمين", ودللت الجماعة على اتهامها للرئيس الأمريكى، بتركيزه في الخطاب على أسطورة المحرقة النازية التي وقعت لليهود، متجاهلاً الجرائم والإبادة والتطهير العرقي والمجازر الوحشية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، فضلاً عن وصفه المقاومة الفلسطينية بـ"العنيفة". وأضاف البيان:" إن العبارات العاطفية واللغة واللباقة التي استخدمها أوباما في خطابه، حاول بها كسب مشاعر المسلمين، لكنها لا تحقق عدلاً ولا تسترد حقاً للمسلمين، سواء فى فلسطين أو العراق أو أفغانستان أو باكستان أو غيرها من بلاد العالم الإسلامي، التي يراق فيها الدم المسلم ليل نهار بتخطيط ومكر من قبل الإدارات الأمريكية المتتابعة".
واعتبرالاخوان المسلمون أن الخطاب لن ينطلي على العرب والمسلمين، لأنه مجرد تغيير في الأسلوب والتكتيك في بعض القضايا، بما يؤكد سياسة التدخل الناعم للإدارة الأمريكية، بدلاً من استخدام الآلة العسكرية التي مازالت ـ حسب البيان ـ ترتكب جرائم في أفغانستان وباكستان، فضلاً عن الاحتلال الذي مازال جاثماً على صدر العراق.
ووصف البيان الحديث عن الديمقراطية بأنه مقتضب وسطحي، في الوقت الذي تغض الإدارة الأمريكية فيه الطرف عن الديكتاتوريات القائمة والأنظمة الفاسدة الظالمة التي تقهر شعوبها وتهمش دورها.
وقالت جماعة الاخوان المسلمين إن هذا الخطاب عبارة عن مجرد حملة علاقات عامة، لتضييع الفرص، وإضاعة الوقت، ومحاولة لتجميل صورة أمريكا التي تلطخت بالظلم والغزو وجرائم العدوان وإراقة دماء العرب والمسلمين في كل مكان.
و كان أيمن الظواهري قد استبق زيارة أوباما ببيان بعنوان "جلادوا مصر وعملاء أمريكا يرحبون بأوباما" و كان مما قاله فيه: " صرح البيت الأبيض أن أوباما سيرسل من مصر رسالة للعالم الإسلامي، ولكنهم تناسوا أن رسائله قد وصلت فعلا، فقد وصلت رسالته للعالم الإسلامي حينما زار حائط المبكى، ووضع على رأسه قلنسوة اليهود، وصلى صلاتهم، وهو الذي يزعم أنه مسيحي. ووصلت رسالته للعالم الإسلامي حينما خطب في اللوبي الصهيوني (إيباك) خطبته، التي تعهد فيها ببقاء القدس عاصمة أبدية موحدة لإسرائيل، والتي تعهد فيها أيضا بالدعم الكامل لإسرائيل، وبدعم الطبيعية اليهودية لإسرائيل, ووصلت رسالته للمسلمين لما وافق وأقر العدوان الصهيوني على غزة، ووصلت رسالته للمسلمين لما توعد وهدد بإرسال المزيد من الجنود لأفغانستان، ومزيد من القصف لمناطق القبائل في باكستان، ووصلت رسالته لما أدار الحملة الدموية ضد المسلمين في سوات، ووصلت رسالته للمسلمين من السجون السرية والعلنية، التي تشرف إدارته عليها، بل ومن توسيع السجون الحالية مثل سجن باجرام في أفغانستان، لاستقبال المزيد من الضحايا المسلمين، ووصلت رسالته للمسلمين لما استمر في رفض تطبيق اتفاقيات جنيف الخاصة بالأسرى على المسلمين في الحرب الصليبية على الإسلام، التي يسمونها بالحرب على الإرهاب، ووصلت رسالته للمسلمين لما رفض أن يحضر وفد من بلاده مؤتمر مكافحة العنصرية في جنيف حرصا على مشاعر إسرائيل، ووصلت رسالته للمسلمين لما هدد بالتدخل في باكستان للحفاظ على أسلحتها النووية، أي أنه يعتبر أن تلك الأسلحة ملك لأمريكا وتحت سيطرتها، وعليها أن تحافظ عليها، ووصلت رسالته للمسلمين عبر فوهات مدافع الجيوش الأمريكية الجرارة، التي تحتل جزيرة العرب وأفغانستان والعراق رسائله الدموية وصلت ولا زالت تصل للمسلمين، ولن تحجبها حملات العلاقات العامة ولا الزيارات المسرحية ولا الكلمات المنمقة".
و رغم هذه المعارضة الواضحة في موقف الاخوان المسلمين من الادارة الأمريكية, و كذلك العداء الحاد من قبل أيمن الظواهري الرجل الثاني في تنظيم القاعدة, فإن هناك من الحركات الاسلامية و الدعاة من كان لهم موقف آخر.
فقد رحبت الجماعة الاسلامية بزيارة أوباما قبل إن تبدأ و زادت من ترحيبها بعدها بل و أطلقت مبادرة تدعو العالم الاسلامي و منظمة القاعدة و طالبان إلى ما أسمته بالاستجابة إلى مبادرة أوباما تجاه العالم الاسلامي.
و ترجع بداية الجماعة الاسلامية مع أوباما عقب انتخابه مباشرة عندما اصدرت بيانا بعنوان "مرحبا أوباما و في انتظار المواقف العادلة" و عندما قرر أوباما زيارة مصر و توجيه خطابه للعالم الاسلامي من جامعة القاهرة أصدرت الجماعة الاسلامية بيانها بعنوان "أهلا أوباما.. مصلحة أمريكا مع من؟" و كان مما ورد في البيان قولهم " السؤال الأهم هو: مصالح أمريكا أين؟
- والإجابة المنطقية تقول: مصالح أمريكا مع العالم الإسلامي أكبر وأشمل من أن تكون مع أي طرف أخر.
- فالعالم الإسلامي يملك الموقع الإستراتيجي والثروة البترولية والأسواق الواسعة فضلاً عن ميراث الإسلام الذي يعترف بالديانات السماوية السابقة عليه رغم عدم اعتراف أتباع تلك الأديان به, ووجود رصيد من القيم المشتركة بين الإسلام والغرب يمهد للتواصل ويحقق إمكانية التعاون على ما فيه خير البشرية" و البيان في هذه النقطة يتكلم بصراحة برجماتية جدا في اطار مساومة الولايات المتحدة لاعطائها ما تريده من موارد العالم الاسلامي الاقتصادية أو حتى الاستراتيجية مقابل أن تتعاون الولايات المتحدة مع العالم الاسلامي في قضاياه, لكن هذه الصيغة فيها تعبير غريب عن تفكير الاسلاميين و هو قولهم "وجود قيم مشتركة بين الاسلام و الغرب".
على كل حال لم يقف موقف الجماعة الاسلامية عند هذا الحد بل تعداه إلى مواقف أخرى أكثر وضوحا في روح الصداقة مع الولايات المتحدة فقد أصدرت الجماعة الاسلامية بيانا آخر عقب زيارة أوباما للقاهرة بعنوان "خطاب أوباما بجامعة القاهرة.. خطوة جيدة في الاتجاه الصحيح" و مما ورد فيه النص على : " تضمن الخطاب أفكاراً في الاتجاه الصحيح عكست تغييراً إيجابيا ً في مواقف الإدارة الأميركية غير كامل وتحتاج إلى مزيد من النقاش مع الإدارة الأميركية لتطوير موقفها منها" و سرد البيان العوامل التي ستجعل أوباما ينجح في اتجاهه الجديد حسب تعبير البيان و ذكر منها:
"- ترجمة أوباما للأقوال والأفكار التي طرحها إلى أفعال دون تأخير.
- فتح أوباما باب الحوار مع من يقبل ذلك من طالبان والقاعدة على أساس إتمام الانسحاب من أفغانستان وتحقيق المصالح المتبادلة وحق أفغانستان في أن تحيا وفق المنهج الإسلامي الذي تختاره.
- التفاعل الإيجابي من كل المعنيين في العالم الإسلامي مع هذه الأفكار بمناقشتها ودعم الصحيح منها والقيام بمبادرات تدعم منطق التواصل الحضاري مع أميركا.
- التعامل الموضوعي مع هذه الأفكار دون تفاؤل مفرط أو شك قاتل, فالتفاؤل المرضي بما يمكن أن تحققه هذه الأفكار للتعامل الصحيح معها ضار تماماً مثل الشك القاتل الذي لا يتيح لها فرصة للحياة لاختبارها.
- وسينتظر العالم الإسلامي مترقباً المبادرات التي سيعلنها أوباما سواء في اتجاه دعم حقوق المسلمين بأميركا أو في فلسطين أو العراق أو في أفغانستان أو تجاه الأسري بالسجون الأميركية وعلى رأسهم الدكتور عمر عبد الرحمن ليحكموا على أوباما.. هل هو رجل أقوال أم أفعال؟
- وأملنا أن يمنح العالم الإسلامي بتنويعاته المختلفة الفرصة لأوباما قبل أن يحكموا عليه"
و ختم البيان بعبارة:
"مرحباً أوباما وفي انتظار المزيد من المواقف العادلة"
و إذا كانت بيانات الجماعة الاسلامية بشأن الولايات المتحدة بها قدر من التوازن الذي لا يخفي معه روح الصداقة تجاه الادارة الأمريكية, فإن مقالا لرئيس تحرير الموقع الرسمي للجماعة الدكتور ناجح ابراهيم يظهر صداقة الجماعة للولايات المتحدة بشكل أكثر وضوحا, فتحت عنوان " تأملات داعية في خطاب أوباما في جامعة القاهرة" يقول ناجح ابراهيم: " أنه أول رئيس أمريكي أو غربي يشيد هذه الإشادة القوية بالإسلام وحضارته وأثرها الطيب على العالم كله.. وهو كذلك أول رئيس أمريكي وغربي يذكر آيات من القرآن الكريم في سابقة فريدة وعجيبة.
ومن الإيجابيات أيضا..ً التواضع في حديثه وعدم التكبر وإشادته بجامعة الأزهر.. وقبل ذلك التزامه بخلع نعله عند دخوله مسجد "السلطان حسين".. وتركه للعنجهية الكاذبة واحتقار الآخرين الذي كان نهجا َ متبعاً لسلفه جورج بوش.
كما أعطى هذا الخطاب فرصة تاريخية لطالبان في أفغانستان وباكستان لبدء مفاوضات جادة لرحيل القوات الأجنبية عنها.. ولم يشترط "أوباما" سوى شرطاً واحد لذلك هو عدم استهداف الأمريكيين بالقتل أو العنف بعد ذلك.. وهذا مطلب طبيعي من رئيس مهمته الأولي الدفاع عن شعبه.
- كما أن هذا الخطاب يعتبر فرصة تاريخية للقاعدة لإنهاء حربها مع أمريكا.. والتي بدأتها القاعدة بأحداث 11 سبتمبر.. والتي كانت سبباً رئيسياً في احتلال أفغانستان وتمهيداً لاحتلال العراق..
- إذ أن قادة القاعدة يمكنهم الآن إعلان وقف شامل لعملياتهم ضد الولايات المتحدة الأمريكية.. وسيكون ذلك في صالحهم قبل ُأي أحد آخر.."
و حاول ناجح أن يجعل مقاله متوازنا فقال: "أما عن سلبيات الخطاب فهي كثيرة أيضاً.. ولكنها تنبع من قاعدة واحدة.. وهي أن "أوباما"كغيره من الرؤساء الأمريكيين لهم ثوابت في السياسة الأمريكية لم ولن تتغير.. ومن الصعب على"أوباما" تجاوزها بسهولة أو القفز عليها بيسر حتى وإن أراد ذلك." فناجح هنا يقبل بما يقدمه أوباما و يشيد به رغم انه يعلم انه قليل و أن هامش حرية الحركة لأوباما محدودة بشأن مصالح العالم الاسلامي.
و مقال ناجح رغم أنه حاول دون جدوى أن يلبس ثوب التوازن مثله مثل سائر بيانات الجماعة الاسلامية ازاء الولايات المتحدة لكنه كشف عن وجهه ووجهته الحقيقية عندما ختم مقاله بقوله " وأسأل الله أن يوفق العرب والمسلمين لجمع كلمتهم على كلمة سواء للاستفادة القصوى من فترة "أوباما" في الرئاسة الأمريكية, وقبول المتاح والممكن إذا لم يستطيعوا تحقيق الأمثل والأكمل.. والبناء على هذا المتاح والاستفادة من تجارب العرب المتكررة في رفض المتاح والممكن مع عدم القدرة على تحقيق الأمثل والأفضل بل وعدم السعي لتحقيقه وما رفضهم لتقسيم 48 الذي اقترحته الأمم المتحدة منا ببعيد.." و بهذا الوضوح تظهر الجماعة الاسلامية أكثر وضوحا في انبطاحها ازاء الولايات المتحدة أكثر من أغلب حكام العرب المنبطحين و الذين يوارون انبطاحهم بالعديد من الشعارات الكاذبة.
و لكن هل الجماعة الاسلامية هي الصديق الوحيد للولايات المتحدة بين الاسلاميين؟
الأحداث تجيب بـ "لا" فالداعية الاسلامي المشهور عمرو خالد اشتهر بحضوره الحفلات التي تقيمها السفارة الأمريكية بالقاهرة بمناسبة عيد استقلال الولايات المتحدة رغم الانتقادات العديدة التي وجهت له بهذا الصدد من العديد من الاسلاميين و القوميين, كما كانت وزارة الخارجة الأمريكية قد رحبت بزيارة "عمرو خالد " إلى واشنطن، بعد أن اختارته مجلة " التايم" الأمريكية ضمن مائة شخصية تعتبرهم الأكثر تأثيرا في العالم ، لتسلط عليه الضوء وتقدمه للخارجية الأمريكية ولمراكز صناعة القرار التى تشغل نفسها بالبحث عن سيناريوهات مختلفة للمستقبل فى المنطقة، أو تبحث عن نوع من الإسلام المعتدل، وقد رأت المجلة فى عمرو خالد هذا النموذج.
كما كان "عمرو خالد" قد أعلن (العام الماضي) أنه لن يتردد في مصافحة وزيرة خارجية الكيان الصهيوني"تسيبي ليفني" إذا التقيا فى الحفل الذي كانت ستقيمه مجلة "تايم" لتكريمهما ضمن مائة شخصية تعتبرهم المجلة الأكثر تأثيرا في العالم.
وقالت الباحثة اليهودية "سامنتا شابيرو" في مقارنتها بين "عمرو خالد" وبين العلامة "يوسف القرضاوى" : إن القرضاوى يتحدث كثيرا عن ضرورة دعم المقاومة فى العراق وفلسطين فى حين أن "عمرو خالد" لا يفعل ذلك بل إنه يقول لجمهوره إن أفضل وسيلة لتحرير القدس هى أن ينجح المسلم فى عمله ودراسته وأن يساعد الآخرين على مزيد من التدين!
جاء ذلك في دراسة لها اهتمت فيها بتقديم عمرو خالد لمراكز صناعة القرار فى أمريكا ، تحت عنوان « مد يد العون لمسلم متطلع» و تضمنت لقاء مع مسئول فى الخارجية الأمريكية قال: إن موظفى الخارجية يرحبون بعمرو خالد إذا جاء إلى واشنطن حتى يعرف الجميع أنه لا مشكلة لواشنطن مع الإسلام المعتدل أو حتى المحافظ !!
و يرى بعض المحللين أن عمرو خالد صاحب مشروع سياسى طموح ومن البداية كان حريصا على صياغة مشروع سياسى إسلامى يلاقى قبول الغرب. وبالتحديد الولايات المتحدة الأمريكية، هذا المشروع له جاذبية كبيرة ليس لأنه أصيل فى حد ذاته ولكن لأنه ينطوى على شىء من كل شىء تماما مثل عمرو نفسه، يعرف شيئا من الدين وشيئا من الإدارة وشيئا من الخبرة فى البيزنس، وشيئا من السياسة، علاقة غير أصيلة لكنها خليط مطلوب من مصالح ومراكز قوى سيكون لها تأثير كبير فى المستقبل.
وقد زار عمرو خالد العاصمة الأمريكية واشنطن عدة مرات، و شارك في العديد من الأنشطة و الندوات و المقابلات من أهمها محاضرة في مركز التفاهم الإسلامي المسيحي بجامعة جورج تاون تحت عنوان "التعايش المشترك"، وإلقاء محاضرة في ندوة نظمها مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية "كير" والجمعية الإسلامية في أمريكا الشمالية "إسنا" تحت عنوان "أمسية مع عمرو خالد".
كذلك استضاف معهد بروكينجز عمرو خالد ليتحدث في جلسة خاصة مقصورة على مجموعة من المدعوين فقط عن موضوع "خلق ثقافة التعايش المشترك"، وشارك عمرو خالد الحديث عن هذا الموضوع الصحفية المرموقة روبين رايت، المراسلة الدبلوماسية لصحيفة واشنطن بوست. وتضمنت دعوة معهد بروكينجز لمحاضرة عمرو خالد الإشارة إلى كونه "أحد أهم الأصوات البارزة والمؤثرة في العالم العربي"(!!).
و منذ أيام حث الداعية عمرو خالد الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، على الوفاء بوعده في فتح صفحة جديدة مع العالم الإسلامي على أساس الاحترام المتبادل، داعيا في الوقت نفسه إلى "وقفة عربية أمريكية" لمكافحة الفقر.
وأضاف عمرو خالد في كلمته خلال أنشطة "منتدى أمريكا والعالم الإسلامي" التي عقدت بالدوحة أن العرب والمسلمين لا يريدون من أمريكا أكثر من الاحترام المتبادل والتعاون في المصالح المشتركة، مطالبا الجانبين بوقفة مشتركة ضد الفقر والجهل والمرض باعتبارهم "العدو المشترك".
و لا تقتصر صداقة الولايات المتحدة لدى بعض الاسلاميين على المصريين بل هناك اسلاميون من دول اخرى قد عبروا عن روح صداقة للولايات المتحدة لاسيما بعد خطاب أوباما بجامعة القاهرة و لعل أبرزهم الداعية السعودي الشهير جدا عائض القرني صاحب كتاب "لا تحزن" و هو الكتاب الاسلامي الأكثر مبيعا بين الكتب العربية المعاصرة على مستوى العالم بالعديد من اللغات.
فقد طالب د.عائض القرني في تصريحات لقناة "العربية"، عقب خطاب الرئيس باراك أوباما من جامعة القاهرة باحسان الظن بالرئيس الأمريكي واصفا خطابه بأنه إيجابي "بل أعظم ما سمعته من حاكم واستشهد بمفردات من القرآن".
وشدد على أنه "يجب أن نمد أيدينا لمن يمد يده لنا فهو قال السلام عليكم ونحن نرد السلام". مشيرا إلى استخدامه لمفردات اسلامية مثل التسامح والاعتراف بالدين الاسلامي كدين عظيم، مشيدا به، كما تحدث عن الاسلام كجزء من أمريكا وأن حرية التعبير متاحة للمسلمين فيها، وقال القرني: هذا خطاب جديد يجب أن ندعمه.
ودعم داعية اسلامي آخر رأي القرني و هو الشيخ محمد النجيمي الذي وصف بدوره في حديث لـ"العربية. نت" خطاب أوباما بأنه "أفضل خطاب سمعته من حاكم غربي على الإطلاق، خلال العقود الثلاثة الماضية على الأقل".
وقال ان استشهاد الرئيس الأمريكي بآيات من القرآن الكريم يبرهن على انه يحسن الخطاب للعالم الإسلامي وعلى ثقافته الإسلامية وانه يفهم العالم الإسلامي جيدا.
وأيد النجيمي بشدة توجه أوباما قائلا إن على العالم العربي والإسلامي تشجيع توجه الرئيس الأمريكي، معتبرا أنه بداية لحوار إسلامي–مسيحي, أو إسلامي– غربي يقوم على إحترام الأديان والثقافات.
وأشار إلى ان أوباما سبق وان صرح قبل زيارته للشرق الأوسط بأنه لايمكن للولايات المتحدة أن تفرض ثقافتها على الأخرين.
وقال إن على المنظمات الإسلامية ومراكز الحوار أن تفعل خطاب أوباما على المستويات الدينية والثقافية و السياسية والإجتماعية.
واضاف أن هذا الخطاب هو حجر الزاوية في إزالة التوتر لاصلاح العلاقة بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي بعد ما لحق بها من ضرر في عهد الادارة السابقة.
و تأتي التصريحات التي تتعامل مع ظواهر الأمور لتعكس أزمة العمل السياسي لدى كثير من أبناء التيارات الاسلامية حيث أنهم يتعاملون مع القضايا السياسية بروح خطيب الجمعة أو بروح طالب العلم الشرعي المبتدئ الذي يتعامل مع ظواهر النصوص دون أن يتعمق في مقاصدها و أبعادها و مآلاتها, و بالتالي فإن هذه النوعية من الدعاة رغم ما تحققه من انجازات في مجال الدعوة فإن آرائها تبدو سطحية جدا و ساذجة إذا أقحموا أنفسهم في مجال السياسة دون ان يتأهلوا له مسبقا.
عبدالمنعم منيب
مواضيع متعلقة:
تعليقات
إرسال تعليق