العلامة ابن خلدون يشرح أزمتنا الحالية في العالم العربي
ظاهرة قيام المتدينين المتحمسين بمحاولة اقامة دولة تحكم بالشريعة أو محاولة السيطرة على الحكم من أجل تطبيق الشريعة و ازالة المنكرات دون الأخذ بالأسباب السياسية و الأمنية و الاستراتيجية المناسبة و الكافية أمر قديم في التاريخ الاسلامي و قد تكلم عنه ابن خلدون في مقدمته فقال: "ومن هذا الباب أحوال الثّوّار القائمين بتغيير المنكر من العامّة والفقهاء فإنّ كثيرا من المنتحلين للعبادة وسلوك طرق الدّين يذهبون إلى القيام على أهل الجور من الأمراء داعين إلى تغيير المنكر والنّهي عنه والأمر بالمعروف ر جاء في الثّواب عليه من الله فيكثر أتباعهم والمتشبسون بهم من الغوغاء والدّهماء ويعرّضون أنفسهم في ذلك للمهالك و أكثرهم يهلكون في هذا السّبيل مأزورين غير مأجورين لأنّ الله سبحانه لم يكتب ذلك عليهم وإنّما أمر به حيث تكون القدرة عليه قال صلّى الله عليه وسلّم: «من رأى منكم منكرا فليغيّره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه»، وأحوال الملوك والدّول راسخة قويّة لا يزحزحها ويهدم بناءها إلّا المطالبة القويّة الّتي من ورائها عصبيّة القبائل والعشائر كما قدّمناه وهكذا كان حال الأنبياء عليهم الصّلاة...