عرض وثيقة ترشيد العمل الجهادى

نشره moneep يوم أحد, 2007-11-18 01:29.
في الوقت الذي يركز المراقبون السياسيون و كثير من الناس إهتمامهم على متابعة تطورات مبادرة تيار الجهاد المصرى فإن أنظار الجميع تتجه لمعرفة مضمون الكتاب الذى يمثل عصب هذه المبادرة لاسيما و أن مؤلفه الدكتور سيد إمام الشريف هو الشخصية الجهادية الأولى المتصدرة لهذه المبادرة في السجون المصرية, كما أن سيد إمام هو المنظر الأول للتيار الجهادى العالمى, كما أن معظم منظرى هذا التيار الحاليين كأمثال أبى محمد المقدسى و أبو قتادة الفلسطينى وغيرهم هم تلامذة له وحتى من لم يتتلمذ عليه شخصيا فإنه تتلمذ على كتبه خاصة كتابه "العمدة في إعداد العدة للجهاد في سبيل الله".و رغم ذلك كله فإن الكتاب لم يتم نشره حتى الآن, ولكننا تمكنا من الحصول على ملخص له نسوقه في السطور التالية ليطلع القراء على مضمون هذا العمل ذى الأهمية السياسية البالغة:في البداية يبدأ الكتاب بهذه العبارة: "نظرا لإتجاه كثير من الشباب هذه الأيام للجهاد في سبيل الله و ملاحظتنا لوقوعهم في بعض الأخطاء الشرعية فإننا كتبنا هذه النصيحة ترشيدا للعمل الجهادى وتنقية له من هذه الأخطاء".ثم يستمر الكتاب الذى اختارعنوان "وثيقة ترشيد العمل الجهادى" إسما له في سرد هذه الملاحظات على النحو التالى:(1) دين الإسلام ملزم لجميع المكلفين و هو الإستسلام و الإنقياد لشرع الله والذى منه الجهاد في سبيل الله و ذلك كله منوط بالإستطاعة.(2) أ- التكليف منوط بالعقل والعلم والقدرة. ب- هناك فرق بين نقل العلم وبين إنزال العلم على الواقع (فتوى العالم). ج- الورع واجب مع ذلك كله و رغم ذلك كله فالنبي صلى الله عليه وسلم قد تورع في تمرة, فالتورع في الدماء والأموال أولى قال تعالى "يا أيها الذين أمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا", فإذا دخلت الشبهة فالكف واجب قال صلى الله عليه وسلم "فمن اتقى الشبهات فقد إستبرأ لدينه وعرضه".د- لا تقبل فتوى من أحد إلا بحجة (الدليل الشرعى) من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس صحيح.وفي مقام الجهاد فهو كغيره من أمور الدين القدرة عليه من شروط وجوبه إلا أن القدرة في الجهاد لا تنحصر في ذات المسلم كالقدرة البدنية والمالية وإنما تتعداه إلى واقع الظروف المحيطة به من الموافقين والمخالفين.ولهذا فقد أثنى الله تعالى على المجاهدين في سبيل الله كما أثنى على أصحاب الكهف لما إعتزلوا قومهم, وكذلك أثنى الله على مؤمن آل فرعون الذى كتم إيمانه, هذا كله بالرغم من أن هؤلاء الثلاثة قد واجهوا نفس الواقع (وهو حشد من المخالفين في الدين) إلا أن ردود أفعالهم التى واجهوا بها ها الواقع قد إختلفت, فهذا جاهد, وهذا إعتزل, وهذا تخفى بدينه, ومع ذلك فالكل محمود لأن كلا منهم قد عمل بما وجب عليه شرعا في وقته ومكانه وحدود إستطاعته.وهكذا يجب على المسلم أن يتفقه في دينه كى يختار الواجب الشرعى المناسب لواقعه وقدرته.والمستضعف والعاجز لا يجب عليهما الجهاد و هو حكم باق إلى أخر الزمان فقد عذر الله تعالى أهل مكة المستضعفين و كذلك نهى الله تعالى المسيح بعد نزوله من السماء عن قتال يأجوج و مأجوج بسبب العجز عن القدرة برغم أن المسيح سيكون معه في ذلك الوقت خيرة المؤمنين في الدنيا وقد إنتصروا على الدجال من قبل, ورد هذا في صحيح مسلم عن النواس إبن سمعان مرفوعا وفيه قال النبى صلى الله عليه وسلم "......فبينما هو كذلك أوحى الله إلى عيسى عليه السلام إنى قد أخرجت عبادا لى لا يدان (أى لا طاقة) لأحد بقتالهم فحرز عبادى إلى الطور, ويبعث الله يأجوج وهم من كل حدب ينسلون فيمر أوائلهم......إلخ" الحديث.(3) فاقد النفقة لا يجب عليه الجهاد, وإن كان فرض عين "ليس على الضعفاء ولا المرضى....." الأية عذرت أصحاب الأعذار في تبوك برغم تعين القتال بقوله إنفروا خفافا وثقالا", ويلزم المجاهد نفقة أهله قال صلى الله عليه وسلم "كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول" الحديث.(4) ومن شروط وجوب الجهاد إذن الوالدين وإذن الدائن بذلك.فقد إتفق الفقهاء على شرط إذن الوالدين في الجهاد الكفائى وبعضهم قال به في فرض العين أيضا حتى لا يضيع الوالدين أو أحدهما, وقد أذن النبى صلى الله عليه وسلم لعثمان في التخلف عن بدر ليمرض زوجته, فالوالد أولى. وذكر الشافعي في الأم:" أنه لا يجوز أن يخرج الرجل للجهاد و هو يخاف على أهله من العدو إذا خرج وتركهم".(5) المحافظة على ذات المسلمين وقوتهم من مقاصد الشريعة:فالمقصود من الجهاد إظهار الدين والتمكين, فالمحافظة على المسلمين و عدم الدفع بهم إلى خوض ما لا يعود على الدين بنفع أو بنصر كالمواجهات المهلكة واجب شرعى.(6) النهى عن الخروج على الحكام في بلاد المسلمين: قال ابن تيمية في منهاج السنة النبوية: "إن الخروج على أئمة الجور كان مذهبا قديما لأهل السنة ثم استقر الإجماع على المنع منه".و من النهى الخاص الوارد في المنع من الخروج على السلطان حديث "من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر فإن من خرج عل السلطان شبرا مات ميتة جاهلية" متفق عليه, ولم يرخص النبى صلى الله عليه وسلم في الخروج إلا إذا كفر السلطان لحديث عبادة وفيه "و أن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان" متفق عليه, قال ابن حجر هنا "إنما تجب مجاهدته على من قدر, ومن تحقق العجز لم يجب عليه القيام في ذلك"انتهى.فهناك فرق بين العلم بكفر السلطان وبين وجوب الخروج عليه فلا يجب عند العجز أو إذا غلبت المفسدة في الخروج, والفقيه يجب عليه أن يختار أهون الشرين و أخف الضررين.(7) النهى عن التعرض بالأذى للأجانب والسياح في بلاد المسلمين:وذلك مستأمنين والأمان متفق بين العلماء على أن كل قول أو إشارة فهم منها الأجنبى أنها أمان فهو آمن حتى لو لم تكن هذه الكلمة أو الإشارة تعني في حقيقتها الأمان وهذا هو هدى الخلفاء الراشدين والصحابة رضى الله عنهم.(8) نهى من دخل البلاد الأجنبية بإذن حكومتها من الغدر بهم: وهذه هى مسألة العمليات الجهادية في دار الحرب و هى لا تجوز لسببين:أ‌- إنتشار المسلمين في معظم بلاد العالم, ولا يجوز قتل المسلمين المختلطين بالكفار بدعوى التترس لأن قتل الترس المسلم ليس في إجازته نص و إنما هو إجتهاد ولا يجوز إلا للضرورة.ب‌- أن من دخل بلاد الكفار بأمانهم لا يحل له أن يخونهم في شئ لحديث "إنا لا يصلح في ديننا الغدر".(9) النهى عن قتل المدنين في بلاد المسلمين :فالناس فيهم مستور الحال, و من هو ظاهره الإسلام أو لم يظهر منه ما ينقض إسلامه, فهذا معصوم الدم والمال طبعا, و "مجهول الحال" وهو لم من لم يظهر منه ما يدل على إسلامه أو كفره وهذا من مواضع التبين الواجب و يجب الكف عنه.فالناس فيهم المسلم وغير المسلم و مستور الحال و مجهول الحال, و إذا إختلط الحلال بالحرام يحرم الكل لحديث:"لايزال المسلم في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما" رواه البخارى, قال ابن تيمية:"لم يقل أحد من علماء السلف بتكفير الشيعة في الجملة........" انتهى من منهاج السنة.(10) من ضوابط التكفير في الشريعة:التكفير حكم شرعى يستلزم النظر في فعل المكلف والنظر في النص القاضى بكفر من فعل هذا الفعل.......هل هو نص صريح في الكفر الأكبر أم محتمل؟؟ ومن هذا نصوص نفى الإيمان, فهى ليست قطعية في الكفر, من قبيل عبارة "لا يؤمن أحدكم حتى...." ونحو ذلك من الأحاديث.و من ذلك أيضا, النظر في حال المكلف من حيث خطأه او نسيانه أو وقوع إكراه عليه, أو إنطباق حالة الجهل المعذور صاحبه عليه.ومن ذلك أيضا, النظر في مسألة إستتابته, لأن له الحق في التوبة.وكذا النظر في مدى القدرة على معاقبته, وهذه لا تكون إلا مع التمكين.و أيضا النظر في المصلحة والمفسدة المترتبة على معاقبته.(11) معاملة أهل الكتاب المقيمين في بلاد المسلمين:فلا خلاف بين العلماء على وجوب معاملتهم بالحسنى وعدم إيذائهم.(12) مسألة جهاد المنفرد:لا يوجد دليل في قوله تعالى "فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك" على وجوب الجهاد على المسلم لو كان وحده.(13)نصيحة لأتباع الجماعات الإسلامية ولعموم المسلمين:تعلم دينك ثم اعمل به.(14) نصيحة لولاة الأمور ببلاد المسلمين:بأن يحكموا الشريعة, ويحدو من الفساد, وتشجيع دعاة الإسلام, وتقويم مناهج التربية والتعليم.كما ينصح ولاة الأمور بإسناد الأمور لأهلها.(15) لابد أن يستبشر المسلمون أجمعون بانتشار الإسلام, وبقائه هو وأهله إلى أخر الزمان.وبهذه النقاط ينهى الدكتور سيد إمام كتابه الذى يمثل وثيقة هامة سيكون لها نتائج كبيرة على مجمل الساحة الإسلامية بعامة وعلى التيارات الجهادية على مستوى العالم بخاصة.ولقد حاولنا في هذا العرض أن يكون وافيا في ضوء ما هو متاح من معلومات عن هذا الكتاب لكننا لا يمكننا أن ندعى بيقين أننا شملنا كل جوانب الكتاب أو تفصيلاته, ولكننا لدينا ظن راجح أنه لم يفتنا من عناصر الكتاب شئ مهم, وعلى كل حال فإن هذا العرض يستمد أهميته الكبرى من أنه يمثل أول معلومات مهمة وتفصيلية يتم نشرها حتى الآن عن هذا الكتاب بغض النظر عن مدى كمالها والكمال لله تعالى وحده وهو ولى التوفيق سبحانه.
عبدالمنعم منيب
ملحوظة: كنت كتبت هذا المقال لموقع "إسلام أون لاين" الأسبوع الماضى ونشره يوم الجمعة الماضى.  

مواضيع متعلقة:
حول مستقبل القاعدة في العراق
 

تعليقات