أثارت أحكام المحكمة العسكرية ضد قادة الإخوان المسلمين مؤخرا العديد من التساؤلات حول مستقبل الصراع السياسي بين الإخوان المسلمين و حكومة الحزب الوطني الحاكم في مصر, ليس فقط لأن الأحكام جاءت قاسية و لكن أيضا لأن الأحكام طالت بقوة أجزاءا من القيادة العليا لجماعة الإخوان المسلمين كنائب المرشد العام (خيرت الشاطر) و المفوض العام للشئون الخارجية (يوسف ندا) و عضو مكتب الإرشاد "الدكتور محمد على بشر", هذا فضلا عن محاولة ضرب البنية الاقتصادية التي تمول الجماعة عبر مصادرة أموال و شركات مليارديرين يعتقد أنهما من ممولي الجماعة (الشاطر و حسن مالك) و الحكم على إخوان الخارج الذين يتهموا عادة بتمويل الجماعة (و على رأسهم يوسف ندا صاحب بنك التقوى الدولي).
و صاحب صدور الأحكام تصعيدا في تصريحات قادة الجماعة بشأن ما عسى أن يكون رد فعلهم على الأحكام.
و مما يثير استغراب المراقبين السياسيين أن الإستراتيجية الحكومية لمواجهة الحركات الإسلامية كانت ترتكز في الماضي على ضرب جسم الحركة و ليس رأسها و ذلك لعدم تكرار الخطأ الذي وقع فيه السادات بقرارات 5 سبتمبر 1981م عندما اعتقل رءوس الحركة الإسلامية جميعا مما فجر الأوضاع, و لكن الأحكام العسكرية الأخيرة ضد قادة الإخوان المسلمين تذكر بسلوك حكومي أشد قمعا كان قد بدأ ضد الجماعة الإسلامية المصرية منذ أحداث عين شمس و المنيا في الأعوام من م1988 و حتى 1990م عندما بدأت الحكومة تعتقل الكوادر الهامة المؤثرة من قادة الجماعة الإسلامية و لا تخرجهم من السجن مهما حصلوا على قرارات قضائية نهائية بالإفراج عنهم, فهل بدأت الحكومة المصرية سياسة الإستئصال الشامل تجاه الإخوان المسلمين بعدما فرغت من خطر الجماعة الإسلامية و الجهاد؟؟
وهل تكرر الحكومة مع جماعة الإخوان المسلمين ما فعلته مع الجماعة الإسلامية و جماعة الجهاد بحيث ترفع راية الحرب ضدها فلا تضعها حتى تقضي على معارضتها تماما؟؟
أم أن الأحكام العسكرية رغم أنها ضربة قاسية لكنها محسوبة بغرض دفع الجماعة لقبول صفقة ما؟؟
و مع ذلك كله كيف سيكون رد فعل جماعة الإخوان المسلمين إزاء ما جرى و ما سيجري ضدها؟؟
مما يؤيد سيناريو الإستئصال أو التحجيم الشديد الرأي الذي يرى أن مصر تمر بمرحلة انتقالية يتم فيها الإعداد لخلافة الرئيس مبارك و من ثم اتمام عملية نقل السلطة للخليفة المرتقب و بالتالي فلابد من سحق كل من عساه أن يفكر في معارضة أو عرقلة هذه العملية كما حدث مع أيمن نور, و لاشك أن مما عزز مخاوف أطراف السلطة من جماعة الإخوان المسلمين أن الإخوان لم يكتفوا بقوتهم الجماهيرية داخل الشارع السياسي بل سعوا لترجمة ذلك إلى شكل يمكنهم من منازعة السلطة الحاكمة و منافستها عبر المنافسة على مقاعد مجالس الشعب و الشورى و المحليات الأمر الذي أشار لإحتمال سعيهم لإستكمال نصاب ترشيح أحد قادتهم لمنصب رئاسة الجمهورية في عام 2011م, و هو العام الذي من المرجح أن يترشح فيه خليفة الرئيس مبارك.
أما سيناريو أن تكون الأحكام العسكرية مجرد ضربة محسوبة رغم قسوتها بهدف دفع جماعة الإخوان المسلمين للقبول بصفقة سياسية ما تتضمن دعم الجماعة لعملية نقل السلطة أو على الأقل التغاضي عنها و عدم معارضتها مقابل العفو عن القادة المحكومين أو تخفيف الأحكام عنهم بالإكتفاء بما قضوه في السجن, مع السماح للجماعة بتأسيس حزب سياسي شرعي, فهذا الرأي تؤيده العديد من الشواهد منها تصريح د.فتحي سرور رئيس مجلس الشعب بأنه يتمنى أن يرى حزبا شرعيا للإخوان و كان هذا التصريح أمام جلسة مشتركة للجنتي الأمن القومي و الدفاع بمجلس الشعب في شهر مارس الماضي, و كذلك لابد أن نلاحظ أن جماعة الإخوان ليست مثل جماعتي الجهاد أو الجماعة الإسلامية فهي أكبر و أقوى سياسيا و اقتصاديا و تنظيميا و دوليا بما لا يمكن مقارنته بحال الجماعتين المذكورتين, كما أن الجهاد و الإسلامية قد ارتكبوا أعمالا مسلحة خصمت من التعاطف الدولي و الحقوقي بل و الجماهيري معهم أما الإخوان فلم يتورطوا في مثل هذا, و من ثم فمن الخطورة على السلطة بمكان أن تلجأ الحكومة لإستخدام أسلوب الإستئصال الشامل معهم.
و هنا يطرح سؤال هام نفسه و هو: هل من الممكن أن يلجأ الإخوان المسلمون للعنف بأي شكل من الأشكال في مواجهة القمع الحكومي؟؟
في الواقع أنه من المستحيل أن تتخذ قيادة الإخوان قرارا بممارسة العنف المسلح في مواجهة القمع الحكومي بسبب خبرات القيادة الواسعة و ادراكها لمخاطر و سوء عواقب مثل هذا القرار, لكن لن تتمكن القيادة من كبح جماح القاعدة العريضة من الإخوان إذا ما تصاعد العنف الحكومي إزاء الجماعة, و حينئذ ستلجأ الجماعة لتحريك المظاهرات و الإضرابات و مساندة سائر الإحتجاجات الشعبية التي يموج بها الشارع المصري هذه الأيام, ليس فقط للضغط على الحكومة و لكن أيضا بهدف احتواء غضب شباب الجماعة و منعهم من اللجوء لأي عنف غير منظم و غير محسوب, و في هذه الحالة لن يمكن منع الصدامات بين الشرطة و مظاهرات الجماعة و قد ينتج عنها مثل ما حصل في المحلة مؤخرا من حرائق و تكسير و اصابات.
و قد نلاحظ أن سيناريو الصفقة أفضل للسلطة من الدخول في صدام مع جماعة كبيرة و قوية مثل الإخوان المسلمين في ظروف يتصاعد فيها طوفان الغضب في الشارع المصري, لاسيما و أن الإخوان قد أرسلوا العديد من الإشارات الإيجابية باتجاه السلطة من خلال عدم مشاركتهم في اضراب أساتذة الجامعات الأخير و كذلك عدم مشاركتهم في اضراب 6 ابريل.
و إذا كان سيناريو الصفقة هو الأفضل بالنسبة للحكومة فهل ستفعله حكومة لا تعرف لغة الحوار مع المعارضين و لا تعرف إزاءهم إلا لغة القمع والإلغاء؟؟
و إذا كان سيناريو الصفقة هو الأفضل بالنسبة للحكومة فهل هو الأفضل بالنسبة للإخوان المسلمين؟؟.
و صاحب صدور الأحكام تصعيدا في تصريحات قادة الجماعة بشأن ما عسى أن يكون رد فعلهم على الأحكام.
و مما يثير استغراب المراقبين السياسيين أن الإستراتيجية الحكومية لمواجهة الحركات الإسلامية كانت ترتكز في الماضي على ضرب جسم الحركة و ليس رأسها و ذلك لعدم تكرار الخطأ الذي وقع فيه السادات بقرارات 5 سبتمبر 1981م عندما اعتقل رءوس الحركة الإسلامية جميعا مما فجر الأوضاع, و لكن الأحكام العسكرية الأخيرة ضد قادة الإخوان المسلمين تذكر بسلوك حكومي أشد قمعا كان قد بدأ ضد الجماعة الإسلامية المصرية منذ أحداث عين شمس و المنيا في الأعوام من م1988 و حتى 1990م عندما بدأت الحكومة تعتقل الكوادر الهامة المؤثرة من قادة الجماعة الإسلامية و لا تخرجهم من السجن مهما حصلوا على قرارات قضائية نهائية بالإفراج عنهم, فهل بدأت الحكومة المصرية سياسة الإستئصال الشامل تجاه الإخوان المسلمين بعدما فرغت من خطر الجماعة الإسلامية و الجهاد؟؟
وهل تكرر الحكومة مع جماعة الإخوان المسلمين ما فعلته مع الجماعة الإسلامية و جماعة الجهاد بحيث ترفع راية الحرب ضدها فلا تضعها حتى تقضي على معارضتها تماما؟؟
أم أن الأحكام العسكرية رغم أنها ضربة قاسية لكنها محسوبة بغرض دفع الجماعة لقبول صفقة ما؟؟
و مع ذلك كله كيف سيكون رد فعل جماعة الإخوان المسلمين إزاء ما جرى و ما سيجري ضدها؟؟
مما يؤيد سيناريو الإستئصال أو التحجيم الشديد الرأي الذي يرى أن مصر تمر بمرحلة انتقالية يتم فيها الإعداد لخلافة الرئيس مبارك و من ثم اتمام عملية نقل السلطة للخليفة المرتقب و بالتالي فلابد من سحق كل من عساه أن يفكر في معارضة أو عرقلة هذه العملية كما حدث مع أيمن نور, و لاشك أن مما عزز مخاوف أطراف السلطة من جماعة الإخوان المسلمين أن الإخوان لم يكتفوا بقوتهم الجماهيرية داخل الشارع السياسي بل سعوا لترجمة ذلك إلى شكل يمكنهم من منازعة السلطة الحاكمة و منافستها عبر المنافسة على مقاعد مجالس الشعب و الشورى و المحليات الأمر الذي أشار لإحتمال سعيهم لإستكمال نصاب ترشيح أحد قادتهم لمنصب رئاسة الجمهورية في عام 2011م, و هو العام الذي من المرجح أن يترشح فيه خليفة الرئيس مبارك.
أما سيناريو أن تكون الأحكام العسكرية مجرد ضربة محسوبة رغم قسوتها بهدف دفع جماعة الإخوان المسلمين للقبول بصفقة سياسية ما تتضمن دعم الجماعة لعملية نقل السلطة أو على الأقل التغاضي عنها و عدم معارضتها مقابل العفو عن القادة المحكومين أو تخفيف الأحكام عنهم بالإكتفاء بما قضوه في السجن, مع السماح للجماعة بتأسيس حزب سياسي شرعي, فهذا الرأي تؤيده العديد من الشواهد منها تصريح د.فتحي سرور رئيس مجلس الشعب بأنه يتمنى أن يرى حزبا شرعيا للإخوان و كان هذا التصريح أمام جلسة مشتركة للجنتي الأمن القومي و الدفاع بمجلس الشعب في شهر مارس الماضي, و كذلك لابد أن نلاحظ أن جماعة الإخوان ليست مثل جماعتي الجهاد أو الجماعة الإسلامية فهي أكبر و أقوى سياسيا و اقتصاديا و تنظيميا و دوليا بما لا يمكن مقارنته بحال الجماعتين المذكورتين, كما أن الجهاد و الإسلامية قد ارتكبوا أعمالا مسلحة خصمت من التعاطف الدولي و الحقوقي بل و الجماهيري معهم أما الإخوان فلم يتورطوا في مثل هذا, و من ثم فمن الخطورة على السلطة بمكان أن تلجأ الحكومة لإستخدام أسلوب الإستئصال الشامل معهم.
و هنا يطرح سؤال هام نفسه و هو: هل من الممكن أن يلجأ الإخوان المسلمون للعنف بأي شكل من الأشكال في مواجهة القمع الحكومي؟؟
في الواقع أنه من المستحيل أن تتخذ قيادة الإخوان قرارا بممارسة العنف المسلح في مواجهة القمع الحكومي بسبب خبرات القيادة الواسعة و ادراكها لمخاطر و سوء عواقب مثل هذا القرار, لكن لن تتمكن القيادة من كبح جماح القاعدة العريضة من الإخوان إذا ما تصاعد العنف الحكومي إزاء الجماعة, و حينئذ ستلجأ الجماعة لتحريك المظاهرات و الإضرابات و مساندة سائر الإحتجاجات الشعبية التي يموج بها الشارع المصري هذه الأيام, ليس فقط للضغط على الحكومة و لكن أيضا بهدف احتواء غضب شباب الجماعة و منعهم من اللجوء لأي عنف غير منظم و غير محسوب, و في هذه الحالة لن يمكن منع الصدامات بين الشرطة و مظاهرات الجماعة و قد ينتج عنها مثل ما حصل في المحلة مؤخرا من حرائق و تكسير و اصابات.
و قد نلاحظ أن سيناريو الصفقة أفضل للسلطة من الدخول في صدام مع جماعة كبيرة و قوية مثل الإخوان المسلمين في ظروف يتصاعد فيها طوفان الغضب في الشارع المصري, لاسيما و أن الإخوان قد أرسلوا العديد من الإشارات الإيجابية باتجاه السلطة من خلال عدم مشاركتهم في اضراب أساتذة الجامعات الأخير و كذلك عدم مشاركتهم في اضراب 6 ابريل.
و إذا كان سيناريو الصفقة هو الأفضل بالنسبة للحكومة فهل ستفعله حكومة لا تعرف لغة الحوار مع المعارضين و لا تعرف إزاءهم إلا لغة القمع والإلغاء؟؟
و إذا كان سيناريو الصفقة هو الأفضل بالنسبة للحكومة فهل هو الأفضل بالنسبة للإخوان المسلمين؟؟.
عبدالمنعم منيب
هذا الموضوع في المدونة القديمة 2008-04-19
تعليقات
إرسال تعليق