(1)
اسرائيل تحرق غزة و العالم كله يتفرج بلا حراك..شئ طبيعي فاسرائيل لها نفوذ بالغ على العالم كله بما يمنع أي حكومة في العالم من أن تفتح فمها بكلمة لوم واحدة على الاجرام الاسرائيلي.
إذن فما الذي يجعل العالم الاسلامي ساكتا كغيره؟
الاجابة بسيطة فحكوماته رهينة أيضا لتأثير النفوذ الاسرائيلي, فلا أمل فيها.
أما شعوب الأمة الاسلامية فهي الأمل الوحيد و هي موضوعنا الذي سنتكلم فيه, و لكن قبل أن نتكلم عن الأمة لا بد من الاشارة لأمر هام جدا و هو أن المذابح و المحارق الاسرائيلية للعرب عامة و الفلسطينيين بصفة خاصة بلاء مزمن بدأ منذ 1948م و حتى الآن, و لم تنجح كل الطرق و الأساليب العربية منذئذ و حتى الآن في التصدي للمشروع الصهيوني و منعه من تحقيق أهدافه, و من هنا كانت أهمية رفض كل الوسائل التي سلكها كل من تصدي لاسرائيل من القادة العرب منذئذ و حتى الآن, من مثل الاعتماد على الأمم المتحدة أو مجلس الأمن أو الدول الكبرى أو المجتمع الدولي أو المنظمات الدولية أو الاقليمية بما في ذلك جامعة الدول العربية و القمم العربية و مبادرات السلام, و القرارات الدولية و ...الخ, فكل ذلك لم يجد نفعا طوال ستين عاما أغرقت فيها اسرائيل العرب في بحر من نار و ذل و دم.
و هذا لا يعني أن نقبل فقط ما طرحته و تطرحه القوى الشعبية العربية من تحركات معتادة كالمظاهرات و الهتافات و الخطب و الشجب والتنديد و نحو ذلك, لأن ذلك كله جربناه أيضا طوال ستين عاما دون جدوى اللهم الا مزيدا من الذل و القهر نترجعهما صباح مساء بطعم العلقم.
اذن فما الحل؟
الحل بيد الشعوب العربية و الاسلامية لكنه حل مختلف عن كل ماسبق, اذ يجب أن تسفعنا النار التي تصلاها غزة لنستيقظ و ننخلع من نمطيتنا التي اعتادت العجز, فننطلق في آفاق التغيير و الاصلاح و من ثم ايقاف المحرقة و المقصود ليس المحرقة الدائرة منذ أيام بل الدائرة منذ 60 عاما ليس في غزة وحدها بل في كل أنحاء العالم الاسلامي.
(2)
الأمة الاسلامية ليست فقيرة في مقومات القوة بل بالعكس هي ثرية في هذه المقومات, لكنها تعيش عصر تدهور سياسي كالذي عاشته أيام الحقبة الصليبية, فعندما هاجم الصليبيون المشرق العربي لم تكن الأمة فقيرة لكنها كانت مبتلاة بحكام مبددين و مستبدين و فاشلين, فهم مبددون بددوا ثروات الأمة و نهبوها, و هم مستبدون انفردوا بالحكم بعيدا عن ارادة الأمة و اختيارها, و هم فاشلون لأنهم فشلوا في كل شئ عدا قمعهم شعوبهم.
كانت الأمة الاسلامية في عصر الهجمة الصليبية وافرة العدد و العدة تملك المال و الرجال و السلاح و الحصون لكنها لم تملك القيادة التي يمكنها أن توظف هذا كله في أي شئ مفيد لأمتها, لقد اقتصرت مهاراتهم فقط على قهر شعوبهم و قمعها و الاستئثار بالحكم دونها.
نفس الشئ نجده اليوم.. الأمة الاسلامية غنية بمقومات القوة لكنها ابتليت بحكام يجثمون على صدورها و لا وظيفة لهم الا قمع شعوبهم و الاستئثار بثروات بلادهم و حراسة المشروع الصهيوني و الغربي في المنطقة بل في العالم, فحكامنا حائط الصد الأول ضد الشعوب الاسلامية المناهضة للمشروع الصهيوني و الغربي.
و من لا يصدق هذا فليتفحص مواقف حكامنا المتشددين و ليس المتهمين بالتواطؤ مع اسرائيل, سنجد أن متشددي حكامنا اليوم جل جهدهم الآن هو الدعوة لعقد قمة عربية طارئة, و دعوة مجلس الأمن الدولي لادانة العدوان الاسرائيلي على غزة, و دعوة الدول العربية المطبعة مع اسرائيل لقطع علاقتها معها أو سحب سفيرها منها!!
بل ان حاكم سوريا زعيم التشدد العربي المزعوم منذ 35 عاما لم تطلق قواته طلقة واحدة تجاه اسرائيل, رغم عربدة قوات اسرائيل مرارا في أرضه و سمائه حتى أن الطائرات الحربية الاسرائيلية اعتادت التنزه فوق القصر الجمهوري السوري من حين لآخر دون أن يطلق عليها طلقة واحدة!!
هذا هو حال حكامنا المتشددين و منه تتبين حال غيرهم من المتنازلين أو المعتدلين أو الموالسين أو ....الخ.
و إلى الغد ان شاء الله.
و من هنا يظهر جانب من الأزمة و هي أزمة القيادة, و لكن ليس الأزمة كلها أزمة قيادة, فهناك أزمة في الشعوب نفسها, كما أن حل أزمة القيادة هو مسئولية الشعوب نفسها, فلا بد أن تخرج من الشعوب قيادة جديدة.
(3)
إذا كنا تبينا أمس أننا نعيش أزمة قيادة, فلابد أن نلاحظ أنها ليست أزمة قيادة في النظام الحاكم فقط بل هي أيضا أزمة قيادة بين علماء الإسلام , و أزمة قيادة داخل الحركة الإسلامية الواسعة بكل تياراتها, و أزمة قيادة داخل تيارات المعارضة بكل أطيافها فالقيادة في هذه التجمعات كلها عاجزة عن التعامل بشكل ناجح مع التحديات المفروضة, هم يحاولون و يجتهدون, لكن حتى الآن لم تظهر القيادة المبدعة التي تستطيع أن تتغلب على العقبات و التحديات المفروضة على امتنا العربية و الإسلامية, نعم هناك تآمر دولي و إقليمي و محلي لمنع هذه الأمة من أن تنهض من جديد و لكن هذا التآمر هو أحد التحديات الكبرى التي يتوجب على القيادة الفذة أن تواجهها و تتغلب عليها.
و إذا كنا نتكلم عن أزمة القيادة و القيادات فينبغي أن نلاحظ أيضا أزمة الأمة أو الشعب أو الجنود, فالله تعالى سيحاسب كل شخص بمفرده عن عمله الشخصي, صحيح أن الحساب يكون بقدر الامكانات و القدرات فحساب العالم ليس كحساب الجاهل و حساب الصحيح ليس كحساب المريض, و لكن في النهاية فالكل سيحاسب عن العمل الشخصي و عن العمل العام, و هناك واجبات عامة على كل مسلم ينبغي أن يقوم بها في الفضاء العام و ذلك من شعب الإيمان التي ذكر النبي صلى الله عليه و آله و سلم أن أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله و أدناها إماطة الأذى عن الطريق, ومن العمل العام رفع الظلم و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بما في ذلك المنكر السياسي و الاقتصادي و المعروف السياسي و الاقتصادي, لا سيما أن المسلم مفروض عليه حفظ مقاصد الإسلام الضرورية الستة و هي بالترتيب:
الدين.
و النفس.
و العقل.
و العرض.
و المال.
والنسل.
و من هنا يمكننا أن ندرك حجم الأزمة في صفوف الشعب المتمثلة في السلبية العامة و عدم السعي للاشتغال بالعمل العام خاصة ما كان منه مختص بالعمل الديني أو السياسي الإصلاحي.
و لكن حتى لا نغالي في تحديد حجم خطيئة الشعب في سلوكه مسلك السلبية تجاه الشأن العام لابد أن نشير لحجم القمع السياسي الذي تعرض له الشعب عبر سنوات طويلة, و من هنا نعود مرة أخرى لدور النخبة (أي القيادة و الناشطين البارزين) التي ينبغي عليها تجاوز هذا التحدي.
(4)
الحاصل فيما يتعلق بموضوعنا الراهن و هو محرقة غزة أننا نحتاج لعمل ذي أهداف بعيدة المدى بجانب الأعمال قريبة المدى, لأن الأعمال قصيرة المدى أثبت الواقع و التاريخ أنها غير مؤئرة فالمحارق و المصائب مازالت تحيق بالمسلمين منذ مئات السنين و لم تجد المواقف و الأعمال قصيرة المدى شيئا, و ما أكثر الاحتجاجات الجماهيرية المناصرة لقضايا المسلمين الدولية و الاقليمية و المحلية و مع ذلك يسير أعداء الأمة بخطى ثابته و يحققون أهدافهم باطراد يحسدون عليه.
أما نحن فنصيبنا الهزيمة و الصياح... نعم لابد من العمل العام و لا بد من الاحتجاج و لابد من السعي للضغط من أجل مناصرة اخواننا المسلمين في كل مكان, و لكن يتحتم ألا يشغلنا ذلك عن العمل طويل المدى بخطى راسخة من أجل النهوض بالأمة نهضة حضارية كبرى تستعيد بها أمجادها التليدة, و لن يتم ذلك الا بأن نجهز اجهازا تاما على أمراضنا الحضارية و الدينية, فنتخلص من قابليتنا للاستعمار و قابليتنا للاستبداد و قابليتنا للظلم و قابليتنا للجهل.
و ذلك لأن أحد أمراضنا الكبرى أن العمل اليومي يستغرقنا و يعوقنا عن العمل بعيد المدى أو العمل الاستراتيجي, و بذا يستنزفنا أعداؤنا باطراد.
و لنتذكر جميعا ما يحدث لنا مع كل حادث أليم تصاب به أمتنا فنجد منا الغضب و الصياح و التظاهر و بعد قليل من أيام أو شهور نمرض بمرض التعود على الألم و التعايش معه و نهدأ و ينتهي صياحنا و مظاهرتنا و في نفس الوقت يترسخ الألم و تتعمق المصيبة و تصبح جزءا من كياننا, فالأراضي المحتلة محتلة و الحكام المستبدون يزدادون استبدادا و قمعا لشعوبهم, فلنحطم التعود و التعايش مع المشاكل و المصائب كي نوجد لها حلولا جذرية و حقيقية و لا نكتفي بالمحاولات الاحتجاجية و الاصلاحية قصيرة المدى قصيرة النفس كيلا تحترق غزة و فسطين و العراق و أفغانستان و كل بلاد الاسلام مرات أخرى في الأعوام القادمة.
اسرائيل تحرق غزة و العالم كله يتفرج بلا حراك..شئ طبيعي فاسرائيل لها نفوذ بالغ على العالم كله بما يمنع أي حكومة في العالم من أن تفتح فمها بكلمة لوم واحدة على الاجرام الاسرائيلي.
إذن فما الذي يجعل العالم الاسلامي ساكتا كغيره؟
الاجابة بسيطة فحكوماته رهينة أيضا لتأثير النفوذ الاسرائيلي, فلا أمل فيها.
أما شعوب الأمة الاسلامية فهي الأمل الوحيد و هي موضوعنا الذي سنتكلم فيه, و لكن قبل أن نتكلم عن الأمة لا بد من الاشارة لأمر هام جدا و هو أن المذابح و المحارق الاسرائيلية للعرب عامة و الفلسطينيين بصفة خاصة بلاء مزمن بدأ منذ 1948م و حتى الآن, و لم تنجح كل الطرق و الأساليب العربية منذئذ و حتى الآن في التصدي للمشروع الصهيوني و منعه من تحقيق أهدافه, و من هنا كانت أهمية رفض كل الوسائل التي سلكها كل من تصدي لاسرائيل من القادة العرب منذئذ و حتى الآن, من مثل الاعتماد على الأمم المتحدة أو مجلس الأمن أو الدول الكبرى أو المجتمع الدولي أو المنظمات الدولية أو الاقليمية بما في ذلك جامعة الدول العربية و القمم العربية و مبادرات السلام, و القرارات الدولية و ...الخ, فكل ذلك لم يجد نفعا طوال ستين عاما أغرقت فيها اسرائيل العرب في بحر من نار و ذل و دم.
و هذا لا يعني أن نقبل فقط ما طرحته و تطرحه القوى الشعبية العربية من تحركات معتادة كالمظاهرات و الهتافات و الخطب و الشجب والتنديد و نحو ذلك, لأن ذلك كله جربناه أيضا طوال ستين عاما دون جدوى اللهم الا مزيدا من الذل و القهر نترجعهما صباح مساء بطعم العلقم.
اذن فما الحل؟
الحل بيد الشعوب العربية و الاسلامية لكنه حل مختلف عن كل ماسبق, اذ يجب أن تسفعنا النار التي تصلاها غزة لنستيقظ و ننخلع من نمطيتنا التي اعتادت العجز, فننطلق في آفاق التغيير و الاصلاح و من ثم ايقاف المحرقة و المقصود ليس المحرقة الدائرة منذ أيام بل الدائرة منذ 60 عاما ليس في غزة وحدها بل في كل أنحاء العالم الاسلامي.
(2)
الأمة الاسلامية ليست فقيرة في مقومات القوة بل بالعكس هي ثرية في هذه المقومات, لكنها تعيش عصر تدهور سياسي كالذي عاشته أيام الحقبة الصليبية, فعندما هاجم الصليبيون المشرق العربي لم تكن الأمة فقيرة لكنها كانت مبتلاة بحكام مبددين و مستبدين و فاشلين, فهم مبددون بددوا ثروات الأمة و نهبوها, و هم مستبدون انفردوا بالحكم بعيدا عن ارادة الأمة و اختيارها, و هم فاشلون لأنهم فشلوا في كل شئ عدا قمعهم شعوبهم.
كانت الأمة الاسلامية في عصر الهجمة الصليبية وافرة العدد و العدة تملك المال و الرجال و السلاح و الحصون لكنها لم تملك القيادة التي يمكنها أن توظف هذا كله في أي شئ مفيد لأمتها, لقد اقتصرت مهاراتهم فقط على قهر شعوبهم و قمعها و الاستئثار بالحكم دونها.
نفس الشئ نجده اليوم.. الأمة الاسلامية غنية بمقومات القوة لكنها ابتليت بحكام يجثمون على صدورها و لا وظيفة لهم الا قمع شعوبهم و الاستئثار بثروات بلادهم و حراسة المشروع الصهيوني و الغربي في المنطقة بل في العالم, فحكامنا حائط الصد الأول ضد الشعوب الاسلامية المناهضة للمشروع الصهيوني و الغربي.
و من لا يصدق هذا فليتفحص مواقف حكامنا المتشددين و ليس المتهمين بالتواطؤ مع اسرائيل, سنجد أن متشددي حكامنا اليوم جل جهدهم الآن هو الدعوة لعقد قمة عربية طارئة, و دعوة مجلس الأمن الدولي لادانة العدوان الاسرائيلي على غزة, و دعوة الدول العربية المطبعة مع اسرائيل لقطع علاقتها معها أو سحب سفيرها منها!!
بل ان حاكم سوريا زعيم التشدد العربي المزعوم منذ 35 عاما لم تطلق قواته طلقة واحدة تجاه اسرائيل, رغم عربدة قوات اسرائيل مرارا في أرضه و سمائه حتى أن الطائرات الحربية الاسرائيلية اعتادت التنزه فوق القصر الجمهوري السوري من حين لآخر دون أن يطلق عليها طلقة واحدة!!
هذا هو حال حكامنا المتشددين و منه تتبين حال غيرهم من المتنازلين أو المعتدلين أو الموالسين أو ....الخ.
و إلى الغد ان شاء الله.
و من هنا يظهر جانب من الأزمة و هي أزمة القيادة, و لكن ليس الأزمة كلها أزمة قيادة, فهناك أزمة في الشعوب نفسها, كما أن حل أزمة القيادة هو مسئولية الشعوب نفسها, فلا بد أن تخرج من الشعوب قيادة جديدة.
(3)
إذا كنا تبينا أمس أننا نعيش أزمة قيادة, فلابد أن نلاحظ أنها ليست أزمة قيادة في النظام الحاكم فقط بل هي أيضا أزمة قيادة بين علماء الإسلام , و أزمة قيادة داخل الحركة الإسلامية الواسعة بكل تياراتها, و أزمة قيادة داخل تيارات المعارضة بكل أطيافها فالقيادة في هذه التجمعات كلها عاجزة عن التعامل بشكل ناجح مع التحديات المفروضة, هم يحاولون و يجتهدون, لكن حتى الآن لم تظهر القيادة المبدعة التي تستطيع أن تتغلب على العقبات و التحديات المفروضة على امتنا العربية و الإسلامية, نعم هناك تآمر دولي و إقليمي و محلي لمنع هذه الأمة من أن تنهض من جديد و لكن هذا التآمر هو أحد التحديات الكبرى التي يتوجب على القيادة الفذة أن تواجهها و تتغلب عليها.
و إذا كنا نتكلم عن أزمة القيادة و القيادات فينبغي أن نلاحظ أيضا أزمة الأمة أو الشعب أو الجنود, فالله تعالى سيحاسب كل شخص بمفرده عن عمله الشخصي, صحيح أن الحساب يكون بقدر الامكانات و القدرات فحساب العالم ليس كحساب الجاهل و حساب الصحيح ليس كحساب المريض, و لكن في النهاية فالكل سيحاسب عن العمل الشخصي و عن العمل العام, و هناك واجبات عامة على كل مسلم ينبغي أن يقوم بها في الفضاء العام و ذلك من شعب الإيمان التي ذكر النبي صلى الله عليه و آله و سلم أن أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله و أدناها إماطة الأذى عن الطريق, ومن العمل العام رفع الظلم و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بما في ذلك المنكر السياسي و الاقتصادي و المعروف السياسي و الاقتصادي, لا سيما أن المسلم مفروض عليه حفظ مقاصد الإسلام الضرورية الستة و هي بالترتيب:
الدين.
و النفس.
و العقل.
و العرض.
و المال.
والنسل.
و من هنا يمكننا أن ندرك حجم الأزمة في صفوف الشعب المتمثلة في السلبية العامة و عدم السعي للاشتغال بالعمل العام خاصة ما كان منه مختص بالعمل الديني أو السياسي الإصلاحي.
و لكن حتى لا نغالي في تحديد حجم خطيئة الشعب في سلوكه مسلك السلبية تجاه الشأن العام لابد أن نشير لحجم القمع السياسي الذي تعرض له الشعب عبر سنوات طويلة, و من هنا نعود مرة أخرى لدور النخبة (أي القيادة و الناشطين البارزين) التي ينبغي عليها تجاوز هذا التحدي.
(4)
الحاصل فيما يتعلق بموضوعنا الراهن و هو محرقة غزة أننا نحتاج لعمل ذي أهداف بعيدة المدى بجانب الأعمال قريبة المدى, لأن الأعمال قصيرة المدى أثبت الواقع و التاريخ أنها غير مؤئرة فالمحارق و المصائب مازالت تحيق بالمسلمين منذ مئات السنين و لم تجد المواقف و الأعمال قصيرة المدى شيئا, و ما أكثر الاحتجاجات الجماهيرية المناصرة لقضايا المسلمين الدولية و الاقليمية و المحلية و مع ذلك يسير أعداء الأمة بخطى ثابته و يحققون أهدافهم باطراد يحسدون عليه.
أما نحن فنصيبنا الهزيمة و الصياح... نعم لابد من العمل العام و لا بد من الاحتجاج و لابد من السعي للضغط من أجل مناصرة اخواننا المسلمين في كل مكان, و لكن يتحتم ألا يشغلنا ذلك عن العمل طويل المدى بخطى راسخة من أجل النهوض بالأمة نهضة حضارية كبرى تستعيد بها أمجادها التليدة, و لن يتم ذلك الا بأن نجهز اجهازا تاما على أمراضنا الحضارية و الدينية, فنتخلص من قابليتنا للاستعمار و قابليتنا للاستبداد و قابليتنا للظلم و قابليتنا للجهل.
و ذلك لأن أحد أمراضنا الكبرى أن العمل اليومي يستغرقنا و يعوقنا عن العمل بعيد المدى أو العمل الاستراتيجي, و بذا يستنزفنا أعداؤنا باطراد.
و لنتذكر جميعا ما يحدث لنا مع كل حادث أليم تصاب به أمتنا فنجد منا الغضب و الصياح و التظاهر و بعد قليل من أيام أو شهور نمرض بمرض التعود على الألم و التعايش معه و نهدأ و ينتهي صياحنا و مظاهرتنا و في نفس الوقت يترسخ الألم و تتعمق المصيبة و تصبح جزءا من كياننا, فالأراضي المحتلة محتلة و الحكام المستبدون يزدادون استبدادا و قمعا لشعوبهم, فلنحطم التعود و التعايش مع المشاكل و المصائب كي نوجد لها حلولا جذرية و حقيقية و لا نكتفي بالمحاولات الاحتجاجية و الاصلاحية قصيرة المدى قصيرة النفس كيلا تحترق غزة و فسطين و العراق و أفغانستان و كل بلاد الاسلام مرات أخرى في الأعوام القادمة.
عبدالمنعم منيب
في المدونة القديمة 2009-01-08 02:33
تعليقات
إرسال تعليق