الاعتقال السياسي منذ تولي مبارك الحكم لم يتم وفق أي قوانين و المعتقلون كانت أغلبيتهم من الاسلاميين من غير الاخوان المسلمين... من مشاهد أيام الإعتقال(1)
الشيخ أحمد النجار رحمه الله الذي اختطفته CIA و سلمته للمخابرات المصرية و تم اعدامه بقرار المحكمة العسكرية |
لكن ماذا عن فلسفة الإعتقال أو دوافعه؟المفترض أن وزير الداخلية لا يلجأ للإعتقال إلا إذا تيقن أن شخص ما يهدد أمن المجتمع بإرتكاب جريمة ما خلال أيام, لكن الوزير لن تتوفر له القدرة على تقديم أدلة تقنع القضاء (الذى هو هنا النيابة العامة) بحتمية إصدار قرار بالقبض عليه, لكنه سيستطيع توفير هذه الأدلة خلال أسابيع, ولذا فهو يعتقل الشخص لمنعه من إرتكاب الجريمة لحين تجهيز الأدلة, ومعنى ذلك أيضا أن تكون الجريمة سترتكب خلال أيام والأدلة خلال أسابيع, لكن لو كانت الجريمة سترتكب خلال شهور و الأدلة ستكون خلال أسابيع أو حتى شهور أقل من موعد الجريمة فلا داعى للإعتقال لأنه يمكنه إستصدار قرار من النيابة العامة بالقبض عليه.على كل حال فكل السطور السابقة هى عن القانون, وليس عن التطبيق, لذلك أرجو من القارئ الكريم أن ينساها تماما, لأن الواقع لايمت لما سبق بصلة, فقرارات الإعتقال لاتنشر في الجريدة الرسمية بعكس ما يقضى القانون.و الإعتقالات تتم بلا معلومات وبلا خوف من جرائم عاجلة أو حتى غير عاجلة في الأغلب الأعم, ويظل المعتقل سنوات طويلة دون أن يقدم ضده أى دليل حقيقى على مخالفته للقانون, ففى حالتى مثلا ظللت معتقلا 14 عاما و ستة شهور دون أى داعى, وقدمتنى الداخلية لنيابة أمن الدولة والتى قدمتنى بدورها للقضاء العسكرى حيث أصدرت المحكمة العسكرية العليا قرارا نهائيا ببرائتى من جميع التهم المنسوبة لى في عامى 1993م و 1999م, ورغم ذلك كله وغيره ظللت قبل هذا وبعده داخل السجن لمدة 14 عاما وستة أشهر, متواصلة, وتوجد آلاف الحالات مثلى.
و آلية هذا الإعتقال الطويل هى تنفيذ أى حكم قضائى نهائى بالإفراج عن المعتقل على الورق فقط بينما المعتقل مختفيا في مكان ما تابع لوزارة الداخلية لعدة أيام بعدها يصدر ضده قرار إعتقال جديد بالتاريخ الجديد كأنه معتقل جديد من بيته بعدما أفرج عنه, هذا رغم أنه لم يخرج من قبضة الشرطة ولم ير الشمس.كل هذا القسم من المقال شرح نظرى مبسط لكنه يتضح أكثر بالقصص الأتية:كانت قوة من الشرطة تجوب الشارع الرئيس في مدينة سوهاج عام 1996م بينما الأخ أحمد عبدالرحيم خلف الله المشهور بأحمد العجلاتى كان واقفا على الرصيف يصلح العجل كعادته كل يوم, فإلتفت الضابط إلى المخبر سائلا ومن هذا؟فرد المخبر: إنه عم أحمد العجلاتى يا باشا راجل غلبان بياكل عيش وفي حاله.فرد الضابط: طب سيبه.لكن الضابط استدرك قائلا: ولا أقولك.....هاته بدل ما نرجع بإيدينا فاضية.و اعتقل عم أحمد العجلاتى لأكثر من عشر سنوات منذئذ.
و في شبرا الخيمة كان الأخ أسامة محمد أحمد الصعيدى في المرحلة الثانوية ووجد أن الأخوة بالمسجد المجاور لهم سيخرجون برحلة ترفيهية لأحد الملاهى سنة 1992م فأخذ قيمة الإشتراك في الرحلة من والدته وذهب مع الأخوة في الرحلة, لكن عندما علمت الأجهزة الأمنية بأمر الرحلة عام 1993م إعتقلوا أسامة و أخوه الأكبر أحمد و أخوه الأكبر منهما ياسر, وكان ياسر و أحمد يعولان الأسرة لأن أباهما كان ميتا, وبعد سنتين أفرجت الداخلية عن أسامة الذى ذهب للرحلة والذي اعتقل بسببه أخواه, أما أخواه ياسر الصعيدى و أحمد الصعيدى فمازالا في السجن حتى الآن.
ولكن مهما كان المعتقلون السياسيون مظلومون فهل لهم إتجاهات فكرية معينة و ما هى هذه الإتجاهات؟؟؟؟بصفتى أحد نشطاء الحركة الإسلامية منذ 1978م (كنت وقتها في المدرسة الإعدادية) فيمكننى بسهولة التمييز بين التيارات الفكرية المختلفة للحركة الإسلامية لكننى لا أريد ذكرها هنا من هذا المنطلق فقط بل بشكل أساسى من واقع معيشتى مع مختلف التيارات في المعتقلات, والهدف من ذلك أن يفهم القارئ من هم المعتقلون السياسيون و ما هو السياق العام لعملية الإعتقال, و أيضا كى يستطيع القارئ تفهم سائر الأبعاد للمشاهد الإجتماعية التى سنذكرها فيما بعد إن شاء الله.
كانت-وما زالت- التيارات الأكثر إعتقالا هى التيارات الإسلامية بعامة و كل من يقترب منها, لكن كان الإخوان أقل التيارات الاسلامية اعتقالا هم و السلفيون و كان للاخوان المسلمين سجون خاصة و المعاملة فيها أحسن حالا من غيرهم كما كان نادرا جدا أن يتعرضوا لتكرار الإعتقال الذى ذكرناه في أول المقال, وذلك كله بسبب المساندة القانونية والإعلامية والسياسية التى يتمتعون بها.
والناس جميعا يعرفون من هم الإخوان بما يغنى عن الحديث عنهم, لكن لا مانع من التذكير بأن معتقلى الأخوان (مثلهم مثل أغلب أعضائهم) من ذوى التعليم الجامعى فما فوقه، ومن أبناء الطبقة الوسطى بكل شرائحها, كما أنهم أكثر إنضباطا وإلتزاما بالمعايير الإسلامية والإخوانية بمافيها حسن الخلق في الحياة الجماعية في الزنازين مع ميول ما للتصوف لدى كثير منهم.
أما بقية التيارات الإسلامية فكان يتم إعتقال أعضائها معا في سجون واحدة بل وفي زنازين واحدة حتى أخر صيف 2002م عندما تم تخصيص سجون أو عنابر مختلفة في كل سجن لكل تيار على حدة.
كان أغلب المعتقلين محسوبين على الجماعة الإسلامية يليهم جماعة أحمد يوسف وهم سلفيون سروريون تم تصنيفهم على أنهم مقربون من الجهاد المصرى يليهم في العدد الشوقيون وهم تياران أحدهما تيار شوقى الشيخ والأخر تيار مصطفى بكرى ثم يأتى بعد ذلك الجهاد المصري ثم جماعة المسلمين المعروفة إعلاميا بجماعة التكفير والهجرة ثم القطبيون ثم السلفيون ثم مجموعات صغيرة من جماعات صغيرة غير مشهورة وكلها تكفيرية.
الشوقيون و جماعة المسلمين هما من الجماعات التكفيرية, لكن جماعة المسلمين تحمل عقيدة الخوارج مع تعديل طفيف, أما الشوقيون فهم يحملون عقيدة أكثر تشددا من الخوارج لكنهم يبررونها بتبريرات مزيفة من كتب أهل السنة, وأغلب أعضاء جماعة المسلمين الشباب هم من أبناء أعضائها القدامى كبار السن و الجيل الشاب هذا لم يدخل المدارس ولا الجامعات لأن الجماعة بعد موت شكرى مصطفى تبنت فكرة الإكتفاء بمدارس تقيمها الجماعة في البيوت, وعادة هم من الحرفيين أو من صغار تجار التجزئة, و إن كان في الجيل الأول بالجماعة جامعيون خاصة المهندسون, ومحمود فهمى أمير الجماعة الحالى مهندس, و أغلب أعضاء هذه الجماعة هم من الطبقة الدنيا أو من الشريحة الدنيا بالطبقة الوسطى.
وشبيه بهم في ذلك الشوقيون لكن الشوقيين أغلبهم من مركز معين بمحافظة الفيوم فيغلب عليهم الطابع الريفى و يندر من كان منهم جامعيا, لكن بهم العديد من الحاصلين على مؤهل متوسط, ويكثر فيهم العاملون بصيد السمك.أعمار أغلب الشوقيين ما بين العشرين والثلاثين مثلهم في ذلك مثل سن أغلب أعضاء الجماعة الإسلامية, لكن الجماعة الإسلامية فيها عدد لا بأس به تحت العشرين, كل هذا طبعا في بداية الإعتقال, والجماعة الإسلامية أغلبها خريجين أو طلبة في مدارس متوسطة, وبعضهم جامعيين, وأغلبها من الطبقة الدنيا لكن بعضها من الطبقة الوسطى, وأغلبهم من محافظات الصعيد.أما الجهاد المصرى فهم خليط من الجامعيين ومن طلبة وخريجى المعاهد المتوسطة لكن الجامعيين أكثر, وهم في غالبيتهم من الشريحة الدنيا في الطبقة الوسطى وبعضهم من الشريحة الإجتماعية الأعلى وبعضهم من الطبقة الدنيا, و أغلبهم من القاهرة الكبرى ومن محافظة الشرقية.
ونلاحظ أن جماعة أحمد يوسف في التعليم مثل جماعة الجهاد وفي الحالة الإجتماعية والإقتصادية مثل الجماعة الإسلامية لكنهم جميعا دون إستثناء من كافة مراكز محافظة بنى سويف فقط.أما القطبيون فهم مع قلتهم يمثلون نخبة من الناحيتين التعليمية والإجتماعية.أما السلفيون فهم من كافة المستويات التعليمية و الإجتماعية ومن كافة الأعمار.
وهكذا تتضح للقارئ الكريم أبرز الملامح الإجتماعية للتيارات الإسلامية المختلفة التى كانت ومازالت موضوعا للإعتقال, لكننا لم نتعرض كثيرا للجوانب الفكرية لئلا نسبب مللا للقارئ, وسوف يرى القارئ في المقالات التالية التطبيقات العملية لذلك من خلال الحياة الإجتماعية للمعتقلين السياسيين إن شاء الله. كيف يتصل المعتقل السياسي بأسرته ؟! كيف يراهم ويرونه كيف يوصل لهم معلومات عن نفسه؟؟ وكيف تصله معلومات عن اهله؟!
في الواقع أن هذا اختلف بإختلاف الاحوال عبر سنين طويلة . وكان الاتصال الطبيعى دائما هو السماح لأسرته بزياره المعتقل نفسه في داخل السجن وكذا السماح لمحاميه بأن يزوره بنفس الطريقة وكان هذا الاتصال الطبيعى مختلفا بإختلاف الاحوال السياسية والامنيه فتراوح ما بين السماح لأسرته بلقاءه على أنفراد حتى درجة إختلاء الزوج بزوجته منفردا أمنا من أن يطلع أى أحد على ما يجرى بينهما مما نتج عنه إنجاب أطفال ووصل أيضا إلى المنع التام من الزيارة وبين هذا وذاك كانت هناك درجات مختلفة من الزيارة مثل الالتقاء بالأهل وبينه وبينهم حاجز واحد من السلك ومثل الالتقاء بالأهل وبينه وبينهم حاجزان من السلك بالاضافه في كل هذا لرقابة لصيقه من الشرطة النظامية والشرطة السرية والشرطة النسائية وغير ذلك . كما كانت هناك صورة من الزيارة تتم عبر الالتقاء المباشر فى مكتب أو غرفة تحت رقابه لصيقة وقوية لأعين وأذان كل أنواع الشرطة المذكورة أنفا . وكن لكل نوع من هذه الانواع من الزيارات مميزاته وعيوبه وقد توهم الكثيرون بشأن هذه المميزات وتلك العيوب توهما عجيبا فظنت الجهات الأمنية أن منع الخلوة الشرعية بالزوجه قد يدفعها للطلاق وأن السماح بالخلوه هذه قد يهديء من المشاكل بين الزوجين كما سيهدئ المعتقل السياسي نفسه فلا يتمرد على إدارة السجن ولا يتمرد على قيادة الجماعة التى ينتمى لها ورغم أن لكل رأى من هذه الاراء وجاهته ولكنى أرى أن هذه الاراء تتسم بقدر لا بأس به من السطحية وعدم الشمول في التفكير بشأن هذه المشكلات العديدة المتصلة بالمعتقل السياسى و أسرته.
و على سبيل المثال فقد استمرت الخلوة الشرعية ممنوعة 12 عاما في المعتقلات السياسية بشكل متصل من 1993م وحتى 2004م مع بعض الإستثناءات الخاصة ببعض السجون ومع ذلك فنسبة الطلاق كانت ضئيلة جدا هذا من ناحية, و من ناحية أخرى فإن هذه النسبة الضئيلة من الطلاق يصعب القول بأن هذا المتغير كان هو سببها الوحيد في حين توجد متغيرات أخرى أشد تأثيرا مثل طول فترة الإعتقال الغير معروف تاريخ نهايته, و مثل إنعدام مصادر الإنفاق على الأسرة, ومثل الضغوط الخارجية على الزوجة منضغوط في قبل الواقع الإجتماعى والسياسى المحيط بها و الذى طالبها صراحة بالطلاق في حالات كثيرة, وكانت هذه المطالبة مصحوبة بضغوط في حالات كثيرة, فكيف حينئذ نجزم بأن صورة الزيارة المسموح بها هى العامل الوحيد المؤثر في حالات الطلاق.ثم ماذا ننتظر من زوجة لا تجد قوت يومها و لا قوت أطفالها حتى لو كانت الزيارة ذات الخلوة مسموح بها كل يوم؟!؟!و كذا بالنسبة للمعتقل السياسي نفسه كيف ننتظر منه أن يهدأ ويستكين بينما يرى واقع أسرته بهذه الحالة أو أزيد منها كما إذا علم أن أولاده فشلوا فى الدراسة أو إنحلوا أخلاقيا أو أدمنوا المخدرات.....وهذه الحالات كلها حدثت بالفعل لدى العديد من أسر المعتقلين السياسيين الإسلاميين, و إن كانت الحالات الصارخة منها محدودة وقليلة العدد لكنها مشهورة, ناهيك عن حالات الوفاة و المرض التى تسارعت لا سيما مع طول المدة لتحصد الأباء والأمهات والأشقاء والشقيقات والزوجات و أحيانا الأولاد.وانطلاقا من هذه المقدمات يمكن للقارئ أن يدرك أن لمنع الزيارة مطلقا مميزات كثيرة تتمثل في أن المعتقل لا يعرف تفاصيل المشكلات التى تواجه أسرته ولا حجم الألام التى يتجرعونها من جراء غيابه في جب الإعتقال غير المحدود النهاية, ونفس الميزة حصلنا عليها من الزيارة عبر حاجزين من السلك وصفوف من الشرطة بأنوعها المختلفة, ذلك لأن الزيارة كانت تتم لعدد كبير جدا من المعتقلين ما بين عشرين إلى أربعين معتقلا في وقت واحد, و كان يزور كل واحد منهم ثلاثة كمتوسط عام, فإذا حسبنا العدد صار عدد الواقفين عل السلك يتكلمون في آن واحد من 40 إلى 160 إنسان وكلهم يتكلمون فى آن واحد لأنهم يرغبون في الإسراع في توصيل كلامهم إلى بعضهم البعض في زيارة كان وقتها المسموح به يتراوح بين دقيقتين وعشر دقائق, وبالتالى فهي زيارة إسما على غير مسمى, إذ لا يسمع أحد أحدا على الإطلاق, وقد كان المعتقلون يعملون فقرات تمثيلية في الزنازين تهكما على هذه الزيارة وفي إطار التسلى والسمر معا في غفلة من السجان, فكان أحد المشاهد كالتالي:
يقول الأول: يا أبى قدم لى في الإمتحان.فيرد الثانى (الذى يقوم بدور الأب في المشهد): بتقول عايز باذنجان.وعلى هذا المنوال تستمر الفقرات التمثيلية الخاصة بالزيارة.ولعل البعض يظن أننى أبالغ في ذكر محاسن منع الزيارة, أو محاسن الزيارة الشكلية المسماة بالزيارة السلكية, ولكننى أسوق هنا عدة قصص حقيقية حصلت فعلا أمامى لأثبت هذا الرأى, و أغلب دارت أحداثها في سجن ليمان طرة وتحديدا في مستشفى هذا السجن والتى تعتبر من أبرز و أقدم المستشفيات المركزية بمصلحة السجون.إذ كان لهذا السجن خصوصية سياسية معينة جعلته السجن الوحيد في ذلك الوقت الذى كانت الزيارة فيه مفتوحة بدون حواجز سلك ولمدة ساعة مرتين في الشهر تحت رقابة لصيقة من الشرطة بأنواعها.
و كانت هذه المستشفى مأوى لكثير من المرضى السياسيين الإسلاميين من جميع سجون مصر, و كانوا يردون إليها فيقضون فيها وقتا يتراوح بين أسابيع وشهور ثم يعودون لسجونهم, فكان المعتقلون السياسيون الإسلاميون يحصلون على ميزة الزيارة هذه بمجرد قدومهم لهذه المستشفى, وكانوا يلتقون بأسرهم لأول مرة منذ سنوات بلا حواجز و أنا شخصيا رأيت إبنى الوحيد حينئذ بعد ولادته بأكثر من خمس سنوات في هذه المستشفى أواخر عام 1998م لأنه كان ولد بعد إعتقالى بستة شهور وحال منع الزيارة تارات ثم زيارات السلك تارات أخرى من أن أراه. وكانوا يمكنهم في هذه الزيارة أن يستمعوا لبعضهم البعض بوضوح لمدة ساعة كاملة و يطلعون بوضوح على كل مشكلات أسرهم التى يعانونها خارج السجن طوال السنوات السابقة لهذه الزيارة والتى كان يصل طولها لست سنوات في معظم الأحيان ونجم عن هذا تعدد المشاجرات بين أفراد الأسرة الواحدة في الزيارة أمام المعتقل الذى هو رب هذه الأسرة أو كبيرها غالبا.ولقد إعتدت أنا في هذه الفترة أن يأتيني العديد من المعتقلين بعد كل زيارة يشكون لى من المشاكل التى تفترس أسرهم, ويستشيروننى بشأنها وظللت اظن أن مثل هذه المشكلات قاصرة على المتزوجين وكذا على الذين يعولون أسرهم كالإبن الذى يعول أمه أو أباه أو كلاهما أو من يعول أشقائه ونحو ذلك لكننى فوجئت بأحد الأخوة وهو غير متزوج ولا يعول أمه و لا أشقائه ومع ذلك جاء يشكو لى من مشاكل عديدة تلم بأسرته, و كانت هذه المشاكل ترجع لنزاعات متعددة بين أشقائه وبعضهم البعض وبين أمه و أشقائه كل منهم على حدة, كما أن سبب كل هذه المشكلات لم يكن ماليا إنما كان سببها رغبات نفسية فردية عادية وبسيطة ولكنها تراكمت بدون حل سنوات عديدة فتفاقمت وصارت أكبر من حجمها الطبيعي.ولم يكن سبب العناء من هذه المشاكل مجرد أن المعتقل تمكن من سماع أهله أول مرة منذ سنوات بل أيضا لأن ضغط المشكلات على أهله وتفاقمها دعاهم لسرعة المصارحة والإسهاب في سرد هذه المشاكل على المعتقل لعلهم يجدون عنده الحل السحرى والسريع لهذه المشكلات قبل أن يعود مرة أخرى إلى السجون الأخرى التى لا يستطيعون فيها أن يستمعوا له أو يسمعهم.وعلى كل حال فقد كان الحلول مستحيلة لأن المعتقل الذى تنظر إليه أسرته على أن بيده كل مفاتيح الحل لم يكن يملك من أمره شيئا فضلا عن أن يملك من أمرمن أمر غيره شيئا, كما كانت الصحة النفسية والبدنية في تدهور سريع لدى البعض مما كان له تأثيره على مستوى وسرعة الأداء الذهنى في مواجهة هذه المشكلات.وكان الواقع الإجتماعى لأسرة المعتقل يتشكل خارج السجن بعيدا عن رب الأسرة المعتقل, فالأولاد كبروا بعيدا عنه والزوجة تتصرف حسب و في إطار ضغوط الواقع المريرة والأباء والأمهات بلغوا الشيخوخة والعجز و ضعفت قواهم, والأشقاء والشقيقات شقوا طريقهم على مسافة ما قريبة أو بعيدة عن طريق أخيهم المعتقل, لقد كانت ندوب الزمن قد تسللت ببطء لكن بثبات إلى وجه حياة المعتقل دون أن يدرى.
عبدالمنعم منيب
تم نشر هذا المقال في المدونة القديمة و في جريدة" الدستور"المصرية بتاريخ 21 نوفمبر2007م و كان هو الحلقة الأولي من 16 حلقة نشرت تباعا بشكل أسبوعي منذئذ شرحت مشاهداتي للأوضاع الاجتماعية و النفسية و الاقتصادية للمعتقلين السياسيين في سجون مبارك طوال فترة اعتقالي التي استمرت من 21 فبراير 1993م و حتى 1 أغسطس 2007م.
موضوعات متعلقة:
مبارك حرم المعتقلين السياسيين من الطعام و الهواء و الماء و الدواء الا قليلا
التجارة في المعتقلات السياسية وصل حجمها في بعض الأحيان إلى عدة ملايين لكنها كانت غالبا بمباركة " أمن الدولة "
" الداخلية " منعت العلاج و الرعاية الطبية عن المعتقلين السياسيين أيام مبارك
كيف كان المعتقل السياسي يقضى وقته في سجون الرئيس المخلوع " مبارك " ؟
في مصر ما الفرق بين قانون الطوارئ و تعذيب المواطنين و إهانتهم في السجون و المراكز الأمنية؟؟
خالد سعيد و أمريكا و الاتحاد الأوروبي
المنتحرون في المعتقلات السياسية ... إغتيال أم انتحار؟؟
فلسفة التعذيب .. حراسة الديكتاتورية
الضربات الأمنية أحد أدوات اللعبة السياسية مع الاسلاميين في مصر
التعذيب في مصر قبل و بعد ثورة 25 يناير
عودة زوار الفجر .. أمن الدولة لم يتم حله و لا حاجة
أكثر من ألف معتقل في أحداث الثورة معزولون عن العالم بسجن الوادي الجديد.. وتلميحات بالإفراج عن عبود الزمر خلال ساعات
لماذا انهارت منظومة الدفاع عن حقوق الانسان في مصر؟!
مشاهدات المعتقلين للمجتمع المصرى(1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أقوم الآن بنقل هذه المدونة الى موقعي الجديد " الأمة اليوم " على الرابط التالي
http://moneep.alummah.today/
نقلت حتى الآن أغلب المحتوى الموجود هنا و مستمر في النقل حتى أنقل جميع المحتوى ان شاء الله تعالى .. و كل جديد سأكتبه سأنشره هناك و ليس هنا..
http://moneep.alummah.today/
نقلت حتى الآن أغلب المحتوى الموجود هنا و مستمر في النقل حتى أنقل جميع المحتوى ان شاء الله تعالى .. و كل جديد سأكتبه سأنشره هناك و ليس هنا..
موضوعات متعلقة:
الاعتقال السياسي منذ تولي مبارك الحكم لم يتم وفق أي قوانين و المعتقلون كانت أغلبيتهم من الاسلاميين من غير الاخوان المسلمين
المعتقلون السياسيون تم عزلهم عن كل ما هو خارج جدران الزنزانة لكنهم تمكنوا من كسر هذه العزلة رغما عن " أمن الدولة "
كيف واجه المعتفلون السياسيون سياسة التعرية و التجويع في سجون مباركالمعتقلون السياسيون تم عزلهم عن كل ما هو خارج جدران الزنزانة لكنهم تمكنوا من كسر هذه العزلة رغما عن " أمن الدولة "
مبارك حرم المعتقلين السياسيين من الطعام و الهواء و الماء و الدواء الا قليلا
التجارة في المعتقلات السياسية وصل حجمها في بعض الأحيان إلى عدة ملايين لكنها كانت غالبا بمباركة " أمن الدولة "
" الداخلية " منعت العلاج و الرعاية الطبية عن المعتقلين السياسيين أيام مبارك
كيف كان المعتقل السياسي يقضى وقته في سجون الرئيس المخلوع " مبارك " ؟
في مصر ما الفرق بين قانون الطوارئ و تعذيب المواطنين و إهانتهم في السجون و المراكز الأمنية؟؟
خالد سعيد و أمريكا و الاتحاد الأوروبي
المنتحرون في المعتقلات السياسية ... إغتيال أم انتحار؟؟
فلسفة التعذيب .. حراسة الديكتاتورية
الضربات الأمنية أحد أدوات اللعبة السياسية مع الاسلاميين في مصر
التعذيب في مصر قبل و بعد ثورة 25 يناير
عودة زوار الفجر .. أمن الدولة لم يتم حله و لا حاجة
أكثر من ألف معتقل في أحداث الثورة معزولون عن العالم بسجن الوادي الجديد.. وتلميحات بالإفراج عن عبود الزمر خلال ساعات
لماذا انهارت منظومة الدفاع عن حقوق الانسان في مصر؟!
مشاهدات المعتقلين للمجتمع المصرى(1)
تعليقات
إرسال تعليق