من أسرار القضاء والقدر


نشره moneep يوم أحد, 2007-10-28 01:48.


يمثل القدر أحد أبرز المسائل الغيبية في العقيدة الإسلامية كما أنه يثير العديد من الإشكاليات مما جعله مزلة أقدام وباب ضل فيه الكثيرون لأنهم حاولوا الإطلاع علي أسرار وخفايا موضوع هو من أخص خصائص عالم الغيب الذي اختص الله بعلمه فلم يطلع علي غيبه أحداً إلا من اصطفي من أنبيائه ورسله بل إن هؤلاء المرسلين أنفسهم لم يطلعهم تعالى علي كل شئ بل أطلعهم علي ما أراد لحكمه بالغة قضاها. 


ولما كانت قضيه القضاء والقدر بهذه الخطورة فإن الله لم يترك خلقه هكذا ضلالاً جهالا في بابها مما يعين الشيطان عليهم حاشا له أن يفعل ذلك بل أقام منارات الهدي في باب القدر فلا يضل عن هداها إلا هالك. ومن هذه المنارات ترغيب المؤمنين في الإيمان بالغيب والتسليم به والصبر علي حلو القدر ومره والتبشير بثوابه وحسن جزائه في العاقبة سواء في الدنيا أو الأخرة.
ولم تقتصر منارات الهدي في موضوع القضاء والقدر علي هذا بل إن الكتاب والسنة سلكاً مسلكاً أخر لتقوية إيمان المؤمنين وإعانتهم علي الصبر علي مر القدر, والشكر علي حلوه دون اليأس في الأولي ودون الكبر والإغترار في الثانية، و نقصد بهذا المسلك الآخر هو مسلك تجسيد بعض المفاهيم التي تضع حركة القضاء والقدر في إطار واضح ومفهوم تجسيدا مادياً في الواقع الذي نعيشه, وهذا التجسيد لا نقصد به ما ورد في الكتاب والسنة من ضرب الأمثال بل نقصد به ما ورد فيهما من وقائع لقصص حقيقية حدثت في أزمنة مختلفة وظهر الجانب الغيبي في هذا القصص بارزاً في عالم الشهادة ، ولاشك أن تصفح هذا القصص لا يكسب القارئ علماً ببعض مرامي القضاء والقدر فقط بل أيضاً يعطى إيمانه بالغيب قوة تقترب في درجتها من قوة من تصديقه بالمحسوسات التي يشاهدها في عالم الشهادة ، ولعل هذا من أقوى دوافعنا لتصفح أمثلة عن هذا القصص, و لكن لابد أن نلاحظ قبل أن نبدأ في هذا التصفح أن هذا القصص نوعان:
النوع الأول: قصص كاملة لأحداث محددة قصها علينا الوحي في الكتاب والسنة من مبدئها إلي منتهاها, وكان منتهاها واضحاً فيه النهايتين الدنيوية والأخروية لهذه الأحداث مما أعطاها وضوحاً ظاهراً فالظلم والتكبر قد يحلو لبعض النفوس ويستهويها هذا في البداية فقط لكن تأتي العاقبة بعد سنوات لتبين لنا عاقبة هذا الأمر الذي قدر له في بداية الأحداث أن يكون بطل الأحداث فيها غنيا أو ذا صحة أو قوة أو جمال أو غير ذلك مما يحلو لنا، وهذا في كل القصص القرآني الذي يندرج تحت هذا النوع.
ولنضرب مثالين اثنين فقط علي هذا النوع من القصص ، وهما قصة أصحاب الحديقة وقصة قارون.


قصة أصحاب الحديقة


 فالأولي مذكورة في سورة القلم قال الله تعالي : "إنا بلونهم كما بلولنا أصحاب الجنة إذا أقسموا ليصرمنها مصبحين, ولا يستثون, فطاف عليهم طائف من ربك وهم نائمون, فأصبحت كالصريم, فتنادوا مصبحين, أن اغدوا علي حرثكم إن كنتم صارمين, فانطلقوا وهم يتخافتون, أن لايدخلنها اليوم عليكم مسكين, وغدوا علي حرد قادرين, فلما رأوها قالوا إنا لضالون, بل نحن محرومون, قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون, قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين, فأقبل بعضهم علي بعض يتلاومون, قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين, عسي ربنا أن يبدلنا خيراً منها إنا إلي ربنا راغبون, كذلك العذاب ولعذاب الأخرة أكبر لو كانوا يعلمون" ومختصر القصة في كتب التفسير أن رجلاً صالحاً كان يملك بستاناً, وكان يعطي جزءاً من ثماره صدقة للفقراء كنصيب ثابت لهم من محصول البستان عند كل حصاد, فلما مات عزم أبناؤه علي الاستئثار بالمحصول ومنع الفقراء منه, فأرسل الله عليه ناراً أحرقته عن أخره فصار البستان بعدما احترق أسودا كسواد الليل المظلم, فلما رأي أبناء الرجل الصالح هذا المنظر راجعوا أنفسهم وندموا وتابوا عن فعلتهم .
 وفي هذه القصة يبدو قضاء الشر في عاقبتة خير لهم لأنهم تابوا, وكذلك هو عقوبة بسبب عزمهم علي البخل, و فيها أن حفظ الله للبستان زمن أبيهم كان عاقبة من عواقب عمله الصالح وهو قضاء خير له وإن بدا هذا الإنفاق شراً عند البخلاء.


قصة قارون مع بني إسرائيل


والقصة الثانية: قصة قارون قال الله تعالي في سورة القصص "إن قارون كان من قوم موسي فبغي عليهم واتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوأ بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين, وإبتغ فيما آتاك الله الدار الأخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين, قال إنما أوتيته علي علم عندي أو لم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعاً ولا يسئل عن ذنوبهم المجرمون, فخرج علي قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم, وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لما من وعمل صالحاً ولا يلقاها إلا الصابرون, فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون لله وما كان من المنتصرين, وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكفرون, تلك الدار الأخر نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين".
وفيها ما هو مشهور من القصة من حسن مظهر قارون وغناه وما أسبغ الله عليه من نعم, وكذلك فخره وبطره فالفرح المذكور والذى نهوه عنه هو البطر والأشر لا السرور, وكل هذه الأشياء بدت للبعض في بداية الأحداث أنها قدر خير له وإن كان هو نفسه نفي دور القدر في غناه وقوته ولكن تأتى نهاية الأحداث بما لم يتوقعه هو وكل الموافقين على سلوكه, حيث خسف الله به وبغناه الأرض, فالقصة تظهر لقصار النظر عواقب الأمور التى بدا أنها قدر حلو منذ بدايتها لكنها كانت استدراجاً وكانت شرا له دنيوياً وأخروياً.
ولاشك أن هذا النوع من القصص بالغ التأثير في هداية ذوي العقول والبصيرة لكن قد يصعب علي البعض فهمه أو استمرار تذكره, وقد يغلبهم تعجلهم في التفكير والنظر فلا يرون العظة البالغة والعبرة الخطيرة في هذا القصص المسترسل والسائر عبر عشرات السنين بأحداث وئيدة الخطي إلي حد كبير، وهنا تأتي وظيفة النوع الثاني من القصص المستقي من الوحي.


نوع أخر من القصص القرآنى


وهوالنوع الثاني: وهو قصص أورد مشهداً أو أكثر من مشاهد القدر الواقعية الظاهرة في عالم الشهادة (أى في الواقع المشاهد) ثم قام شخص (أو الوحي) في نفس وقت وقوعها بتفسير جوانبها الغيبية وإزاحة الستار عن أسرارها غير المشاهدة وذلك ببيان واضح ومباشر, وهذه القصص كثيرة في الكتاب والسنة وفيما يلي نذكر جانباً منها للاعتبار والتذكر:


قصة البشارة بميلاد إسحاق عليه السلام


ومن هذه الأحداث الواقعية التى دخل الوحي طرفاً في صياغتها وتفسيرها مباشرة مخاطباً أصحابها حدث تبشير الملائكة سيدنا إبراهيم (عليه السلام) و زوجته بإسحاق وبعده يعقوب فلما تعجبت زوجته بين لها الملائكة أن هذا قدر الله يفعل ما يشاء قال الله تعالي في سورة (هود) "وإمرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب, قالت يا ويلتي أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً إن هذا لشيء عجيب, قالوا أتعجبين من أمر الله, رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد".


قصة البشارة بميلاد يحى عليه السلام


وكذلك زكريا (عليه السلام) لما بشرته الملائكة بيحي تعجب فجاءه رد مماثل في المعني قاله الله تعالي في سورة مريم "ذكر رحمت ربك عبده زكريا, إذ نادي ربه نداءا خفياً, قال رب إني وهن العظم مني وإشتعل الرأس شيباً ولم أكن بدعائك رب شقياً, وإني خفت الموالي من ورائى, وكانت امرأتي عاقراً فهب لي من لدنك وليا, يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضياً, يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيي لم نجعل له من قبل سميا, قال رب أني يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا, وقد بلغت من الكبر عتيا, قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئاً , قال رب إجعل لي آية, قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سوياً, فخرج علي قومه من المحراب فأوحي إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا, يا يحيي خذ الكتب بقوة وآتينه الحكم صبياً, وحناناً من لدنا وزكاة وكان تقياً, وبراً بوالديه ولم يكن جباراً عصياً, وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حياً".


قصة السيدة مريم عليها السلام


ومن هذا النوع أيضا من القصص قصة السيدة مريم مع ميلاد إبنها عيسى عليه السلام قال تعالى في سورة الأنبياء "والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعلمين", وقال الله في سورة مريم: "واذكر في الكتب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقياً, فاتخذت من دونهم حجاباً فأرسلنا إليها روحناً فتمثل لها بشراً سوياً, قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً, قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلام زكياً, قالت أني يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم اك بغياً, قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمراً مقضياً, فحملته فانتبذت به مكانا قصياً, فأجاءها المخاض إلي جذع النخلة قالت يليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسيا, فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا, وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً, فكلي وإشربي وقري عينا, فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوماً فلن أكلم اليوم إنسيا, فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئاً فريا, يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا, فأشارت إليه, قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبياً, قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً, جعلني مباركاً أين ما كانت وأوصاني بالصلاة والزكاة مادمت حياً, وبرا بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً, و السلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً".فرزقت المسيح علي رغم منها ورغم ما ظنته أنه شر لها إلا إنه كان رحمة للعالمين بل سينزل أخر الزمان ليصير وقتها رحمة لأهل ذلك الزمان أيضاً، ومريم هذه هي التي قالت أمها عنها يوم ولادتها إنها أنثي كأنها تشعر أنها لن تقدم من الخير ما يستطيع أن يقدمه الذكر لما نذرت لله مولودها, ومع ذلك فهذه الأنثى ارتقت في مدارج الإيمان والعمل الصالح حتى صارت سيدة نساء عصرها وأية من آيات الله علي مر العصور ورمز العفة والطهارة والصلاح كما قال الله تعالي في سورة آل عمران: "وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك علي نساء العالمين, يا مريم اقنتي لربك واسجدي وأركعي مع الراكعين". فعلا ذكرها مع أنها أنثي كما قالت أمها في سورة آل عمران: "إذ قالت امرأت عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم, فلما وضعتها قالت رب إنى وضعتها أنثي, والله أعلم بما وضعت, وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم". فلا يأس من الإصطفاء أيا كان الجنس.حول قصة جالوت مع بني إسرائيل وفي هذا الإطار العام والسريع تأتي أيضاً قصة نصر مؤمني بني إسرائيل علي جالوت كما جاءت في سورة البقرة وفي الأحاديث النبوية الصحيحة.فلا يأس مع نصر المؤمنين علي عدوهم رغم قلتهم (إذ كانوا نحو ثلاثمائه فقط) مادموا ملتزمين بأمر الله وسنته في خلقه. هذه الأحداث عامة وسريعة وتسير في اتجاه متشابه تقريباً وهو مبررات أقداره لأنها ترمي إلي حكمه بالغة اقتضاها الله.


قصة موسى مع الخضر عليهما السلام


ثم نجد أحداثا أخرى أكثر تفصيلاً وتنوعاً تذكر طرفاً منها أيضاً لمجرد التذكرة والإشارة لا الحصر ولا الاستقصاء فمنها قصة الخضر مع سيدنا موسي (عليه السلام) قال الله تعالي في سورة الكهف: "قال له موسي هل تبعك علي أن تعملن مما علمت رشداً, قال إنك لن تستطيع معي صبراً, وكيف تصبر علي ما لم تحط به خبرا, قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمراً, قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكراً, فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئاً إمرا, قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا, قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسراً, فانطلقا حتى إذا لقيا غلاماً فقتله قال أقتلت نفساً زكية بغير نفس لقد جئت شاستطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجد فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لتخذت عليه أجرا, قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبراً, أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصباً, وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيناً وكفراً, فأردنا أن يبدلهما ربهما خيراً منه زكاة وأقرب رحما, وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحاً فأراد ربك أن يبلغا أشدهما يستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تستطع عليه صبراً".
 وفيها بيان لجانب من مرامي القدر المر في أنواع مختلفة من الأحداث مثل حدث فقد المال والذي تمثل هنا في خرق السفينة والمرمي الحقيقي هنا هو حفظ المال لا فقده وذلك بحفظ السفينة من أن يستولى عليها الملك, ثم نرى كذلك حدث فقد النفس متمثلا في قتل الغلام والمرمي الحقيقي هنا هو حفظ دين الوالدين المؤمنين وحفظ الدين مقدم علي حفظ النفس, ثم أيضاً نري حدث فقد المجهود أو بذل العمل دون مقابل مادي ورأي القدر فيه هو حفظ مال ضعفاء لكن المرمي أبعد من ذلك و هو أن أباهما كان صالحاً وهو يعني ما هو أبعد بشأن حفظ المال إذ يشير بذلك إلى قدر الله فى خلقه بحفظ ذرية كل صالح ومالهم بما فيهم ذرية نفس هذا الذي يبذل عمله ومجهوده دون مقابل مادي وإنما يبذل لوجه الله.


قصة الذى تكلم فى المهد


ونري حدثاً آخر واضحاً في قصة الطفل الذي تكلم في المهد وهو من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم فقال (بينا طفل يرضع من أمه فمر رجل راكب علي دابه فارهه وشارة حسنة فقالت أمه اللهم إجعل إبني مثل هذا فترك الثدي وأقبل إليه فنظر إليه فقال اللهم لا تجعلني مثله، ثم أقبل علي ثديه فجعل يرضع فكأني أنظر إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو يحكي إرتضاعه بأصبعه السبابة في فيه فجعل يمصها ثم قال ومرا بجاريه وهم يضربونها ويقولون زنيت سرقت وهي تقول : حسبي الله ونعم الوكيل, فقالت أمه اللهم لا تجعل إبني مثلها، فترك الرضاعة ونظر إليها، فقال اللهم إجعلني مثلها, فهنالك تراجعا الحديث (أي الطفل الرضيع وأمه) فقالت مر رجل حسن الهيئة، فقلت اللهم اجعل إبني مثله فقلت لا تجعلني مثله، ومررنا بهذه الأمة وهم يضربونها ويقولون (زنيت سرقت) فقلت اللهم لا تجعل إبني مثلها فقلت اللهم اجعلني مثلها, قال إن ذلك الرجل جبار فقلت اللهم لا تجعلني مثله، وإن هذه يقولون زنيت ولم تزن وسرقت ولم تسرق فقلت اللهم إجعلني مثلها".
فهنا هذا الصبي أشار للحكمه من القدر في لون من قدر الخير وهو الجمال الظاهر في الهيئة والملبس ويبين أن وراءه كبره تجبره الذى هو لون من قدر الشر.
كما يبين الحكمة من القدر الذى ظاهره الشر في صورة الظلم الواقع على الجارية وأن وراءه خيراً وفيرا وثوابا عظيما، والأمثلة في ذلك المجال كثيرة وغزيرة وجديرة بأن تفرد بالبحث والكتابة.
عبدالمنعم منيب
ملحوظة: هذه المقالة كنت كتبتها فى السجن عام 1998م.

تعليقات