الصحافة لعبت دورا كبيرا في التحريض ضد المعتقلين السياسيين لكن بعضها لعب دورا هاما لصالح المعتقلين .. من مشاهد أيام الإعتقال(9)

صورة أرشيفية

لعبت الصحف دورا مهما في حياة المعتقلين منذ فترة بعيدة سلبا تارة و إيجابا تارة أخرى, فعندما كانت الحكومة حساسة إزاء كلام الصحافة المعارضة عام 1987م تحسنت جدا أحوال المعتقلين بعد أن كانت سيئة, كما جرى تصفية حالات الإعتقال في أقل من شهرين رغم أن عددهم فاق حينئذ الثلاثة آلاف معتقل, و كانت إنتقادات الصحافة المعارضة سبب رئيس في هذه الحالة.و عندما هرب عصام القمرى وزميلاه من سجن ليمان طرة عام 1988م لعبت بعض الصحف الدور الرئيس في الترويج لفكرة بناء السجون في الصحراء وبعيدا عن العمران, و كأن هؤلاء المعتقلين ليس لهم و لا لأسرهم حقوق العيش الكريم و لا الإتصال بأسرهم, وهو ما ظهرت نتيجته في إعتماد مجلس الشعب المصرى لمئات الملايين من الجنيهات في الميزانية العامة لبناء عشرات السجون في أماكن نائية جدا بالصحراء, و موضوع هذه السجون له مقال أخر لكن نضرب مثالا واحدا على مدى ظلم هذه الفكرة فسجن الواحات (الوادى الجديد) بعيد عن كل محافظات مصر لكن أقرب محافظة له هى محافظة أسيوط والمسافة بينها و بين السجن 220 كيلومترا!!!!فهل يعقل أن أباء أو أمهات المعتقلين على كبر سنهم سيطيقون هذه الرحلة الطويلة في قلب الصحراء أم تذهب زوجة المعتقل الشابة وحدها كل هذه المسافة التى عادة ما تستغرق نحوا من عشرين ساعة متواصلة إذا كان القدوم من القاهرة أو من أبعد منها.وعلى هذا فقس سجون الفيوم وبرج العرب والغربينيات والنطرون و دمنهور وغيرها ومسافاتها جميعا معروفة.و كانت بعض الصحف هى المذنب الأول في هذه العملية.كما كانت نفس الصحف هى المحرض الأبرز على التعذيب البشع والمنهجى الذى جرى في السجون بدءا من صيف 1993م و حتى عام 2001م, هذا التعذيب الذى لم تشهد السجون مثله منذ حكم جمال عبدالناصر, لقد ساندت هذه الصحف هذه العملية بأكاذيبها التى روجت لها تحت دعاوى أن المعتقلين سيطروا على السجون و أن ضباط السجون أصبحوا لا حول لهم ولا قوة و أن كرامة هؤلاء الضباط يهدرها المعتقلون ليل نهار و لابد من إعادة الضبط والربط لهذه السجون و إستعادة كرامة و حقوق هؤلاء الضباط, بل وصل الأمر لما يشبه التحريض الصريح على التعذيب في بعض المواد الصحفية و أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر مانشرته مجلة المصور الأسبوعية بعيد محاولة إغتيال عاطف صدقى (رئيس الوزراء حينئذ) من أن هناك مخزن سلاح ضخم و معلومات أخرى عديدة من شأن الحصول عليها أن يوقف أعمال الإرهاب, و إستطردت المجلة قائلة: أن هذه المعلومات موجودة لدى المعتقلين و يجب على القيادة السياسية أن تطلق يد الأجهزة الأمنية في الحصول على المعلومات بأى طريقة. ولم تكن بعض الصحف هى وسيلة الإعلام الوحيدة التى لعبت هذا الدور الأثيم بل لعبته أفلام و تمثيليات عدة كان ضباط وجنود يشاهدونها ثم يدخلون علينا يعذبوننا بسبب الكراهية للحركة الإسلامية والإدعاءات الكاذبة التى روجت لها هذه الأعمال الفنية و هكذا وجدنا صحافة و فن في خدمة التعذيب و إنتهاكات حقوق الإنسان.و أذكر أمثلة كثيرة على ذلك منها على سبيل المثال لا الحصر أن زيارة أسرنا و محامينا لنا كانت ممنوعة من نهايات عام 1993م وحتى 2001م بسجن العقرب بطرة و مع ذلك صرح وزير الداخلية حسن الألفى أن الزيارة غير ممنوعة و إنما تم تنظيمها بسبب مرض المعتقلين حماية لأسرهم من العدوى, و روجت الصحف إياها لذلك ولم تكلف نفسها إستطلاع رأى أسر المعتقلين.كما إننى عملت إضرابا عن الطعام في صيف عام 1998م بسبب تعذيب شديد تعرضت له بسجن الواحات (الوادى الجديد) حينئذ, ولدى سؤال مندوب الأهرام للواء نبيل صيام مدير مصلحة السجون حينذاك عن حالتى قال لا شئ سوى أنه عنده متاعب بالكلى ويعالج منها ولم يكلف المندوب نفسه عناء إستطلاع رأى أسرتى أو محامى أسرتى قبل أن ينشر هذه التصريحات.وفي عام 2005م قام العديد من أسر المعتقلين خاصة بسجنى النطرون (1) و (2) بعمل العديد من الإضرابات والإعتصامات إحتجاجا على إستمرار إعتقال أقاربهم لأكثر من عشر سنوات بلا مبرر, و حينئذ روجت صحف ما أن هؤلاء المحتجين ليس لهم أى مطالب سوى السماح بالخلوة التامة في الزيارة بين الأزواج و أن إحتجاجهم هو بسبب ذلك فقط مع أن الإحتجاج كان بسبب عدم تنفيذ أحكام القضاء بالإفراج عن المعتقلين لمدد زادت عن عشر سنوات.و لم تكتف بعض الصحف بذلك بل سارعت للتشهير ببعض المعتقلين دون الإلتزام بأخلاقيات المهنة ولا بالقوانين, و على سبيل المثال قالت صحيفة أخبار الحوادث أيام كنت متهما و مقدما للمحاكمة العسكرية ضمن القضية المشهورة إعلاميا باسم العائدين من ألبانيا عام1999م, قالت بالنص: "هذه قضية النجوم فكل متهم فيها هو نجم من نجوم الإرهاب" فأين هذا من المبدأ القانونى العالمى "المتهم برئ حتى تثبت إدانته", ثم لماذا نجد صحفا حذرة عندما تتكلم عن متهمين في سرقة أموال عامة أو خاصة أو مخدرات أو أداب ولا تنشر صورهم لكنها تقذف وتشهر إذا كان المتهمون إسلاميين؟!!
و رغم هذا فقد كانت هناك صحفا تبنت موقف الدفاع عن قضايا ومطالب المعتقلين و أسرهم من حين لأخر بدرجات متفاوته و ذلك بعد بروز ظاهرة الصحف المستقلة و من أبرز الصحف التى فعلت هذا على نطاق واسع "الدستور" و "صوت الأمة" و "الغد" و "المصري اليوم", وقد حاول كثير من المعتقلين الإتصال بهذه الصحف و غيرها للنشر عن مشكلة المعتقلين المزمنة و هى عدم تنفيذ أحكام القضاء بشأن الإفراج عنهم, وصار من الشائع أن تجد لدى هذا المعتقل أو ذاك قائمة تضم تليفونات و عناوين عدد من الصحف أوالصحفيين وصار من الطبيعى تبادل هذه الأرقام بين المعتقلين أو بين أسر المعتقلين, وفى الفترة الأخيرة بدأ البعض يهتم بالنت وبالمواقع التى يمكن النشر فيها عن مشاكل المعتقلين لكن لا أذكر الآن تحديدا أسماء هذه المواقع لكن هناك العديد من المواقع والمدونات إعتادت النشر عن المعتقلين و العديد منها توجهت لها أسرتى و نشرت عنى و عن أسرتى و كان لذلك تأثير ملحوظ في تحسين معاملتى في السجن أنا وغيرى.و انتشرت وقتها حكايات أسر المعتقلين مع الصحافة والصحفيين حيث كان كل معتقل تعاملت أسرته مع صحفيين يحكى ما جرى لزملائه, كما إنتشرت شائعات عديدة بهذا الشأن و منها أن فلان حاولت أسرته الإتصال بالصحف عبر النت لكنه تم القبض عليهم لأن النت مراقب, كما ذكر أحد المعتقلين أن أخته ذهبت لصحيفة الدستور أو صوت الأمة (لا أتذكر أيهما) ولكن حارسا على باب العمارة منعها من الصعود قائلا لها لابد من الحصول على تصريح من الداخلية حتى تقدمى شكواك ولا أعلم مدى صحة هذا وذاك. وفي هذه الفترة إعتدت من حين لأخر أن يوقفنى معتقل ما لا أعرفه و أنا أتمشى في فناء السجن ليسألنى عن كيفية الإتصال بصحف أو صحفيين أو مواقع نت كى يوجه إليها أسرته كى تنشر عن مشكلته, كما إعتدت أن يوجه لى أصدقائى النصح تارة واللوم تارات أخرى بسبب إمتناعى عن الكتابة للصحافة أو النت أثناء إعتقالى كما نصحنى الكثيرون بأن أفتعل معركة إعلامية مع الأمن و أنا داخل السجن ثم أنهيها بتفاوض ينتج عنه الإفراج عنى حسب تصورهم والعجيب أن أكثر من نصحنى بهذا هم من المتعاونين مع الأمن, و كان هذا كله يعكس حالة من الإيمان بأن الصحافة المستقلة صار لها تأثير كبير في الضغط على الحكومة و كان هذا الإيمان مبالغا فيه حتى زاد عن الحد الطبيعى الواقعى حتى صار شائعا أن يهدد أحد المعتقلين الأجهزة الأمنية بهذه الصحف.و من هذا أن أحد المتعاونين مع الأمن ممن تعاون معهم لفترة زمنية طويلة نقل رهانه من الأمن إلى الرهان على أيمن نور و صحيفته "الغد" عندما قابل أيمن بالسجن ظنا منه أن ذلك يساعده في الخروج من السجن ويدخله مجال العمل السياسى وفعل مثله العديد من المتعاونين بأشكال مختلفة كما أن البعض الأخرأمسك العصا من المنتصف و ذلك كله يفسر قدرة أيمن نور على إستمرار تواصله مع خارج السجن رغم الحصار الأمنى.و حدث مرة أن تقدم سبعون من قدامى معتقلي الجماعة الإسلامية من محافظة القاهرة بشكوى لمسئول أمنى كبير مطالبين بالإفراج عنهم و هددوا في هذه الشكوى باللجوء لصحف المعارضة إن لم يستجب لهم, و نتج عن هذا أنه تم منع دخول صحيفتى الحياة و الشرق الأوسط للسجن لفترة من الزمن و هما الصحيفتان المستقلتان الوحيدتان المسموح بهما رسميا بالسجن بجانب الصحف الحكومية. و أذكر أن مسئولا أمنيا علق وقتها على مواقف المعتقلين بأنهم تابعوا ما تقوم به المعارضة من تظاهرات وكتابات صحفية و لاحظوا لين الحكومة فى التعامل مع هذه الظواهر فأرادوا أن يستغلوا الموقف ظنا منهم أن الحكومة ضعيفة.و كان العديد من أسر المعتقلين يؤمنون بأهمية الصحافة في مجال الدفاع عن أبناءهم و كانوا يقولون العيار الذى لا يصيب يفزع, وبعد خروجى من السجن وجدت عند أسرتى دفترا به أكثر من 300 صفحة مملؤة كلها بتليفونات صحف و مجلات و صحفيين و وكلات أنباء وفضائيات ومنظمات حقوق إنسان عربية و أوروبية و أمريكية, ولقد أذهلتنى كميتها و نوعيتها وتعجبت من كيفية إتصالهم بكل هذه الجهات. و كان هدف الإتصال بالصحافة قاصرا على السعى للإفراج عن المعتقلين ولم يسع أحد منهم لتوظيفها سياسيا في غير ذلك, بإستثناء ما فعله عبود الزمر في هذا المجال و حاوله قلة نادرة من المعتقلين, وفي كلتا الحالتين لم تكن الأجهزة الأمنية راضية عن إتصال المعتقلين بالصحافة و كان بعض الضباط يعاقبون على هذا الأمر بشدة وبعضهم يلوم عليه فقط وأخرون يتغافلون عنه, أما لو كان الأمر يمس أمورا حساسة وتحديدا إذا كان الأمر فيه توظيف سياسي ما فإن الأمر تصبح عواقبه صعبة جدا.و مع ذلك كانت الأجهزة تبرز بجلاء موقفها المعاند ضد قضايا المعتقلين التى تداولتها الصحافة والتصرف بعكس ما طالبت به الصحافة في الفترة من نهايات 1993م و حتى 2003م لكنها بعد ذلك بدت معاندة في الظاهر فقط لكن في الحقيقة كانت تحل المشكلة التى جرى النشر بشأنها بالتدريج أو بشكل ملتوى بحيث لا تبدو متأثرة بضغط الصحافة.و مع ذلك أصاب اليأس كثير من المعتقلين هم و أسرهم بسبب أنهم كانوا يظنون أن مشكلتهم سيتم حلها بمجرد النشر مرة واحدة ثم كانت مفاجأتهم أنهم لم يحصلوا على النتيجة التى إنتظروها.و بعد منتصف الليل في إحدى الليالى أيقظنى أحد الأخوة المعتقلين مبشرا و مستبشرا وبيده جريدة "الغد" وقد نشرت عنى موضوعا بشأن إستمرار إعتقالى لأكثر من 13 عاما بالمخالفة للأحكام القضائية العديدة, ولقد ظن صاحبنا هذا أننى سيفرج عنى فورا لمجرد نشر هذا الموضوع و عند صلاة الفجر فوجئت بالعديد من الأخوة يهنؤنى ويبشرونى بأننى لن يمر على أسبوع إلا و أنا في بيتى و كنت في جميع هذه الأحوال أضحك و أتعجب لأن الأمر طبعا له أبعاد أكثر تعقيدا مما ظنوا, وقد مكثت بعدها في السجن سنة ونصف تقريبا.و نفس المشاعر كانت موجودة تجاه منظمات حقوق الإنسان و إن بدرجة أقل, وقد سعى كثير من المعتقلين للإتصال بمنظمات حقوق الإنسان المحلية ولم أسمع بإتصال أحد غيرى بمنظمات حقوق الإنسان الدولية إلا نادرا, وقد كان بعض المعتقلين يعتقدون بأن لدى منظمات حقوق الإنسان إمكانات خارقة فعندما كنا في سجن الواحات (الوادى الجديد) و كان التعذيب الجماعى يجرى على أشده قال لى الأخ درويش (من دمياط) طبعا يمكن لمنظمات حقوق الإنسان الدولية أن تصور ما يحدث بالأقمار الصناعية من الجو فقلت له أنها لا تعمل بهذه الطريقة وليس لديهم مثل هذه الإمكانات و أفهمته طرق عملهم لكنه جادلنى لبعض الوقت, ثم إقتنع.و فى الواقع فإننى شعرت بضعف دور منظمات حقوق الإنسان المصرية على كثرتها بسبب شدة القبضة الحكومية عليها, وعندما تحسنت ظروف الزيارة جاءنى ذات يوم محامى شاب لزيارتى بالسجن موفدا من رئيس منظمة حقوق إنسان مصرية كبيرة فأخبرته أن رئيس المنظمة كان زميلى بالجامعة و كذلك العديد من قادة منظمات المجتمع المدنى التى نشطت مؤخرا ولما علم هذا كله بدأ يكلمنى عن أوضاع هذه المنظمة و كيف أنها في البداية كانت تناضل من أجل حقوق الإنسان والآن لم تعد كذلك لأنها أصبحت مكبلة بقوانين تمنعها من هذا النضال و أنه بات يشعر أن هذه المنظمة أصبحت مجرد فرع من وزارة الشئون الإجتماعية و كان يحكى لى ذلك بأسى ومرارة.و بعد 2004م إشتهر المركز المصري لمساعدة السجناء برئاسة محمد زارع لدى أغلب المعتقلين بسبب المساعدة المالية السخية التى قدمها للطلبة المعتقلين لدفع المصاريف الدراسية و كذا شراء الأدوية لمرضى المعتقلين, لكننى لاحظت أن الذى فاز بنصيب الأسد من هذه المساعدات جموع معتقلى الجماعة الإسلامية و لكن لا أدرى هل هذا كان مقصودا بسبب مبادرة الجماعة الإسلامية وتفاهمها مع الحكومة أم أن السبب منحصر في كون الجماعة الإسلامية تمتعت بحرية الحركة والإتصال مع من تشاء في الوقت الذى تم فيه منع الأخرين من ذلك, و على كل حال فإن نقود هذه المنظمة قد نفدت ولم تعد تستطيع تقديم المال الذى شهرها لدى المعتقلين و أسرهم مما قلب الوضع عليها و صار مادحها ذاما لها.كما إستفاد كثير من المعتقلين من منظمات حقوق الإنسان الكثيرة الجديدة مما دأبت عليه من عمل التظلمات للمعتقلين مجانا ولم يحفظ أحد أسماءها بل كلها معروفة لديهم باسم "منظمة حقوق الإنسان" التى تعمل التظلمات للمعتقلين مجانا.و مع ذلك فقد إستاء المعتقلون من نشاط منظمات حقوقية مصرية في الدفاع عن قضية الشواذ جنسيا, و قال هؤلاء المعتقلون لماذا لا نسمع صوتهم في الدفاع عنا ونحن سياسيون وفي السجن منذ سنوات و الشواذ لم يدخلوا السجن سوى شهور, كما إستاءوا في قضايا تسليم المسيحيات اللاتى أسلمن للكنيسة دون رضائهن وقالوا أين حرية الإعتقاد و أين منظمات حقوق الإنسان التى لا نسمع صوتها الآن في هذه القضية. أما أنا فقد تبنت عدد من المنظمات الدولية والمحلية مشكلتى و أصدرت العديد من البيانات الصحفية و التقارير بشأنى و كان والدى رحمه الله على إتصال بها و كان أبرز هذه المنظمات منظمة العفوالدولية و منظمة مراسلون بلا حدود وقد علمت من بعض الضباط و بعض الموظفين بالسجن أننى يرسل لى العديد من الرسائل من العديد من البلدان الأوروبية في كل كريسماس و كذا في عيدى الفطر و الأضحى و أحيانا في رمضان لكن أكثرها كان في الكريسماس, ولم أكن أعلم أن هذه الخطابات ترد للسجن بالألاف إلا عندما رأيت بعينى أكثر من ألف خطاب كانت بمكتب مأمور السجن لكنه سرعان ما سلمها لضابط أمن الدولة ثم إختفت ولم أرها بعد ذلك أبدا لكنى كنت إختلست النظر إلي بعضها قبل أن تصل لضابط الأمن فوجدت أنها لا تختلف فى معانيها عن ما رأيته سابقا مما كان يصل لأبى بالبيت من القول بأننى لن ينسانى أحد و أنهم يسعون للإفراج عنى و أن الظلم لا يدوم ولذلك كله على أن أصبر وعلى أن أتشجع بمعرفتى أنهم يقفون معى, و كانت هذه المجموعة من الرسائل التى رأيتها في مكتب المأمور كلها واردة من مجموعة منظمة العفو الدولية بهولندا و مكتوبة بالإنجليزية.ولكن في فترة متأخرة قبيل خروجى من السجن بدأ ضابط أمن الدولة يرسل لى قليل من الرسائل التى ترد لى على سجن إستقبال طرة و كانت كلها واردة من أطفال في هولندا و مكتوب فيها نفس المعانى السابقة وواضح أن الضابط أرسل لي نسبة ضئيلة منها لهدف ما, كما إقتنص الأخوة في سجن الفيوم في نفس الوقت مئات الرسائل الواردة لى و أرسلوها لى من هناك و كانت كلها واردة من أطفال في أسبانيا بتوجيه من منظمة العفو الدولية و كانت مكتوبة بالأسبانية و ترجمها لى أحد الأخوة لأنى لا أعرف اللغة الأسبانية و كانت تدور حول نفس المعانى و إن تنوعت الصياغة بحيث بدا أنهم تركوا لهؤلاء الأطفال حرية الصياغة ربما لأنهم كتبوا بلغتهم الأصلية بينما أطفال هولندا كتبوا بالإنجليزية بصيغة محددة نقلوا كلهم منها.هناك رسائل كثيرة أرسلها لى أشخاص كبار كثيرون من هولندا و بريطانيا و ألمانيا لكنى أنا والعديد من الأخوة أعجبنا بتوظيف منظمة العفو الدولية للأطفال في هذا المجال مما يعنى أنهم سينشأوا على التعود على النضال من أجل حقوق الإنسان في أى مكان بالعالم, لكن كثير من الأخوة أشفقوا على الأطفال لتحميلهم بالهم في هذا السن المبكر.جاءتنى رسائل قليلة من نشطاء منظمة العفو الدولية في بريطانيا خاصة من مدينة ريدنج تخبرنى بأن هناك أصدقاء كثيرين يعملون من أجل إطلاق صراحى, ومنهم رسالة ذكرت كاتبتها أنها نظمت أمسية أدبية في صيف 2004م بمدينة ريدنج وتحدثت فيها عن مشكلتى و جمعت حينئذ 3000 توقيعا تطالب بالإفراج عنى وقدمتها للسفارة المصرية بلندن, كما ذكرت آنسة أخرى من مدينة ريدنج أيضا في رسالة تالية أنه تم جمع مئات التوقيعات تطالب بالإفراج عنى و سيقدموها لوزارة الداخلية المصرية في صيف عام 2005م.
كما وصل لأبي رسائل بنفس المعاني من مجموعة منظمة العفو الدولية في ألمانيا كما اتصل به تلفونيا شخص من المانيا عدة مرات, و كذلك من هولندا و بريطانيا.وواضح أن هؤلاء النشطاء لا يعرفون أن حكومتنا لا تقبل أى ضغوط خارجية بشأن قمعها لشعبها لأن قبول مثل هذه الضغوط يخل بالسيدة الوطنية أقصد بالسيادة الوطنية لهذه الحكومة التى تعطيها صلاحيات ظلم شعبها المستضعف و إعتقاله بلا محاكمة ولا قانون, و أظن أن السيدة الوطنية هذه قريبة الأخ سيد قراره و الأخت تزوير.

عبدالمنعم منيب

 تم نشر هذا الموضوع في المدونة القديمة و في جريدة" الدستور"المصرية في 16 يناير2008م و كان هو الحلقةالتاسعة من 16 حلقة نشرت تباعا بشكل أسبوعي حينذئذ شرحت فيها مشاهداتي للأوضاع الاجتماعية و النفسية و الاقتصادية للمعتقلين السياسيين في سجون مبارك طوال فترة اعتقالي التي استمرت من 21 فبراير 1993م و حتى 1 أغسطس 2007م.


موضوعات متعلقة:
كيف واجه المعتفلون السياسيون سياسة التعرية و التجويع في سجون مبارك
مبارك حرم المعتقلين السياسيين من الطعام و الهواء و الماء و الدواء الا قليلا
التجارة في المعتقلات السياسية وصل حجمها في بعض الأحيان إلى عدة ملايين لكنها كانت غالبا بمباركة " أمن الدولة "
" الداخلية " منعت العلاج و الرعاية الطبية عن المعتقلين السياسيين أيام مبارك
كيف كان المعتقل السياسي يقضى وقته في سجون الرئيس المخلوع " مبارك " ؟
في مصر ما الفرق بين قانون الطوارئ و تعذيب المواطنين و إهانتهم في السجون و المراكز الأمنية؟؟
خالد سعيد و أمريكا و الاتحاد الأوروبي
المنتحرون في المعتقلات السياسية ... إغتيال أم انتحار؟؟
فلسفة التعذيب .. حراسة الديكتاتورية
الضربات الأمنية أحد أدوات اللعبة السياسية مع الاسلاميين في مصر
التعذيب في مصر قبل و بعد ثورة 25 يناير
عودة زوار الفجر .. أمن الدولة لم يتم حله و لا حاجة
أكثر من ألف معتقل في أحداث الثورة معزولون عن العالم بسجن الوادي الجديد.. وتلميحات بالإفراج عن عبود الزمر خلال ساعات
لماذا انهارت منظومة الدفاع عن حقوق الانسان في مصر؟!
مشاهدات المعتقلين للمجتمع المصرى(1)

تعليقات