التجارة في المعتقلات السياسية وصل حجمها في بعض الأحيان إلى عدة ملايين لكنها كانت غالبا بمباركة " أمن الدولة " ... من مشاهد أيام الإعتقال (5)

صورة أرشيفية لأحد السجون من الداخل
عندما كانت ظروف المعاملة في السجن تسمح كان يوجد أنواع ما من التجارة. فهناك نوع تمثل في إحضار أحد المعتقلين لزملاءه ما يحتاجه مما يتعذر على أسرته إحضاره له فيعطيه له بنفس السعر الذى إشترى به دون أى زيادة, ولقد حدث هذا معى في كافة السجون التى مررت بها في إعتقالاتى المختلفة, و كان يغلب على هذه الحالة كونها محدودة بحدود علاقات شخصية, كأن يعرف معتقل ما أن صديقه فلان ممكن أن أهله يمكنهم أن يشتروا مجلة ما أو كتابا أو غير ذلك فيذهب له و يطلب منه فتتم العملية, وهذا الأسلوب كان شائعا وكثيرا, ولم يكن هذا قاصرا على التعاون بين الأصدقاء من المعتقلين فقط بل إعتاد بعض المعتقلين على شراء ما يطلبه منهم أى معتقل أخر سواء كان صديقا لهم أم لا ودون أى مكسب, ولكن يأخذون منه الثمن الذى دفعوه فقط. كما إعتاد قلة من المعتقلين على شراء أى شئ يحتاجه أى معتقل فقير, وبدون أى مقابل, خاصة الأدوية أو الطعام أو الكساء على الترتيب.وطبعا في ظروف الشدة التى كانت سائدة في سجن الواحات(الوادى الجديد) لم يكن أحد يأخذ من أحد ثمن شئ بل كان من يحضر شيئا لأحد لا يأخذ منه ثمنه دائما.وطبعا هذا النمط من التعامل الذى ذكرناه في السطور السابقة لا يصدق عليه لفظ التجارة لكننا ذكرناه لصلته بالموضوع وليس على أنه هو الموضوع.أما التجارة الحقيقية فهى لم تكن متاحة بالسجون إلا قبل صيف 1993م وبعد صيف 2002م بدرجات متفاوتة تختلف من سجن لسجن ومن وقت لوقت, وهى أنواع عدة, وقد وضعت لكل نوع منها إسم ليسهل عرضها على القراء على النحو التالى:الإقتيات
حيث كان البعض يقومون بإحضار بعض الأشياء التى يحتاجها المعتقلون و يقومون ببيعها بهامش ربح بسيط لكنه مجزئ بالنسبة إليهم، و ذلك كى يحصلوا لأنفسهم شيئا من الدخل يساعدون به في الإنفاق على أسرهم, ويدخل في ذلك القيام بخدمات نظير أجر كغسيل الملابس وكيها وبعض الحرف كتجليد الكتب ونحو ذلك.كما كان البعض يفعل ذلك من باب التقرب إلى الله فلا يحصل على أى ربح في بعض السلع التى يرى أن فيها قربة إلى الله مثل بيع الكتب أو تجليدها أو تصويرها.و كان هذا النوع هو الأكثر إنتشارا في السجون في مرحلة الثمانينات و مطلع التسعينات حتى نهايات 1992م من القرن العشرين, ثم ساد النوع التالى بشكل أكبر مع بقاء هذا بنسبة بسيطة. التجارة الحسنة
و هى التى كان يقوم بها بعض المعتقلين بالمقاييس التجارية المتعارف عليها من تحقيق هامش ربح مناسب للسلع والمواد والخدمات التى كانوا يقدمونها, وكان من ذلك بعض الحرف كالنجارة والسباكة ونحو ذلك, حيث تم السماح في السجون بعد مبادرة الجماعة الإسلامية بمزاولة العديد من الحرف وأنواع التجارة, ومن هذا النوع شغل الخرز في شكل إكسسوارات حريمى ونحوها. و كانت هذه التجارة تشمل أى شئ يحتاجه المعتقلون من طعام أوشراب أو ملابس أو كتب أو أدوات مختلفة أو هدايا أو لعب أطفال من التى يحتاج المعتقلون إهدائها إلى أسرهم عبر الزيارات, كما أن سلعا ترفيهية(أو هكذا بدت) دخلت السجن وانتشرت من عام2003م لأن معاملة إدارة السجون للمعتقلين بدأت تتحسن فبدأت مطالب المعتقلين تتنوع وتزداد لتقترب قليلا من مستوى كل منهم المعيشى خارج السجن, بل إن المعتقلين من المستوى المعيشى المنخفض إستفادوا من تكافل المعتقلين الميسورين معهم من ناحية, كما إستفاد من عمل منهم بالتجارة أو الحرف أو الخدمات من الرواج الذى سببه الميسورون في السجن. وكانت الأسعار في هذه التجارة تماثل نفس الأسعار الموجودة خارج السجن أو أقل منها بقليل.و كان هذا النوع من التجارة هو السائد في الأغلب الأعم بسائر السجون في الفترة الأخيرة. الإستغلال والإحتكار
وهذا النوع كان موجودا في معظم الأحيان التى كان فيها المجال في السجن متاح للتجارة لكنه كان يتفاوت زيادة ونقصا من سجن لسجن ومن وقت لوقت, والقصص التالية توضح أبعاد الموقف:عندما كنت في سجن الفيوم(أغسطس1999م- سبتمبر2003م) تحسنت الأحوال عام 2002م قليلا بسبب مبادرة الجماعة الإسلامية والندوات التى أقامتها لأعضائها في سجن الفيوم أخر عام 2001م, وأدى ذلك كله إلى سهولة دخول الكتب عبر أعضاء الجماعة الإسلامية و كذا عبر المعتقلين في عنبر التوبة [عنبر7[, وقررت إستغلال الموقف وبحثت عن شخص أحضر عن طريقه كتب إسلامية وسياسية, وكان شراء الكتب أسهل من إستقدامها من البيت لأن البعض كانوا يتاجرون في الكتب ويجيدون إدخالها للسجن عبر العوائق والحراس بطريقتهم الخاصة, وقد إشتريت فعلا كمية كبيرة من الكتب من أحد الأخوة ولكنى إكتشفت أثناءها أن سعر الكتب مغالى في سعر كل منها بمقدار الضعف بالمقارنة مع السعر الأصلى لكل منها, وإكتشفت أن الأخ الذي يتاجر يستغل موقف حاجتنا للكتب و عدم قدرتنا على الحصول عليها مع قدرته هو على إدخالها رغم كل العوائق و لكن مع ذلك إشتريت هذه الكتب لأننى لم يكن أمامى بديل.و على كل حال فهناك حالات تمر بها السجون تكون الحالة بين بين فتكون الأشياء ممنوعة لكن يكون من السهل دخولها بطرق ملتوية و حينئذ تكثر التجارة بأنواعها المختلفة, و لكن وجدنا كثيرا من يستغل هذه الحالة لتحقيق أرباح غير طبيعية.وحدث أن رأيت في عنبر(1) بسجن أبى زعبل نفس الطريق حيث كان الأخ (م.ف) يحضر الكتب يبيعها بأضعاف ثمنها بطريقة مغالى فيها جدا و في نفس الوقت يقول إننى لا أكسب إنما أحضر هذه الكتب خدمة للأخوة بلا أى ربح و حتى إذا أخذت شيئا من الربح فإنما آخذ شيئا يسيرا جدا من أجل تكلفة المشوار, فهكذا كان يقول وهكذا كان غير صادق بكل تأكيد, كما كانت حالته المالية خارج السجن ميسرة جدا بحيث أنه لم يكن محتاجا لكل هذه الألاعيب لكنه لم يكن سوى الطمع, وقد مارس هذا الطمع أكثر من خمسة أشخاص في عنبر(1) بسجن أبى زعبل شديد الحراسة في الفترة من 2003م إلى 2006م وتبعهم في ذلك شركاء لهم في عنبرى (2) و (3), وكان عنبر (1) يقيم فيه الموافقون على وقف العنف و من ثم أتيحت لهم تسهيلات فى الزيارة لم تتح للعنبرين الأخرين في هذه الفترة مما جعل عنبر (1) مصدرا لهذه التجارة لجميع العنابر, و كان بعنبر (1) أشخاص عديدون يحبون أن يبيعوا سلعهم بأسعار غير مغالى فيها ولكن إثنين أو ثلاثة كانوا يمارسون ضغوطا على الباقين للمحافظة على أسعار مرتفعة وكانوا يحرجون الأخرين ممن يتاجرون من منطلق أن هؤلاء الثلاثة هم الأكبر سنا و أنهم ورائهم أسر يعولونها لكن الباقين لم ينصاعوا لهم إلا لبعض الوقت و في أوقات أخرى كانوا يبيعون بأسعار منخفضة مع إيصاء المشترى بألا يخبر عم فلان وعم فلان.كما حدث سلوك مشابه في سجن الفيوم في نفس الفترة, وكان عنصر الإستغلال هناك هو إبتعاد السجن عن العمران وعن بيوت المعتقلين مما جعل من الصعب أن يحضروا كل شئ في زياراتهم المتباعدة, لكن سجن الفيوم حينئذ لم يكن به سوى الجماعة الإسلامية فقط ومن ثم تدخل قادة الجماعة في السجن بطريق غير مباشر حيث أحضروا نفس السلع المغالى في أسعارها من خارج السجن ثم باعوها بأسعار منخفضة جدا في السجن مما أجبر الجميع على تخفيض أسعارهم.أما سجن إستقبال طرة فقد كان الحال فيه مختلفا حيث كان يوجد فيه ألوان مختلفة من الإستغلال والإحتكار والإختلاس لكننا سنفرد فيما بعد إن شاء الله حلقة للمشاهد المستقاة من سجن إستقبال طرة لأهمية ما حدث فيه.لكننا لا يمكن أن نتكلم على أنواع من التجارة الإحتكارية دون أن نتوقف كثيرا عند ما حدث في سجن مزرعة طرة في الفترة من 1996م تقريبا وحتى 2006م.كانت المجموعات الأولى من الموقعين على إقرارات التوبة قد إستقرت في سجن مزرعة طرة في ظل رعاية بالغة جدا من الأجهزة الأمنية نتج عنها أن هؤلاء المسجونين تمتعوا بحرية واسعة جدا في العمل والتجارة داخل السجن. ولمن لا يعلم نذكر لهم من القراء أن سجن المزرعة هو سجن مخصص لرجال الأعمال وعلية القوم ممن صدرت ضدهم أحكام بالسجن ومن ثم فمستوى المعيشة فيه مرتفع جدا وينفق هؤلاء الأثرياء المسجونين شهريا مبالغ ضخمة على سلع إستهلاكية بلغت أرباح بيعها أكثر من مائة ألف جنيه كل شهر بأسعار العام الماضى بخلاف الخدمات التى يتم التجارة فيها أيضا مثل غسل الملابس وكيها وغسل أوعية الطعام وتنظيف وترتيب الزنازين و أعمال النجارة و الديكور والسباكة والمحارة و نحو ذلك لأن كل مسجون من علية القوم عادة ما يقوم بتغيير شكل و تشطيبات الزنزانة من حين لأخر فضلا عن إجراءات الإصلاحات والصيانة الدورية للزنزانة على النحو الذى يروق له. كما كان الأمن قد سمح للمسجونيين من قضية التكفير والهجرة بنوع من العمل بسبب تغييرهم أفكارهم فكانوا يتاجرون في السجن وكان لديهم ورشة نجارة كما كان لديهم ولدى مسجونى قضية الفنية العسكرية (أول قضية لجماعة الجهاد في مصر) أدوات صناعة الأركت و كانت الجهات الأمنية تسمح لهم بدخول الأخشاب اللازمة لذلك كله منذ أوائل الثمانينات من القرن العشرين وحتى خروجهم من السجن في منتصف التسعينات.و عندما ذهب التائبون وعملاء الأمن إلى هناك تم السماح لهم بممارسة أى عمل من الأعمال الموجودة والتى أشرنا لها في السطور السابقة, ولم تكن فرص العمل متساوية بل إن حجم الفرصة ونوعيتها إختلفت بمدى قرب المعتقل أو المسجون من أمن الدولة, وبالطبع فاز كبار عملاء أمن الدولة بالفرص الأهم والأكبر لأنهم كانوا قادرين على إبعاد أى معتقل أو مسجون من جنة سجن مزرعة طرة إلى السجون الأخرى التى كانت جحيما حينذاك عن طريق الوشاية به لضابط أمن الدولة, و عادة يكون العملاء أدرى الناس بما يغيظ ضابط أمن الدولة من أى شخص سواء كان معتقلا أو ضابطا أو حتى مجرد موظف مدنى بالسجن, كما يعرفون كيف يقنعون الضابط بوشايتهم الكاذبة وبالتالى فهم يملكون مفاتيح إيغار صدر ضابط أمن الدولة على أى شخص في السجن مما يعنى إيذاء ذلك الشخص.في البداية كان (م.إ) و هو عميل مهم جدا للأجهزة وعضو نشط سابق بالجناح العسكرى للجماعة الإسلامية و كان آنذاك أهم شخصية من السياسين بسجن المزرعة و كان واسع النفوذ وإستغل نفوذه لعمل نشاط تجارى واسع والحصول على ثراء سريع, وشاركه في ذلك كله (ش.ن) وهو عضو نشط سابق بأحد أخطر مجموعات المصرى وصار وقتها الذراع الأيمن للأجهزة في السجن, وتعاون كل منهما فى قمع كل من تسول له نفسه أن يحاول مجرد محاولة في أن ينافس ولو على فتات كعكة التجارة في سجن مزرعة طرة, كما تعاونا في إقتسام الأرباح, وقد أخذ (ش.ن) ورشة النجارة من مسجونى التكفير عند خروجهم من السجن في منتصف التسعينات من القرن الماضى, أما (م.إ) فقد حصل على إذن من المسئولين بإفتتاح كافتيريا بالسجن و دخول ما يلزمها من بضاعة و تجهيزات وقد تطورت هذه الكافتيريا لتصبح كافتيريا و سوبرماركت أيضا, وكان هذين المشروعين يدران على الإثنين أموالا طائلة كل شهر, كما كان لهما أنشطة أخرى ذات عائد مالى كبير, وسوف نتعرض لطبيعة هذه الأنشطة فيما بعد.لم يدم الحال طويلا إذ تشكل تحالف من عملاء أخرين يعمل على إزاحة الثنائى المذكور من المكانة التى يتمتعان بها في السجن و من ثم الإستحواذ على المكاسب التى يسيطران عليها.وساعد على سهولة وسرعة إتمام هذا المخطط أن هذا التحالف كان يضم عملاء لجهات أعلى من الجهة التى يتعامل معها الثنائى, كما أن (م.إ) حصل على عفو صحى قبل أن يتم مدة الحكم المقررعليه فترك (ش.ن) وحده في مواجهة هذا التحالف العتيد.و نجح التحالف بعد صراع قصير في إزاحة (ش.ن) من موقع السيطرة على السجن وعلى التجارة فيه و الإستحواذ على مكانته هذه, وكذا سيطروا على ورشة النجارة و الكافيتريا و سائر الأمور.كان هذا التحالف مكون من (ص.م) و (م.إ) و(ط.إ) وكلهم كانوا من أعضاء الجهاد قبل أن يصبحوا من أخطر عملاء أمن الدولة في السجن, و (ط.إ) كان من القادة التاريخيين لتيار الجهاد (إن جاز التعبير) و كان ضمن الأربع وعشرين شخصا الذين شملتهم القضية العسكرية في إغتيال السادات وصدر ضده حكم كبير فيها وذلك قبل أن يتعاون مع أمن الدولة في منتصف التسعينات من القرن الماضى, كما ضم هذا التحالف أيضا (أ.س) وهو من قادة الشوقيين و صادر ضده حكم كبير في إحدى قضايا الشوقيين الكبرى.لم بكن الأربعة من أصحاب الثروات لكنهم كانوا مصرين على أن يحصل كل منهم على ثروة خاصة به مهما كان الثمن أو الطريقة, و قد كان.الأولان حصلا على الكافيتريا وتوابعها و الأخران حصلا على ورشة النجارة.وبعد قليل إنتقل (ط.إ) للمشاركة معهما في الكافيتريا, و ترك الورشة ل(أ.س) وحده.كانت التجارة تشمل كل شئ يخطر على البال أو لا يخطر ما دام مطلوبا في السوق الواسعة والثرية للسجناء الأثرياء بسجن مزرعة طرة من رجال الأعمال ونواب القروض والمسئولين الكبار السابقين بالدولة وغيرهم من الأثرياء المحتجزين لسبب أو لأخر, ولقد ذكر لى (م.إ) بلسانه أنه باع كل شئ بسجن المزرعة عدا النساء, و ذكر لى أن مما باعه المخدرات والأنواع الفاخرة من الخمور كالوسكى وغيره.و في الواقع فإن المبيعات بدأت من الملاعق والشوك والسكاكين مرورا بالسيجار الهافانا والأطعمة و الأسماك والجمبرى والكافيار لتصل إلى الخمور والمخدرات وسيديهات الأفلام الجنسية ومشغلاتها فضلا عن أجهزة التلفزيون والثلاجات, ولم يكن لدى الثلاثى مالكى الكافيتريا مانع من بيع البضاعة مع تأخير الحصول على الثمن لحين وصول النقود من بنوك أوروِبا للسادة القابعين وراء الأسوار, كما لم يمانعوا في الإقراض النقدى بسبب زيادة السيولة لديهم, لقد كان مسموحا لهم بإدخال سيارة نقل بضاعة كل أسبوع و كان ثمن ما بها من يضاعة في حدود السبعين ألف جنيه و كان يتم بيعها بما يزيد عن مائة وخمسين ألف جنيه أسبوعيا.و لعل القارئ يسأل عن سبب إرتفاع الأرباح بهذه الصورة, و ذلك لأن القارئ لايعلم أن كل أو معظم هذه السلع و الخدمات ممنوعة ولا يستطيع المسجون الحصول عليها إلا عبر هؤلاء العملاء, لكن لكل شئ إذا ماتم نقصان إذ سرعان ما أدى الطمع إلى تعدى (ص.م) و (م.إ) الخطوط الأمنية الحمراء إلى تأجير موبايلات لرجال أعمال و كذا تأجير وصلات إشتراك في الشوتايم, و كل ذلك طبعا ممنوع في السجن وربما كان ضوء أخضر خفى لبعض كبار العملاء بالإستخدام الشخصى لهذه الأشياء لكن دون أن تعمم و دون أن تصير تجارة و زاد من الخطورة الأمنية لهذا التخطى للخطوط الحمراء أن بعض العملاء بدأوا في التعاون من طرف خفى مع الدكتور سعد الدين إبراهيم و بعده مع الدكتور أيمن نور و على رأس هؤلاء كان (ص.م) و (م.إ) و كان ذلك بدافع مصالح معينة إختلفت بإختلاف الأشخاص لكنها كلها كانت مصالح.وعند تخطى كل هذه الخطوط الحمراء بدأت أمن الدولة في التحرى عن ما يجرى وفوجئت أن حجم الأرباح في عدة سنوات فاق المليون جنيه لكل واحد من الثلاثة الكبار بخلاف العملاء الأقل شأنا الذين حقق الواحد فيهم ما بين 50000 جنيه و 250000 جنيه خلال السنوات العشر الأخيرة, و لم يكن هذا الحجم متخيل لدى أمن الدولة و لا إدارة قطاع السجون كما لم يكن مرغوبا منهم, و إن رغبوا أن يقدموا حافز ما لكبار العملاء فإنهم لم يكونوا يتخيلون أن يبلغ هذا المستوى أو هذا المبلغ, و من هذا المنطلق فقد تقرر منع وجود هؤلاء بسجن المزرعة و تم ترحيلهم إلى سجون أخرى في صيف 2006م ولم يسمح بتكرار هذا الوضع هناك, كما أن هذه الأحداث لفتت أعين إدارة قطاع السجون لأهمية التجارة فى سجن المزرعة فإستولت على كل الورش و الكافيتريا التى كان قد جهزها المعتقلون بالمعدات والأجهزة و قامت بإدارتها لحسابها وكانت الكافتيريا وحدها لإدارة السجن أرباح قيمتها 70000 جنيه كل شهر بخلاف المشاريع الأخرى, و كل ذلك كان قد بدأ قبيل مغادرة السياسيين لسجن مزرعة طرة بإيعاز ومساعدة مالية من رجل الأعمال المعروف (خ.م) المسجون في سجن مزرعة طرة في قضية قروض بنكية وذلك بسبب مغالاة التجارالسياسيين المذكورين في الأسعار, وهذا يجرنا للكلام عن حياة رجال الأعمال في السجن وعلاقاتهم بإدارة السجون لكن هذا ليس موضوعنا الآن.وقبل أن ننهى هذه الحلقة لابد أن نشير إلى نوع من الخدمات كان يقوم به العملاء المذكوريين و أمثالهم في السجون الأخرى, و هذا النوع كانوا يقدمونه غالبا لرجال الأعمال و كبار أثرياء المعتقلين والمسجونيين حيث يسهلون لهم شئون إدارية كالإنتقال من سجن لسجن أو إلى مستشفى أو نحو ذلك أو إدخال نقود سائلة للسجن ونحو ذلك, وكله طبعا نظير أجر مناسب لكون هذا الشئ غير متاح أصلا أى ممنوع, و ذلك بسبب نفوذهم الذين يتمتعون به تجاه العامليين بإدارة السجن.

عبدالمنعم منيب
 تم نشر هذا المقال في المدونة القديمة2007-12-17 و في جريدة" الدستور"المصرية و كان هو الحلقة الخامسة من 16 حلقة نشرت تباعا بشكل أسبوعي منذئذ شرحت مشاهداتي للأوضاع الاجتماعية و النفسية و الاقتصادية للمعتقلين السياسيين في سجون مبارك طوال فترة اعتقالي التي استمرت من 21 فبراير 1993م و حتى 1 أغسطس 2007م.


موضوعات متعلقة:

تعليقات