لماذا تكلم بيشوي؟


التصريحات الأخيرة عن القرآن الكريم والتي صدرت عن الأنبا بيشوي أثارت الكثير من ردود الأفعال وربما تركزت معظم ردود الأفعال هذه علي دحض الشبهات التي أثارتها هذه التصريحات من الناحية الموضوعية. ولكن هناك بعداً نريد أن نركز عليه في هذه التصريحات يتمثل في مدي ضرر هذه التصريحات علي العلاقة بين المسلمين والمسيحيين.
قد يظن البعض أنه لا ينبغي أن يعتقد الأنبا بيشوي أو غيره من المسيحيين أن القرآن مزيف، وأن عليه أن يعتقد أن القرآن منزل من عند الله حقا وصدقا، و في الواقع أنه لو اعتقد أي مسيحي ذلك فإنه سوف يسلم، وسيترك مسيحيته، ومن هنا فنحن المسلمين لا شأن لنا بما يعتقده المسيحيون ويتعلمونه داخل جدران الكنائس وداخل تجمعاتهم، فكل عقيدة دينية لا شك أنها تري بطلان ما سواها من عقائد وإلا لو نظر اليهود إلي المسيحية علي أنها حق لتنصروا ولو نظر المسيحيون إلي اليهودية علي أنها غير ملغية برسالة السيد المسيح عليه السلام لتحولوا لليهودية (إن كان ذلك ممكنا)، أما الإسلام فهو وإن صدَّق وآمن بجميع الرسل السابقين بمن فيهم موسي وعيسي عليهما السلام إلا أن الإسلام يري أن رسالة الإسلام التي جاء بها النبي محمد صلي الله عليه وآله وسلم هي خاتمة الرسالات السماوية وأن النبي محمد صلي الله عليه وآله وسلم هو خاتم الرسل فلا نبي بعده ولا رسالة بعده كما أن الدين الإسلامي ناسخ لكل الأديان التي قبله، وهذا كله شيء ثابت، فليس من حرية العقيدة التي أقرها الإسلام بقوله تعالي «لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي» البقرة 256 أن نجبر المسيحيين علي أن يقروا بصحة الإسلام في كنائسهم ومجامعهم الخاصة، بالضبط كما ينبغي أن يتمتع المسلمون بحرية الدين والعقيدة فيذكرون في أدبياتهم وجوامعهم ومجامعهم أن الإسلام هو وحده الدين الحق قال تعالي «ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين» آل عمران 85، وأنكر الإسلام صلب المسيح عليه السلام فقال تعالي «وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما» النساء 156-157. كما أنكر القرآن الكريم ألوهية المسيح عليه السلام وأنكر بنوته لله قال تعالي «لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يابني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار، لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم» المائدة 72-73.
القضية المهمة هي كيف يمكن أن يحدث التعايش وحوار الأديان والحالة هكذا؟!
لا شك أن التعايش سهل إذا صدقت النيات لأن الإسلام يحض ليس فقط علي التعايش مع الآخر الديني ولكن علي البر به والعدل معه قال تعالي «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين أو يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين » الممتحنة 8، أما الحوار مع الآخر الديني بأسلوب حسن فقد ذكره القرآن قال تعالي « ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون» العنكبوت 46، و الحوار سينصب لا شك علي تحسين حالة التعايش بين المسلمين وغير المسلمين تعايشا يسوده البر والعدل دون أن يفتش كل شخص في عقيدة الآخر ويحاكمه عليها ويوجه سهام النقد العلني للعقيدة الراسخة للآخر، علما أن علي الأغلبية واجبات أكبر بسبب ثقلها فالثقل والكبر يزيد من حجم المسئوليات الملقاة علي عاتق ذلك الكبير.
عبد المنعم منيب
نشرت هذه المقالة في جريدة الدستور المصرية 28 سبتمبر 2010م
مواضيع متعلقة

تعليقات

  1. مصر فى مهب الريح

    فى خلال الثلاثين عاما الماضية تعرضت مصر الى حملة منظمة لنشر ثقافة الهزيمة بين المصريين, فظهرت أمراض اجتماعية خطيرة عانى ومازال يعانى منها خمسة وتسعون بالمئة من هذا الشعب الكادح . فلقد تحولت مصر تدريجيا الى مجتمع الخمسة بالمئه وعدنا بخطى ثابته الى عصر ماقبل الثورة .. بل أسوء بكثير من مرحلة الاقطاع.

    1- الانفجار السكانى .. وكيف أنها خدعة فيقولون أننا نتكاثر ولايوجد حل وأنها مشكلة مستعصية عن الحل.
    2- مشكلة الدخل القومى .. وكيف يسرقونه ويدعون أن هناك عجزا ولاأمل من خروجنا من مشكلة الديون .
    3- مشكلة تعمير مصر والتى يعيش سكانها على 4% من مساحتها.
    4 – العدالة الاجتماعية .. وأطفال الشوارع والذين يملكون كل شىء .
    5 – ضرورة الاتحاد مع السودان لتوفير الغذاء وحماية الأمن القومى المصرى.
    6 – رئيس مصر القادم .. شروطه ومواصفاته حتى ترجع مصر الى عهدها السابق كدولة لها وزن اقليمى عربيا وافريقيا.

    لمزيد من التفاصيل أذهب إلى مقالات ثقافة الهزيمة بالرابط التالى www.ouregypt.us

    ردحذف

إرسال تعليق