أعلن الشيخ "حسن حسان" شقيق الداعية المصري "محمد حسان" ومدير البث بقناة الرحمة الفضائية، أن إدارة شركة "النايل سات" التابعة للحكومة المصرية أوقفت بث القناة؛ استجابة لقرار المحكمة الفرنسية الّتي اتهمت القناة بمعادة السامية.
وقال حسان ـ في تصريحات صحفية ـ: إنّ المجلس الأعلى للمواد المسموعة والمرئية "csa " بفرنسا، أعلن عن منع استقبال قناة "الرحمة" الفضائية الإسلامية المصرية على الأقمار الصناعية داخل فرنسا ، كما وجه المجلس تعليماته للقمر الصناعي الفرنسي "أوتيلاسات" بتشفير القناة ومنع استقبالها داخل فرنسا نهائيا، حيث يستقبل الجمهور الفرنسي القناة من خلال خدمات هذا القمر الصناعي.
وأضاف حسان : أن المجلس ذكر في قرار المنع أن القناة معادية للسامية، وتقدم مضامين تشجع العنف بناء على إحدى حلقات برنامج الداعية حازم شومان التي قال فيها موجها رسالته لليهود "لدى رسالة إلى كل يهودي على وجه الأرض، لقد اقترب يوم الثأر، وجيش محمد سوف يعود، يا أكثر المخلوقات لعنة على الأرض، يا أنسال القردة والخنازير" ، حيث قام مركز أبحاث الشرق الأوسط للإعلام "ميمرى" بترجمة الحلقة إلى اللغة الفرنسية، وقدمها للسلطات الفرنسية التي كلفت بدورها المركز بمتابعة مضمون ما تبثه القناة منذ إنشائها عام 2008 وحتى الآن.
وأشار حسان إلى أنه تقدم بمناشدة للرئيس المصري حسني مبارك ، ، ونجله جمال مبارك رئيس لجنة السياسات بالحزب الوطني، وأنس الفقى وزير الاعلام وحبيب العادلى وزير الداخلية، اعتراضا على استجابة إدارة النايل سات لقرار المحكمة الفرنسية بوقف بث قناة الرحمة.
وأوضح مدير البث بالقناة : أن الخطابات اشتملت أيضا على شكوى ضد إدارة "النايل سات" بسبب مخالفتها للعقد المبرم مع إدارة القناة والذي ينص على أنه في حالة وجود أي أزمة يتم حلها بشكل ودي أو يتم اللجوء للمحاكم المصرية، واصفا قرار موافقة النايل سات على طلب الجمعية اليهودية بفرنسا بوقف القناة بأنه "تعسف" ضدهم لمنع أبرز القنوات الإسلامية التنويرية في مصر.
وتابع : أنه على الرغم من أن هناك العديد من القنوات الفرنسية التي تسب الرسول إلا أننا لم نطالب يوما بوقف بث تلك القنوات، متعجبا من إدارة النايل سات التي وافقت على وقف بث القناة بمنتهى السهولة والبساطة على الرغم من أن فرنسا هي التي دائما تدعى أنها ترعى حرية الرأي والتعبير وأنها بلد ديمقراطي" انتهت تصريحات مدير البث في قناة الرحمة.
و قد خصصت ادارة النايل سات ترددا جديدا لقناة الرحمة لايتم بثه عبر القمر الفرنسي, و مع ذلك ظلت ادارة قناة الرحمة و موظفيها في حالة قلق و ذلك القلق انعكس بشكل واضح على محبي القناة و أنصارها الذين تقاطروا على الاتصال التليفوني بالقناة معلنين تأيدهم لها ووقوفهم معها في ما اعتبروه محنة لها.
و منذ اتخاذ هذا القرار من قبل الجهات الفرنسية و المصرية قام المئات من أنصار قناة الرحمة على موقع الفيس بوك الاجتماعي الشهير بإنشاء أكثر من مائة و خمسين مجموعة تدور أسماؤها كلها حول معاني الوقوف بجانب قناة الرحمة و مناصرتها و التصدي للهجوم اليهودي عليها حسب تعبيراتهم, و تراوح اعضاء كل مجموعة من هذه المجموعات ما بين عضو واحد و مابين ستمائة عضو, و كان من اللافت أن إحدى هذه المجموعات تمت كتابة اسمها بلغات ثلاث هي العربية و العبرية و الفرنسية و مع ذلك ليس فيها غير عضو واحد.
و يأتي تكوين هذه المجموعات بهذا الشكل ليعكس أحد أبرز سمات التيار السلفي في مصر و هي أنه غير منظم و تسوده روح الفردية التي تعاند أي عمل جماعي كبير, فرغم أن كل هذه المجموعات تسعى لجمع أكبر عدد من الأعضاء لتظهر للرأي العام حجم انصار و أهمية القناة إلا ان تفرقها هذا الذي زاد عن 150 مجموعة جعلها تبدو هزيلة من حيث عدد أعضاء كل منها في حين لو كانت كلها مجموعة واحدة لبلغ عدد أعضائها عدة آلاف, لكنه التفرق و عدم النظام.
و رغم أن هذا الجانب من أزمة السلفيين في مصر هو جانب خطير إلا أن المتأمل لواقع التيار السلفي سيجد أن هناك العديد من الجوانب أو لنقل المشكلات التي تواجه التيار السلفي لا تقل في خطورتها عن ازمة التفرق و انعدام الروح الجماعية في العمل, و من أبرز هذه المشكلات الخلافات الفكرية المرتبطة بادراك حقيقة الواقع السياسي الذي يعيشه السلفيون و كيفية التعامل معه, و مطالعة المناقشات التي جرت بين جمهور السلفيين متنوعي الاتجاهات و المشارب أو لنقل متنوعي المشايخ تكشف هذه المشكلة بجلاء, إذ يعلق أحد القراء على خبر أزمة قناة الرحمة في احد مواقع النت فيقول أبو أنس:
"قبل كل شي اقدم تحياتي وتقديري لسلفي الاسكندريه وعلي رأسهم الدكتور محمد بن اسماعيل المقدم حيث انهم لم ينخرطوا في الفضائيات والاعلام لانهم بحسهم الايماني يعلمون ان اليوم سياتي وتضرب الدوله هذا التيار الفضائي ويبدأون في التسول والتوسل لدي عدوهم وعدو الدعوه..وها هو حسان يستجدي مبارك وابنه لان المسأله اصبحت بزنس وشهره كبيره من الصعب ان يتخلوا عنها..ليس هذا مكانكم ارجعوا الي المساجد وعلموا الناس الدين من المسجد ولا تتوسلوا لاحد." انتهى التعليق.
و رغم ما فيه من اتهامات لكنه يعكس حجم المشكلة التي نتكلم عنها.
و التجول مع تعليقات القراء على خبر وقف بث قناة الرحمة الذين هم جمهور السلفية يكشف حجم و خطورة هذه الأزمة, فالمعلق السابق لم يسلم من الرد الجارح أحيانا بل طلب البعض حذف تعليقه و كان من أخف الردود التي تصدت له تعليق أم زياد التي قالت:
حسبى الله ونعم الوكيل فى كل من يقف ضد الحق وفي من يتكلم باى كلمة من عند نفسه المريضة او يعيب باى شكل من الاشكال فى فضيلة الشيخ محمد حسان الرجل الذى لم ترى الامة العربية مثيل له منذ رحيل فضيلة الشيخ الشعراوى فما العيب اذن ان يمتدحه الناس لانه ينير لهم الطريق المظلم ويهديهم الى الحق افمن يهدى الى الحق احق ان يتبع ام من لايهدى الاان يهدى كفاكم ظلما وتشفيا جزاكم الله ما تستحقون وسلط عليكم انفسكم فالرحمة باااااااااقية باذن الله والشيخ حسان منصور بامر الله وبدعاء ملايين مريدى علمه وسماحته وخلقه الجم" انتهى
و البعض تصدى بطريقة مختلفة فقال عمرومن اسكندرية:
"الشيخ على خير وانا تلميذ الشيخ ياسر برهامى والشيخ محمد اسماعيل وهم يثنون على الشيخ حسان ويدعون له" .
و بنفس الطريقة قال ابومريم من اسكنرية:
"تلميذ فى المدرسة السلفية :انصح نفسى واخوانى ان يتقوا الله واما عن عدم ظهور شيوخى هذا لان الراية مرفوعة ولا يهم من يرفعها وليس لانهم لم يظهرواعلى القنوات الفضائية ان القنوات مخالفة للمنهج عياذا بالله والذى يحضردروس الشيخ محمد اسماعيل والشيخ ياسر يرى ويسمع سعادتهم بهذه القنوات ودائما ما ننصح المسلمين بمتابعة الرحمة والناس والحكمة وغيرها بل ويدعون الله لهم بالتوفيق والسداد اماعن علم الشيخ فلوان الشيخ اخطأ او كان على غيرهدى فان شيوخنا لما انتظروا من احد ان يوجههم لأن يردو عليه"انتهى.
لكن في الحقيقة فهؤلاء أرادوا أن يخفوا حقيقة الخلافات الموجودة بين السلفيين و بين بعضهم البعض فمعروف أن الدعوة السلفية و التي يوجد مركزها الرئيسي في الاسكندرية لديها العديد من الملاحظات على الفضائيات الاسلامية و مماراساتها و ان كان العامل الأهم في عدم مشاركاتهم فيها هو منعهم من قبل اجهزة الأمن, و قد علق أحد القراء بما قد يشير لشئ من ملاحظات بعض السلفيين على أداء الفضائيات فيقول من أسمى نفسه الفقير الى عفو الله:
" مع احترامي الكبير لفضيلة الشيخ حسان وكل القائمين على قناة الرحمه واى قناه تخدم دين الله عز وجل اطلب من اصحاب التعليقات الانصاف وعدم النظر بنظرة احاديه, كلام الاخ ابو انس وان كان جرىء ولكن فبه جزء حقيقى ماذا فعل الشيخ حسان فى ازمة غزه ماذا فعل فى كل القضايا التى مرت على مصر فى الفترات السابقه, تورط الشيخ فى الفتاوى وهو ليس لها اهل, ولا اقصد التجريح, اين هو من محمد عبد المقصود او المقدم او رسلان؟
يجلس بالساعات والنساء تمدح فيه, فتح مجال لنظر النساء الى الدعاة وهذا مخالف للقران, جعل القناه سوق تجاريه, اقام مسابقات عن طريق الهاتف وهى قمار, وعندى مئات المخالفات له وانا والله سلفى واحب الشيخ واسال الله ان كنت اتكلم ببغض ان يعاملنى الله بما استحق انظر الى الشيخ الزغبى حفظه الله سهم فى ظهور النصارى والشيعه وكل المنكرات فى مصر وغيره ولم تغلق القناه التى يتكلم فيها حفظها الله, لا يُمنع الخير الا بذنب ويؤتى الرجل من قوته, وفى النهايه اقول اللهم لاتسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا وان كانت قناة الرحمه حقا هذا الدين الذى يرضيك كنا لها معين, إسال الله ياحسان ولا تتطلب الخير ممن لا خير فيه" انتهي.
و رغم أن الحرب السلفية السلفية لم تنته فنجد العديد من الردود التي تحاول أن تظهر روح الاعتدال فيقول من أسمى نفسه غزاليك:
الأخوة الذين يطلقون علي أنفسهم أو يقبلون أن يطلق عليهم "سلفيون" يحملون في أعماق قلوبهم شعورا بالمرارة عميقة الجذور تجاه مخالفيهم وهذا غير مفهوم ، لأنه يفترض في من تخالط بشاشة الحق قلبه أن تصفو نفسه وأن تشغله عيوبه،هذا من جهة ، ومن جهة أخري يستغني قلبه بما أودعه من حقائق الإيمان عن ملاحقة الآخر بالتكفير أو التبديع أو النبز المقيت ، كالذي يقول : أبشر بما يسوؤك ، أو جزاك الله , ولعدم الإطالة أقول : جزي الله الشيخ الكبير حسان عن الإسلام و المسلمين كل خير فإني أحسبه إن شاء الله من الداعين إلي الهدي علي بصيرة، وإنني لا أري أي غضاضة في أن يقوم الشيخ حسان أو أي من القائمين علي القناة الموقوفة بالاتصال بالمسئولين لحل الإشكال ولا داعي لأن نطلق الأسماء علي هذا العمل ، كالذي يدعوه توسلا أو تسولا أو تذللا ، فلقد قبّل صحابي جليل من قبل رأس قيصر الروم الكافر في سياق فك أسر إخوانه، إنني أحب الشيخ الجليل في الله حبا جما وأدعو الله سبحانه أن ينصره بجند لم تروها وأن يجعل كلمة الذين كفروا هي السفلي ، إن هذا الانصياع الذريع تلبية لمطالب دولة داعرة لهو خير دليل علي أن استقلال دولنا العربية ماهو إلا زيف تتم مداراته زمنا لكي تأتي أفعال كهذه لتفضحه علي رؤوس الأشهاد، و لاحول ولاقوة إلا بالله ، كما أنتهز هذه الفرصة ومع علمي باعتزاز الشيخ بتلمذته علي ابن عثيمين رحمه الله ، فأدعو الشيخ الجليل ليخرج بسماحته ووعيه من العباءة الضيقة للسلفية "المدعاة" ليكون حبيبا ومنارة لكل المسلمين ، ولو سمح لي الشيخ هنا لأطلت فيما أراه لصالح الإيمان والمؤمنين ، لكن ليس لدي الإذن بذلك ، ولا أريد ان أتطفل علي مائدة قمن أن يؤمها الأحبار والأطهار ، ألحقنا الله بزمرتهم وأنالنا من بركتهم ، والأخ محمد يطالب بحذف أبو أنس ، وهذا ليس من حقه و إلا فهو يريد آراء متشابهة بما يحول التعليقات في الموقع إلي صورة باهتة ومملة لرأي متنفذ" انتهى.
و في سياق مشابه يقول (ak2k):
دروس و عبر 1- يسمح لنجاد حفيد (.....) ان يعلنها مدوية لابد من ازالة اسرائيل و لا يحاسب لأنه متواطئ ، اما مقدم برنامج في فضائية لا يسمح له عجبي. 2- من سمح بالقناة يستطيع اغلاقها. لأن الباطل لن يسمح بنصرة الحق و لكن يسمح باستخدامه لمصالحه بشكل غير مباشر فنحتاج القوة التي تحمي الحق. 3- سدد الله خطي الشيخ محمد حسان ، فقد سدد وقارب و لم يكتفي بتوجيه اللوم للظروف و الجوابات و النقد اللاذع للمخالفين 4- الأخ ابو أنس الذي أظهر الشماته ، ان المنبت لا أرضا قطع و لا ظهرا ابقي وما لا يدرك كله لا يترك كله و الخلاف في الرأي أو في طريقة خدمة الدين لا تفسد للود قضية و لا أظن الشيخ المقدم يقبل منك هذه الشماته"انتهى.
و طبعا دخلت مناقشات على الخط يبدو من مضمونها أن أصحابها من الجهاديين الذين انتهزوا الفرصة و ليسوا من السلفيين فنقرأ مثلا:
Iqtibess يقول:
"احيانا اشعر بالضحك او اتمني ان اضحك على قوم يصدقون ان هناك حرية تعبير او حرية تدين او السماح لهم بسب اليهود ونقد امريكا و لسان الحكام: الملعب ملعبي والكرة كرتي فهل تلعب بقوانيني او شوف لك ملعب اخر, ولا يوجد ملعب الا ملعب حسني مبارك وأصدقائه اليهود قد يسمحون لمحمد حسان بلقطة فنية او هجمة مرتدة او تمرير كرة في زاوية ولكن ان يسجل هدفا ضد اليهود فالراية جاهزة كي ترفع والصفارة تدوي معلنة هناك تسلل هناك تسلل يامحمد حسان اعد الكرة ونعيد الصافرة بالمرة وعليك بالتحرك في اطار مرسوم ومحدد فالملعب تحيط به مجموعة خطوط تبدوا للمشاهد بيضاء وهي في الحقيقة حمراء"انتهي
و يقول: محمد عبدالله عبد الوهاب:
"رأس الفتنة هو رأس النظام والمدان الاول هو رأس النظام الذي قبع على صدر البلد مايقرب من ثلاثين عاما حتى كاد ان يخنقها هو وحاشيته وصدق فيهم قول الشاعر: قوم اذا ركعوا فالغرب قبلتهم .... ويفطرون على خمر اذا صاموا"انتهي
و يقول احمد: "لعنة الله على كل خائن من المسلمين واولهم خونة ارض الكنانه"
و تقول قـاصرة الطرف: "طبعآ الطواغيت لايرفضون اي طلب تريده حبيبتهم الغرب ..........وانا خوفي ان تغلق القنوات الاخرى السلفيه في مصر هبـوا يااخواننا في مصر لنصرة القنوات الاسلاميه السلفيه كان الله في عونكم"
و يقول آخر:
"الحكومة المصرية ،، هي الحكومة اليهودية ،، المفروض جهاد هذه الحكومة لإزالتها .."
و تقول مصرية: "طبعا لازم ننفذ و نعمل كل اللي هما عاوزينه هو احنا عندنا الشجاعة والجرأة علي اي حماية لأي حد حتي لو كان الدين الاسلامي والمكافأة من النايل سات وإدارته والحكومة للحكومة الإسرائيلية انها بثت وعلي نفس القمر قناة لليهود الاسرائيليين وباللغة العربية لتضليل الشباب تحت مرئي ومسمع من قادة مصر الشرفاء حسبي الله".
و تبرز كل هذه التعليقات ازمة الخلافات و التناقضات داخل التيار السلفي و بعضه البعض, كما تطرح فكرة التشدد السياسي الذي يتجاذب التيار السلفي من قبل الجهاديين الذين عادة ما يجدون الفرصة سانحة عند كل بادرة تضييق حكومي على السلفيين ليدعوهم لأفكار تيار الجهاد التي ترفض التعامل مع الواقع السياسي بأي شكل من الأشكال سوى أساليب القوة و العنف السياسي.
و هناك فصيل متشدد داخل التيار السلفي نفسه يتحفظ على وجود و اداء الفضاءيات الاسلامية و هذا أيضا انتهز فرصة أزمة قناة الرحمة و هو قد يجذب بعض النشطاء من فريق من محمد حسان.
و بجانب ذلك كله فقد دقت أزمة قناة الرحمة ناقوص الخطر بشأن العديد من الاشكاليات السياسية ذات الخلفية الفكرية التي تواجه السلفيين الذين ينشطون على أساس ضوء أخضر من الحزب الوطني الحاكم, و أول هذه الاشكاليات كيف يمكنهم أن يتصرفوا في حال ما إذا فرضت الارتباطات الخارجية للنظام المصري الحاكم على أجهزة الدولة و أجهزة أمنها أن تحظر جوانب من الأنشطة السلفية كالفضائيات أو تحد من بعضها كتقليل عدد المساجد المسموح لهم بالتحرك فيها, أو حتى التدخل في مضمون الخطاب السلفي الدعوي بمنع الكلام في بعض القضايا التي يتناولها السلفيون مثل قضايا اليهود أو المسيحيين أو الولايات المتحدة و نحو ذلك, بل إن ازدياد سطوة الدولة و اجهزتها الأمنية في التعامل مع المعارضين بعامة قد تجعل بعض الأجهزة في حالة نشوة تدعوهم لمحاولة تغيير موقف السلفيين و دفعهم لاعلان خطابا مرضيا للغرب في هذه القضايا امعانا في مجاملة النظام المصري لأوروبا و الولايات المتحدة و اسرائيل, صحيح أن قطاعا واسعا من السلفيين سيرفضون ذلك, لكن ماذا بعد الرفض و ما هي البدائل التي ينبغي على السلفيين اللجوء اليها خروجا من مثل هذه الأزمة؟
جانب كبير من السلفيين تصوراتهم السياسية مشوشة لذلك سمعنا العديدين في قناة الرحمة في الأيام الأخيرة يحاولون التزلف لليهود و لفرنسا و اوروبا عامة بأنهم قناة وسطية و انهم لا يعادون اليهود إنما فقط يعادون العدوان اليهودي على الفلسطينيين (هكذا بالنص), و هكذا تبنت الرحمة خطابا مشوشا لا يدرك أن الضغوط الصهيونية و الفرنسية عليهم إنما هو مساندة للعدوان الصهيوني على العرب و المسلمين في الأراضي المحتلة و أن الاتكاء على كلمة الداعية شومان انما هو مجرد ذريعة للانتقام من قناة الرحمة التي شنت منذ فترة غير قليلة حملة اعلامية ضد اسرائيل و لصالح القدس الشريف و المسجد الأقصى المبارك, و كذلك سمعنا محمود حسان المدير العام لقناة الرحمة و شقيق محمد حسان يعلن أننا أملنا في الله و في المسئولين كبير (هكذا بالنص), رغم ما في ذلك من مخالفة شرعية حسب الفقه السلفي إذ لا يجوز اشراك أحد مع الله بواو المعية, و لم يلغ ذلك قول محمد حسان في اليوم التالي أننا لا نلجأ إلا لله وحده.
و من هنا يفقد سلفيو الرحمة جانبا من تأييد السلفيين بسبب هذا الخطاب الذي قد يعده البعض متهاونا بينما لن ينجحوا في احداث أي تغيير في الموقف الفرنسي أو الصهيوني.
و هكذا سلسلة طويلة من المشكلات و الأزمات و الخلافات السياسية و الفكرية فجرتها أزمة قناة الرحمة الأخيرة داخل التيار السلفي و لن تنتهي بانتهاء أزمة القناة.
عبدالمنعم منيب
تعليقات
إرسال تعليق