المشاركات

الليبراليون و الإسلاميون

العلمانية في مصر خيار سلطة أكثر منه خيار شعب فالشعب و إن أيد سعد زغلول كزعيم فإنه أيده لموقفه من الاحتلال الانجليزي و استبداد الملك صنيعة الانجليز, لم يعرض سعد زغلول على الشعب الاختيار بين الحكم بأحكام الشريعة الإسلامية و بين الحكم العلماني بوجهه الليبرالي, و إنما تم تخيير الشعب بين العلمانية الليبرالية المناضلة ضد الاحتلال و بين الحكم الملكي المستبد الموالي للاحتلال, و نفس الشئ حدث مع جمال عبد الناصر الذي فرض العلمانية (و إن بوجهها الديكتاتوري) بقرار فوقي مثله مثل سعد زغلول, و أيضا أيد الشعب ناصر حيث كان الخيار أمام الشعب هو إما ثورة يوليو و زعيمها و إما الملك الفاسد و الأحزاب المفسدة , و حتى عندما اختلف ناصر مع الإخوان المسلمين فقد كانت حركة الإخوان حركة مرهقة من الضربات الأمنية المتلاحقة و النزاعات الداخلية كما أن الصراع لم يحسمه استفتاء من الشعب بل حسمته الآلة الأمنية الناصرية بجبروتها المعروف, المهم أن الشعب لم يختر بين ناصر و الإخوان, و لم يطلب منه الاختيار بين العلمانية الناصرية و الإسلامية الإخوانية, إنما كان على الشعب أن يختار إما علمانية ناصر الديكتاتورية المناضلة ضد الامبريا...

لماذا تكلم بيشوي؟

التصريحات الأخيرة عن القرآن الكريم والتي صدرت عن الأنبا بيشوي أثارت الكثير من ردود الأفعال وربما تركزت معظم ردود الأفعال هذه علي دحض الشبهات التي أثارتها هذه التصريحات من الناحية الموضوعية. ولكن هناك بعداً نريد أن نركز عليه في هذه التصريحات يتمثل في مدي ضرر هذه التصريحات علي العلاقة بين المسلمين والمسيحيين. قد يظن البعض أنه لا ينبغي أن يعتقد الأنبا بيشوي أو غيره من المسيحيين أن القرآن مزيف، وأن عليه أن يعتقد أن القرآن منزل من عند الله حقا وصدقا، و في الواقع أنه لو اعتقد أي مسيحي ذلك فإنه سوف يسلم، وسيترك مسيحيته، ومن هنا فنحن المسلمين لا شأن لنا بما يعتقده المسيحيون ويتعلمونه داخل جدران الكنائس وداخل تجمعاتهم، فكل عقيدة دينية لا شك أنها تري بطلان ما سواها من عقائد وإلا لو نظر اليهود إلي المسيحية علي أنها حق لتنصروا ولو نظر المسيحيون إلي اليهودية علي أنها غير ملغية برسالة السيد المسيح عليه السلام لتحولوا لليهودية (إن كان ذلك ممكنا)، أما الإسلام فهو وإن صدَّق وآمن بجميع الرسل السابقين بمن فيهم موسي وعيسي عليهما السلام إلا أن الإسلام يري أن رسالة الإسلام التي جاء بها النبي محمد صلي ا...

الانتخابات المصريَّة القادمة بين العلمانيَّة والإسلام

يدور صراعٌ بين الفكر العلماني والعقيدة الإسلامية في مصر بشكلٍ دائم بأشكال وأساليب مختلفة، ولعل موقف التيارات الإسلامية المختلفة من انتخابات مجلس الشعب القادمة أبرز مثال على ذلك؛ حيث هناك موقف ثابت بتحريم خوض أي انتخابات برلمانيَّة ترشحًا أو تصويتًا تتبنَّاه التيارات السلفيَّة وغيرها، كما أن هناك موقفًا يتبناه الإخوان المسلمون، قائم على المشاركة في هذه الانتخابات كلما كانت الأحوال مواتية. ولفهْم أبعاد الصراع الإسلامي العلماني في مصر لا بدَّ من تأمُّل الفصول المختلفة لقصة هذا الصراع منذ بدايتِه, فقد اندلع جدل واسع في بدايات القرن العشرين في مصر حول الطريق الذي ينبغي أن يسلكه المصريون من أجل النهضة، وانقسم المصريون إلى فريقين, فريق يقول أنه لا سبيل للنهضة والتطوُّر إلا بتبني أطروحاتِ الفكر والحضارة الغربية المعاصرة حلوها وشرها, بينما دعا الفريق الآخر إلى حتميَّة تبنِّي المنهج الإسلامي في الدين والدنيا لإصلاح شئوننا والنهوض من كبوتِنا, الفريق الذي دعا لتبني الحضارة الغربية دعا للعلمانيَّة فيما يتعلق بمجال السياسة، ولم يستبعدْ أن يكون المواطن متدينًا فيما بينه وبين ربه، أي داخل جدران بيته و...

الإسلاميون و النظام الحاكم

من الملاحظ أن قطاعا واسعا من الإسلاميين إما مؤيدون للنظام الحاكم أو يسلكون سلوكا مؤيدا لهذا النظام, و هذا القطاع الواسع يمكن رصد سلوكه المؤيد للنظام الحاكم في عدة قضايا على النحو التالي: § تكاد تعتبر هذه التيارات الإسلامية أن هذا النظام الحاكم هو نظام و إن لم يكن مثاليا فهو نظام مقبول بالمعايير الإسلامية حسب رأيهم و فقههم هم , ذلك الفقه الذي يعتبرونه هو المرجعية الإسلامية الثابتة و الصحيحة دون سواها. § دائما ما تتخذ هذه التيارات مواقف حادة بشكل مجاني من قوى المعارضة الإسلامية و العلمانية على حد سواء, و ربما كانت عينهم على سماح النظام لهم بالوجود مقابل هذه المواقف المعارضة لكل من يعارض النظام, و لكن لاشك أن هذا ثمن بخس لسبب بسيط هو أن وجود هذه التيارات حتمي لكل من المجتمع و الدولة و نظام الحكم فالنظام الحاكم لا يسمح لهم بالوجود كمجرد إحسان منه إنما هي ضرورة سياسية و مجتمعية بل و أمنية أيضا هو مضطر لها و محتاج إليها. § كثيرا ما تقوم هذه التيارات بانتقاد أساليب قوى المعارضة المختلفة تلك الأساليب التي تكون بالطبع موجهة للنظام الحاكم و أحيانا نلاحظ أن أشد هذه الأس...

الإسلاميون والحياة السياسية

يظن كثير من الناس أن كل الإسلاميين أو أغلبهم هم من الإخوان المسلمين, بينما الحقيقة أن هناك مئات الألوف من الإسلاميين لا ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين لا فكرا و لا منهجا و لا تنظيما, و هناك قوى إسلامية عديدة منظمة أو شبه منظمة تتحرك وتعمل في الشارع المصري بجدية و حيوية لا بأس بها, إلا إن صورة الإخوان المسلمين هي الماثلة أكثر في الأذهان بسبب ممارستهم لأشكال من العمل السياسي, والعمل السياسي لا تحتاجه الحركات الإسلامية من أجل الشهرة إنما تحتاجه من أجل تحصيل قدر من القوة و القدرة في مواجهة القمع الحكومي مما سوف يتيح لها مزيدا من العمل والنشاط الإسلامي الفعال والواسع في الواقع المصري, هناك جماعات تظن أن العمل السياسي سوف يعوق عملها عبر استثارة النظام الحاكم عليها الأمر الذي سيدفع أجهزة الأمن لمنع هذه الجماعات من النشاط, و أغلب جماعات الحركة الإسلامية تؤيد هذه الرؤية خاصة عدد من المجموعات السلفية و جماعة التبليغ و الدعوة و الجمعية الشرعية و جماعة أنصار السنة وغيرها, كما أن العديد من مشايخ جماعة الدعوة السلفية خاصة المشايخ ياسر برهاني و سعيد عبد العظيم و عبد المنعم الشحات يرون أن الدخول في مج...

حسن البنا في فكر و مواقف الحركات الإسلامية غير الإخوانية

"لولا حسن البنا ما كنتم أمامي الآن" هكذا قال شيخ مشايخ سلفية العصر الحديث محمد ناصر الدين الألباني عندما سأله أحد تلامذته عن رأيه في حسن البنا. فالإمام حسن البنا لا ينكر فضله أحد من كافة الحركات الإسلامية لذلك فإننا نجد أحد الباحثين السلفيين وهو الشيخ عبد المنعم الشحات يقول عن الشيخ حسن البنا: " الأستاذ "حسن البنا" شخصية حادَّة الذكاء، متوقدة العاطفة، تملك قدرة عالية على التأثير فيمن حوله، بدأ حياته صوفيًّا في الطريقة الحصافية؛ فطوَّر من شأنها من حركة انعزالية رافضة إلى حركة اجتماعية نشطة عن طريق تأسيسه لجمعية "الإخوان الحصافية"، ثم التحق بكلية "دار العلوم" عن طريق مسابقة أهـَّلته للانضمام إليها رغم حداثة سنه، فانتقل من قرية "المحمودية" إلى "القاهرة"، حيث تأثر بالأستاذين: "محمد رشيد رضا" و"محب الدين الخطيب"، وعرفه الجمهور عندما قدمه "محب الدين الخطيب" كاتبًا في "مجلة الفتح"، واتسعت مدارك الأستاذ "البنا"، وبدا وكأنه يعيش حالة من الصراع بين مورثه الصوفي القديم وبين الثقا...

التاريخ و الجغرافيا و الفتنة الطائفية

عزز حوار الأنبا بيشوي يوم الأربعاء 15 سبتمبر مع المصري اليوم العديد من الهواجس بين العديد من المراقبين حول إمكانية اندلاع فتنة طائفية في مصر, و كانت تطورات أحداث قضية كاميليا شحاتة منذ شهرين و ما صحبها من ردود أفعال متنوعة قد أثارت مثل هذه المخاوف, و لكن لا شك أن مصر عصية على الفتنة الطائفية بين المسلمين و الأقباط منذ دخل الإسلام مصر, فتاريخ مصر و جغرافيتها تشهد على وحدة و تجانس الشعب المصري مع تنوع دياناته و عقائده, فالمسيحية لم تشهد حرية اعتقاد و عبادة إلا في ظل الحكم الإسلامي الذي حررها من نير الاستعباد و الاضطهاد الروماني الذي كان يتدخل في أدق شئون العقيدة لدى المسيحيين المصريين و يسعى لإكراههم و إرغامهم على الاعتقاد بمذهب الدولة البيزنطية في مجال الاعتقاد المسيحي, و عندما دخل عمرو بن العاص مصر كان قادة رجال الدين المسيحي المصريون هاربين من حكام مصر الرومان و متخفين في صحراء مصر خوفا من البطش و القمع الروماني لهم, و ما إن حكم المسلمون مصر حتى أطلقوا حريات المسيحيين الأمر الذي أدى إلى تحول أغلب المسيحيين المصريين إلى اعتناق الإسلام بعد عقود من الفتح الإسلامي لمصر, و من هنا صار أغل...