كتب أحد الأخوة على صفحته على الفيس بوك : عندى سؤال أريد عليه اجابة ، و انا لا أعذر أحد يعرف سبيلا للاجابة لعل الله يهدينى او يزيل ما فى صدرى على يديه
بوضوح تبنى الجماعات فكرة ، و تغير مسارها بناء على مراجعة تتلوها شورى ، ذلك ما اعتدناه.
فكيف تغيرت الاخوان "بغض النظر عن رأينا فى التغير",من درع و سيف (و الكلام فى الرسائل عن أن سبيل التغيير الوحيد هو الدعوة فالسيف أجلى من الشمس فى رابعة النهار) الى انتخابات و ثورات,و تجريم للدرع و السيف؟
ملحوظة:-
(1)الجهاز الخاص تم حله بناء على خديعة و لكن لم يجرم السيف الا فى التوسعة الثانية فى السبعينات.
(2)هذا تغير عميق ، و السؤال عن كيف؟الالية قبل الصحة و الخطأ.
انتهي كلام الأخ .. فعلقت عليه بالتالي:
سبب التغيير الذي حدث في الاخوان من وجهة نظري أن الشيخ حسن البنا كان له أوجه و أدوار متعددة بحسب مستويات و مجالات العمل فرغم أنها شاملة و نادى بالعمل بشمولية الاسلام و لكن الظروف السياسية فرضت عليه اخفاء بعض الأجزاء و الظروف الامنية فرضت عليه اخفاء بعض آخر و هكذا .. الاخفاء لم يكن عن خارج الجماعة فقط بل حدث اخفاء عمن هم داخل الجماعة بحسب طبيعة دور كل منهم .. و هو كان يجمع مع نفسه و بيده خيوط كل المجالات و كل الأدوار و عندما توفى كان ذلك أحد أسباب الخلافات التي قصمت ظهر الجماعة (بجانب أسباب أخرى) فكل ذي دور صار لا يرى في عمل الجماعة الا دوره ففريق التنظيم الخاص يركز على دوره و فريق العمل التنظيمي العام لا يرى الا دوره و يرغب في التخفف من تبعات العمل الخاص و السياسي يريد أن ينطلق في أفاق العمل السياسي بتحالفاته و دهاليزه .. و حدث الخلاف و لم يترك لهم ناصر وقتا للحسم بل زج بهم تحت مقصلة القمع و السجن فصار الأمر ساكنا بدرجة ما حتى جاءت مرحلة اعادة البناء للجماعة من جديد في بداية السبعينات و قد تولاها رجل من رجال السياسة "عمر التلمساني" و عاونه التنظيميين من رجال العمل العام و تم صياغة الجماعة بالشكل التي صارت عليه من دمج تربويات الانضباط و الأخلاقيات و العمل الايماني (و كلها كانت من اعمال التنظيم الخاص) في عمل أصبح اطاره التنظيمي هو الأسر و الكتائب للأعضاء بمختلف درجاتهم الأعلى من الحلقة المسجدية، بينما تم دمج العمل الدعوي العام في مرحلة الحلقات المسجدية ، أما العمل السياسي فترك لمكتب الارشاد و لهياكل اخرى اختلفت بتطورات الزمن الى ان استقرت قبل انشاء الحزب على ما سمي بالمكتب السياسي بجانب أدواته العملية حيث مكتب الطلبة و مكتب العمال و كذا النقابات المهنية ..الخ و كل القطاعات فيها نظام الأسر بشكل أو بآخر من أجل العمل التربوي و التنظيمي للأعضاء و فيها نظام الحلقة المسجدية بشكل أو بآخر من أجل الدعوة... و هكذا صاغ عمر التلمساني الجماعة و تطورت على هذا الوضع حتى الآن .. وجود مصطفى مشهور على رأس الجماعة أثار هواجس بشأن عودة النظام الخاص لكن واضح أن خط عمر التلمساني قد تعمق و اتفق الجميع عليه (بخلاف مؤسسي التنظيم الخاص الذين لم يندمجوا في الجماعة في مرحلتها الجديدة مثل أحمد عادل كمال او من قيل أنهم انشقوا عنها مثل محمود عبد الحليم) و زاد خط عمر التلمساني عمقا مأمون الهضيبي لتوليه الملف السياسي لفترة طويلة قبل أن يتولى منصب المرشد العام و الهضيبي الابن هو من عمق اتجاه الالتزام الدقيق بالتغيير عبر النضال السياسي السلمي بواسطة الأسس الدستورية و القانونية القائمة ثم الحكم عند الوصول للحكم عبر الالتزام بالدستور و القانون القائم و التغيير البطئ و التدريجي و صار يؤصل لهذا الاتجاه في كل كلام له في أي مناسبة عامة او خاصة و على نهجه سارت الجماعة منذئذ و حتى الآن.. و القضية ليست العمل المسلح من عدمه القضية هي قضية فهم تطورات الجماعة و فهم طبيعة منهجها سابقا و حاليا .. أما جدوى العمل المسلح نفسه و مشروعيته من عدمها فهذا أمر آخر يطول الكلام فيه و ليس موضعه الآن.
هامش توضيحي:
عمر التلمساني لم يكن مجرد مرشد بل هو مؤسس الجماعة في طورها الراهن الذي بدأ بعد المحنة الناصرية منذ الربع الثاني من السبعينات عندما بدأ التأسيس من حيث لا جماعة سوى قليل من كبار السن الذين أنهكتهم سنوات السجن و القمع.
مأمون الهضيبي عندما أمسك بالملف السياسي في آخر الثمانينات كانت الجماعة تعافت للتو من المحنة الناصرية و أصبح لها تنظيما يمكنها التحرك به و في مثل هذا الوقت يصبح أي سلوك جديد هو بمثابة تقليد راسخ يسير عليه من يأتي بعده.
قيادة الاخوان صلبة و ليست كقيادة جماعات أخرى تراجعت تألما من الضغط و بالتالي فقرارها مبني على اجتهادهم في تقدير المفاسد و المصالح .. يجوز اتهامهم بسوء التقدير لهذه المفاسد و المصالح لكن يصعب اتهامهم بالضعف أو الخوف.
مع ملاحظة أن هذا المقال ليس تحليلا ذاتيا لي و انما هو متابعة للأحداث و تجمبع لمعلومات موثوقة من مصادرها الأولية.
عبد المنعم منيب
تعليقات
إرسال تعليق