الحركة الاسلامية السنية ابتليت بانقسام فصائلها كلها الى مسارين لا ثالث لهما:
مسار يرى أنه لا أداة لتحقيق الاستراتيجية و السياسة الاسلامية سوى الحرب و السلاح .. و حتى الحرب و السلاح في مفهومهم هو بالمفهوم الضيق مفهوم حرب العصابات و سلاحها الصغير و المتوسط في خمسينات و ستينات القرن العشرين.. فالحرب عند هذا الفريق حربxحربxحربxحرب و هكذا الى ما لا نهاية .. و هذا عكس ما هو معروف في هذا المجال من أن الأمر حربxحربxتفاوضxمسار سياسيxتحقيق أهداف الحرب.
أما المسار الآخر فيرى أن الحرب و السلاح رجس من عمل الشيطان حتى لو ضرب خصومه ظهره و أخذوا ماله و اغتصبوا نسائه و قتلوا أبنائه و لا يرى سبيلا للتمكين للاسلام سوى بوسائل سلمية .. و حتى هذه السلمية منقوصة فهي لا تحتوى على كل التكتيكات السلمية المعروفة في العصر الحديث ، فهي مقصورة على تكتيكات عرفها قادة اوائل لهذه التيارات و لزمها تلامذتهم عبر الأجيال و ألفوها و انغلقوا عن ما سواها.
و لهذا السبب فالحركة الاسلامية السنية تسير من هزيمة الى اخفاق و من إخفاق الى خزي و ندامة و هكذا، و لا أحد يقبل النقد و لا التقييم و اذا قلت لأحد الطريق غير صحيح بدليل عدم الانجاز يقال لك هذا بلاء لأن الله يحبنا و يختبرنا و اذا قلت لهم لو كان الطريق سليما لحدث تقدم و لانتقلنا من مرحلة الى مرحلة تالية لها و أعلى منها يتجاهل كلامك ، و لا يفقهون أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم بعد 13 عاما من الاستضعاف أقام دولة صغيرة و بعد 8 سنوات أخرى صارت دولته دولة قوية و هادن مكة و غزا الروم و بعدها بسنة او أقل فتح مكة و سيطر على الجزيرة العربية كلها ، بينما نحن نسير من استضعاف الى استضعاف منذ ضعف الخلافة العثمانية و احتلال بريطانيا و فرنسا و غيرهما لأقطار العالم الاسلامي و حتى الآن.
و الكل من حولنا يتقدم و يحرز القوة و نحن محلك سر ، فالشيعة أقاموا دولتهم 1979 و مازالوا يتنقلون من قوة لقوة منئذ و حتى الآن فأخذوا لبنان و سوريا ثم العراق و بالأمس أخذوا اليمن و هم في الطريق لأخذ الكويت و البحرين و أجزاء من العربية السعودية و بعدها أرني من سيصمد امامهم في المشرق العربي كله حتى حدود مصر!!!!.
لو فتحت أي كتاب مدرسي في السياسة ستجد أن للسياسة أدوات متعددة بعضها سلمي و بعضها حربي و كل من النوعين داخله تنويعة ضخمة من الاستراتيجيات و التكتيكات فضلا عن انفتاح الباب للابداع و الخيال السياسي و الاستراتيجي.
و الصراع السياسي و الاستراتيجي يستلزم خلطة مبدعة من كل هذه الاستراتيجيات و التكتيكات لتحقيق هدف تمكين الاسلام و حكمه، أما الذين تحجرت رؤسهم و أفكارهم على سبيل واحد من سبل العمل الاسلامي و لا يمكنهم أن يروا أو يفهموا غيره من السبل فهم ليسوا فقط مخالفين للعلم و التاريخ بل انهم مخالفون للهدي النبوي و لن يحققوا أي نتائج حقيقية مستقرة.
الحركة الاسلامية السنية محتاجة حركة جديدة لا تنتمي لأي من المسارين فتكون سلمية عندما يكون الواقع و الهدي النبوي السياسي و الاستراتيجي يقتضي ذلك و تكون ثورية عندما يكون الواقع و الهدي النبوي السياسي و الاستراتيجي يقتضي ذلك ، كما يمكن الخلط بينهما في وقت واحد بأساليب مختلفة اذا اقتضت معطيات الواقع ذلك، اذ القول بأي من الطريقين بشكل دائم لا يمت للعلم و لا للواقع و لا للسنة النبوية بأي صلة.
و ليكن اليمن لنا مثال حيث أن القاعدة هناك أقدم من الحوثيين و الاخوان المسلمون و السلفيون أقدم من الجميع و رغم هذا أخفق الجميع و صعد الشيعة الحوثيون و سيطروا على البلد.
عبد المنعم منيب
تعليقات
إرسال تعليق