السلفية هل تهدد نظام الحكم في مصر أم تدعمه؟

 علاقة السلفية بالوهابية و بتنظيم القاعدة و الاخوان المسلمين.
 من المعتاد أن تجذب بعض أحداث الفتنة الطائفية اهتمام السلفيين و احيانا تدفعهم للخروج في مظاهرات كما حدث في أحداث المسرحية التي قيل أنها عرضت في كنيسة في الاسكندرية منذ عدة سنوات.
 لماذا يتجاهل السلفيون ملف الاصلاح السياسي في مصر.
 الجمعية الشرعية و جماعة أنصار السنة من أقدم الجماعات السلفية في مصر.
 السلفية الجهادية لا علاقة لها بالسلفية العلمية الموجودة في مصر و في بعض الدول العربية, بل بالعكس يوجد تنافس بينهما.
 لا الاخوان المسلمين سيمكنهم تجاهل الجمهور العريض الذي تمثله السلفية و لا السلفية ستستغنى عن الوزن السياسي الهام للاخوان.
 ما هو الدور السياسي للسلفيين في الانتخابات القادمة و في قضية توريث الحكم؟
 مواقف السلفيين من المنتظر أن تتغير مع مرور الوقت عبر النضج الذي ستولده تجاربهم لا سيما بعد تجربتهم العريضة في القنوات الفضائية و شبكة الانترنت, بجانب متابعتهم للنقد الذي يوجه إليهم.
 ليس مصادفة أن المحاكمة العسكرية الوحيدة التي جرت في مصر لسلفيين كانت بسبب تهريبهم المال و السلاح لغزة عام 2001
 لم تعد المملكة السعودية ترتاح لتوجهات الاخوان المسلمين و طموحاتهم السياسية منذ موقفهم الرافض للتدخل الأمريكي في حرب تحرير الكويت عام 1990
السلفية هي أحد التيارات الاسلامية القديمة جدا في مصر منذ العصور الوسطى الإسلامية و قد مثلها العديد من الجمعيات و المجموعات منذ بدايات القرن العشرين الميلادي مثل جمعية "الهداية" التي قادها الشيخ محمد الخضر حسين لكن هذه الجمعيات كانت تنشأ ثم تنحل مع مرور الوقت.
و كانت هذه الجمعيات تهتم بالشعائر الاسلامية التعبدية المختلفة و تجريدها من البدع, و السعي لتنفيذها على النحو التي كانت عليه في العصور الاسلامية الأولى في عصر النبي محمد صلى الله عليه و آله و سلم و عهد صحابته لاسيما الخلفاء الراشدين بشكل خاص, كما اهتم هذا التيار دائما بما تسميه الجماعات الاسلامية بالهدي الظاهر و يقصد به إتباع سنة النبي محمد صلى الله عليه و آله و سلم في الأمور المتعلقة بشكل الملابس و شعر الرأس و اللحية بالنسبة للرجال و الحجاب و عدم إظهار التزين بالنسبة للنساء, و هناك العديد من الجمعيات و الجماعات السلفية التي نشأت منذ زمن طويل و مازالت ناشطة حتى الآن مثل "الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب و السنة" و التي أسسها الشيخ محمود خطاب السبكي (رحمه الله) في تسعينات القرن 19 الميلادي و كان من علماء المذهب المالكي في الأزهر الشريف, و عندما تم إصدار قانون الجمعيات سجل الشيخ جمعيته وفق هذا القانون عام 1913م, و ظلت تعمل حتى اليوم و لها فروع كثيرة بكل محافظات مصر و عادة ما يقودها علماء من الأزهر الشريف حتى الآن رغم أن من بين دعاتها أشخاص من خريجي المدارس و الجامعات المدنية و هؤلاء يتلقون دورات علمية لمدة سنتين في معهد إعداد الدعاة التابع للجمعية, قبل أن تعتبرهم الجمعية دعاة و تسمح لهم بالخطابة و إعطاء الدروس في مقراتها.
و"الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب و السنة" لا تمارس السياسة و لاتتكلم فيها و لا تتخذ أي مواقف سياسية, لكن الحاج عيسى عاشور (رحمه الله) صاحب دار الاعتصام للنشر أصدر مجلة اسمها "الاعتصام" و اتفق مع الجمعية الشرعية على اعتبارها لسان الجمعية الشرعية, و ظلت هذه المجلة تكتب عن السياسة في العصر الملكي ثم امتنعت عن ذلك في عصر جمال عبدالناصر ثم عادت لنفس النمط في عصر السادات و مارست المعارضة السياسية الاسلامية بحدة و كأنها إحدى صحف المعارضة مما دفع الرئيس أنور السادات إلى جعلها في زمرة الصحف و المجلات التي صادرها ضمن القرارت القمعية التي أصدرها ضد جميع قوى المعارضة المصرية في 5 سبتمبر 1981م, و لكن المجلة عادت للصدور في عصر مبارك إلى أن توقفت مع انتهاء ترخيصها بوفاة صاحبها, الا أن الجمعية الشرعية أصدرت في السنوات الأخيرة مجلة باسم "التبيان" و هى تنحو منحى سياسيا أشبه بالاعتصام لكن الاتجاه الإخواني الذي تميزت به الاعتصام خفت قليلا في "التبيان" و إن ظل بارزا بها, و يعكس التوجه السياسي لهاتين المجلتين رغم تعبيرهما عن جمعية تنأى بنفسها عن السياسة حالة عدم الاقتناع بالالتزام الحرفي لقاعدة عدم الاشتغال بالسياسة التي كان محمود خطاب السبكي قد إلتزم بها منذ تأسيس جماعته كما يعكس تأثرها القوي بجماعة الاخوان المسلمين .
لكن لابد من ملاحظة أن الخطاب السياسي لمجلات هذه الجمعية و لبعض دعاتها في المساجد قائم على أسلوب الاصلاح الجزئي العشوائي, فهو لا يطالب بتغيير شامل و متكامل كما أنه لا يطرح برنامجا متكاملا و محددا للاصلاح أيا كان جوهره, بل يكتفي بتوجيه النقد لعدد محدود من المظاهر السلبية و قضايا الفساد والفشل السياسي و الاقتصادي و إن كان تركيزهم الأكبر على قضايا الفساد الأخلاقي, و يقتصر تناولهم لأي من هذه القضايا على بعض جوانبها الجزئية دون الإطار الكلي لها الذي ينتظمه النسق السياسي أو الإجتماعي أو الإقتصادي العام.
و تركز الجمعية إهتمامها الأكبر في مجال تنقية الدين من البدع و الخرافات و مكافحة التبرك و التمسح بالأضرحة أو النذر لها و الصلاة فيها و رغم أنها لا تدعو للتمسك بمذهب فقهي محدد فإن من بين علماءها من يلتزمون بمذهب محدد بحكم دراستهم الأزهرية أما دعاة الجمعية الشرعية فمرجعهم الأساسي كتاب الشيخ محمود خطاب السبكي "الدين الخالص" و هو موسوعة فقهية ضخمة تذكر كل الأراء الفقهية بأدلتها ثم ترجح أحدها.
و ترى"الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب و السنة" أن مشكلة الأمة الإسلامية تكمن في البدع و الخرافات التي دخلت على الدين و منها العديد من طقوس التصوف, و انه إذا تم تنقية الدين من هذه البدع سوف يعود للأمة مجدها و عزها.
و بالرغم من ذلك فإن موقفهم من الصوفية ليس بحدة فصائل اسلامية أخرى, بسبب الطبيعة الصوفية التي تربى عليها السبكي في الأزهر, و بالتالي فإن الجمعية الشرعية تميل لتقسيم التصوف لنوعين نوع معتدل و هو الملتزم بالسنة و نوع متشدد و هو الذي يتضمن انحرافات عقائدية و فقهية.
و أيضا من الجمعيات البارزة ذات الطبيعة السلفية في مصر "جماعة أنصار السنة المحمدية" و هي فصيل من الحركة الإسلامية التقليدية حاد جدا في موقفه من التصوف و الصوفية ذلك الفصيل قام بتأسيسه الشيخ محمد حامد الفقي عام 1926م وهي تعمل بنشاط حتى الآن, و كان الشيخ محمد حامد الفقي من علماء الأزهر كما كان من مرتادي الجمعية الشرعية, لكنه اختلف معهم في أحد جزئيات مسألة صفات الله تعالى و هي جزئية من علم العقيدة و هي من المحددات التي تفرق بين الفرق الإسلامية المختلفة (كالمعتزلة و الأشاعرة و أهل السنة و الشيعة و غيرهم), و لذلك أنشأ الشيخ حامد الفقي "جماعة أنصار السنة المحمدية" و هي في فكرها العقيدي أقرب إلى أهل السنة أكثر من الجمعية الشرعية و تركز في خطابها على محاربة بدع المساجد و الأضرحة و الصوفية و تعتبر أن البعد عن الإسلام الصافي هو أحد أسباب تخلف الأمة الإسلامية كما أن مسألة وجوب الحكم بالشريعة على مستوى نظام الحكم في الدولة حاضرة و منصوص عليها في أدبيات الجماعة و ميثاقها ولكنهم عندما يطالبون بها عبر الخطابة و الكتابة و الدروس المسجدية فإن ذلك لا يصحبه أي عمل سياسي آخر ومعظم علماء"جماعة أنصار السنة المحمدية" هم من علماء الأزهر الشريف حتى اليوم, و لها فروع كثيرة في كل محافظات مصر لكنها أقل حيوية من الجمعية الشرعية رغم أن فكرها الفقهي أكثر حيوية من فكر الجمعية الشرعية.
و تصدر"جماعة أنصار السنة المحمدية" بانتظام مجلة شهرية اسمها "التوحيد" تتسم بأنها بعيدة لحد كبير عن الكلام في السياسة و هي بذلك عكس مجلات الجمعية الشرعية, بل إن هذا مثير للدهشة لأن الطرح الفكري لجماعة أنصار السنة أكثر إلتصاقا بالسياسة إذا قارناه بالطرح الفكري للـ "الجمعية الشرعية" بسبب حرص "أنصار السنة" الواضح و الصريح في ميثاقها على طرح قضية الحكم بالشريعة و الدعوة لها و الاصرار على أنها واجب شرعي لا سبيل للفكاك منه و انه السبيل الوحيد للإصلاح و الخروج من أزمات الأمة الراهنة.
و في مقابل الاختراق القوى و الواضح الذي حققه الإخوان المسلمون للجمعية الشرعية, فإنه من الواضح أن هناك إختراق مماثل حققته السلفية العلمية و السلفية الحركية لجماعة انصار السنة.
و يقدر عدد نشطاء جماعة أنصار السنة في مصر بعدة آلاف ناشط فقط, لكنها قوية بما تملكه من مؤسسات خيرية و معاهد علمية و مكتبات و مساجد و إن كانت الأخيرة تم ضمها لإشراف وزارة الأوقاف في محاولة حكومية لتكبيل الجماعة و الحد من توسع نشاطها و تقليل عدد أعضائها.
و توجد امتدادات لجماعة أنصار السنة المحمدية في بعض الدول العربية لكنها لا تتبعها تنظيميا, و أهم جماعات "أنصار السنة المحمدية" خارج مصر توجد في جمهورية السودان و هي هناك أقوى و أكبر من جماعة أنصار السنة في مصر رغم أن جماعة مصر هي الأصل, و لكن ربما يرجع السبب لحرية الحركة المتاحة للجماعة هناك بالمقارنة للجماعة في مصر.
كما يوجد متعاطفون فكريا مع جماعة أنصار السنة في العديد من دول العالم بما في ذلك في أوروبا لكن مع مرور الوقت يزداد تماهي أنصار السنة مع السلفية العلمية و السلفية الحركية لتشابهما الشديد في المنهج الفكري.
و بجانب هاتين الجمعيتين يوجد تيار واسع غير منتظم في تنظيم واحد هذا التيار برز بشكله الحالي في منتصف السبعينات من القرن الماضي, و أتباع هذا الفصيل يطلقون على أنفسهم السلفيين, و هم لا تجمعهم منظمة محددة لكنهم يلتفون حول عدد من المشايخ و يتتلمذون عليهم و يمثل الشيخ منفردا هو و مجموعة تلاميذه كيانا مستقلا عن بقية المشايخ و تلاميذهم, و يتفاوت عدد التلاميذ من شيخ لآخر حسب نجاح الشيخ و شهرته في مجال الدعوة فهناك شيخ عدد اتباعه يقدر بعشرات الآلاف و هناك شيخ عدد أتباعه يقدر بالعشرات فقط, و أشهر مشايخ هذا التيار و أكثرهم شعبية الدكتور أسامة عبدالعظيم أستاذ أصول الفقه بجامعة الأزهر و الذي يزعم البعض أن أتباعه أكثر من مائة ألف منتشرين في معظم محافظات مصر, و هو رقم كبير إذ قارناه بحجم مجموع أعضاء كل الأحزاب السياسية في مصر فيما عدا الحزب الحاكم و تزداد أهمية هذا العدد من الأتباع إذا علمنا أن كل هذا العدد هم من النشطاء و ليسوا مجرد مستمعين لشيخ, و يعتبر الشيخ محمد مصطفى الدبيسي بمثابة نائب للدكتور أسامة عبدالعظيم و هو أهم مساعديه منذ نشأة هذا الفصيل, رغم أن هذا الفصيل لم يعلن عن هيكل تنظيمي محدد المعالم حتى الآن.
و هذا الفصيل عادة لا يشتغل بالسياسة ولا يتكلم فيها علنا و لا يتخذ مواقف سياسية علنية لكنهم قد يضطرون للكلام في السياسة تحت ضغوط أتباعهم المقربين جدا و يكون ذلك في جلسات سرية لخواص الأتباع و يقتصر كلامهم السياسي على شرح تصوراتهم للواقع السياسي و مشكلاته, و يعتبرون هذا الكلام من الأسرار التي يكون من المحظور علي الجميع إذاعتها خارج نطاق الذين حضروا هذه الجلسات السرية.
و تتلخص رؤية هذا الفصيل للتغيير السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي في تفسيرهم الخاص لقوله تعالى "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" فهم يرون أن الأية تشير إلى أن تغيير واقع الأمة الإسلامية إلى الأفضل لن يتم إلا عندما يغير كل مسلم نفسه وفق معايير الإسلام فيلتزم بتعاليمه و يؤثر في من حوله من أهله و جيرانه و زملاء عمله فيغيروا هم أيضا أنفسهم بنفس الطريقة و بذا ينصلح حال الأمة من وجهة نظرهم, و من أهم معايير الإسلام التي يسعون لتطبيقها في الواقع تنقية الدين من البدع خاصة المرتبطة بالتصوف و الأضرحة و كذلك منع المسلمين من الإفتتان بالحضارة الغربية و مرتكزاتها الفكرية المخالفة للإسلام, و وسيلة التغييرعندهم تنحصر في الدعوة عبر خطب الجمعة و الدروس الدينية في المساجد بالإضافة إلى الدعوة الفردية و طبعا دخلت على الخط القنوات الفضائية و مواقع شبكة الإنترنت, و كان هذا الفصيل يقوم بدعوة الناس في الشوارع للصلاة في المسجد و الإستماع لدروس المشايخ عندما كانت أجهزة الأمن تغض الطرف عن هذا في فترة السبعينات من القرن الماضي لكنها توقفت عن هذا النشاط منذ الثمانينات من القرن الماضي تحت ضغط الأمن.
و تفيد بعض المعلومات الموثوقة المتسربة عن قيادة هذا التيار أن أكثرهم لا يمانع من المشاركة في التصويت في الانتخابات النيابية و غيرها من انواع الانتخابات لدعم محاولات الاصلاح و هم في ذلك يتفقون مع منهج الاخوان المسلمين.
وفي منتصف السبعينات أيضا أنشأ مجموعة من قادة الحركة الطلابية الإسلامية في عدد من جامعات مصر تيارالسلفية العلمية لكن كان ثقلها الرئيسي في جامعة الإسكندرية حيث قادها من هناك و إلى جميع أنحاء مصر محمد إسماعيل المقدم و سعيد عبد العظيم و محمد عبد الفتاح (أبو إدريس) و أحمد فريد و غيرهم و كان من أبرز قادتها في القاهرة حينئذ عبدالفتاح الزيني, و قد رفضوا الإنضمام للإخوان المسلمين عام 1978م و سموا أنفسهم المدرسة السلفية و رفضوا لفظ الأمير لإعتبارهم أنه يقتصرعلى إمارة الدولة و لكن أطلقوا على قائدهم أبي إدريس لقب "اسم قيم المدرسة السلفية" أسوة بالمدارس العلمية التي كانت قائمة في عصور الإزدهار العلمي في التاريخ الإسلامي, و احتدم التنافس بين "المدرسة السلفية" و الإخوان على ضم الشباب و السيطرة على المساجد, و عندما أصدرت المدرسة السلفية ابتداء من نهايات عام 1979 سلسلة كتب دورية باسم "السلفيون يتحدثون" تندر عليهم بعض الإخوان بقولهم السلفيون يتحدثون و الإخوان يجاهدون و كان الجهاد الأفغاني قد اندلع لتوه ضد السوفيت و كان الشائع حينئذ أن المجاهدين الأفغان هم من الإخوان المسلمين.
و ظلت السلفية العلمية تطلق على نفسها اسم "المدرسة السلفية" لعدة سنوات لكنها سعيا لتطوير حركتها و اعطاءها مزيد من الحركية زاد اهتمامها بالعمل الجماهيري و أطلقوا على منظمتهم اسم "الدعوة السلفية" و بذلك اصبح اسم "المدرسة السلفية" مجرد تاريخ.
و"الدعوة السلفية" منتشرة في كل أنحاء مصر و لها أتباع كثيرون يقدرون بمئات الألوف و يطلق عليهم اختصارا اسم "السلفيين" لكنهم ليسوا تنظيما هرميا متماسكا مثل الإخوان المسلمين بل يغلب عليهم التفرق لمجموعات يتبع كل منها شيخ من المشايخ لكن مشايخها متفاهمون لحد ما, ومن مشايخها المشهورين غير الذين ذكرناهم الشيخ محمد حسان و الشيخ أبو ذر القلموني صاحب كتاب "ففروا إلى الله" و الشيخ محمد حسين يعقوب و الدكتور سيد حسين العفاني و الشيخ ياسر برهامي و الشيخ أبواسحاق الحويني و الشيخ مصطفى العدوي و غيرهم كثير جدا لكننا ذكرنا أشهرهم.
كما أن "الدعوة السلفية" مثلها مثل بقية تيارات الحركة الإسلامية ترى وجوب رجوع المسلمين إلى الإلتزام بتعاليم الإسلام وفقا لمنهج السلف الصالح لكنهم أكثر حرفية و التزاما بذلك و اقل اجتهادا و تجديدا فيه, و يفرق بينهم و بين الإخوان المسلمين رفضهم للتصوف و آراء الأشاعرة و المعتزلة و الشيعة التي ترك الإمام حسن البنا الباب مواربا لها بهدف لم شمل المسلمين, كما يفرقهم عنهم أيضا رفض "الدعوة السلفية" للعمل الحزبي و الدخول في الإنتخابات البرلمانية, كما يفرقهم عن تنظيمي الجهاد و القاعدة رفضهم للعمل المسلح.
ومن المتوقع أن يسعى النظام الحاكم في مصر في لحظة ما لافساح ساحة العمل السياسي أمام "السلفية العلمية" لاحداث توازن مع العمل السياسي الضخم الذي يقوم به الاخوان المسلمين, لأن السلفيين هم التيار الأضخم في الساحة الاسلامية المصرية إلا أنهم ليس لديهم مركزية في التنظيم كما لا يملكون عمق الخبرة التنظيمية و السياسية التي يتمتع بها الاخوان المسلمين, فضلا عن أن توزع السلفيين إلى مجموعات متعددة تتبع كل منها شيخ من مشايخ السلفية هو عقبة أخرى من عقبات قيام السلفيين بأي دور سياسي, و قد كانت أحداث حرب غزة (2009) مناسبة لظهور أثر تعدد المشايخ على الموقف السياسي للسلفيين فقد رد الداعية الشهير الشيخ محمد حسان على الشيخ محمد حسين يعقوب بشأن موقفه من حرب غزة ردا اتسم بالحدة الشديدة إذ مدح الشيخ محمد حسان صواريخ حماس في برنامجه "جبريل يسأل والنبي يجيب" على قناة الرحمة وأنكر على من يقلل من جهدهم ويسخر من صواريخهم و وجه حسان كلامه للحكام الذين يجلسون على كرسي الحكم فقال: "في النهاية الكل هيموت، انت فاكر إن الكرسي هيخوف ملك الموت، إنت فاكر إن الجنود هتخوف ملك الموت لا يا حبيبي... أين الظالمون وأين التابعون لهم في الغي .."
وحث حسان على الجهاد و الاستشهاد و مساندة الفلسطينيين فقال: "إننا نشتاق إلى الجنة بل إن من في قلبه مثقال ذرة من صدق يرجوا الآن الشهادة في سبيل الله تعالى.."
وأشار حسان إلى القهر و الاستبداد الذي تعيشه الأمة الاسلامية حسب رأيه فقال: "كفاية الذل، كفاية ..الناس شربت لما طفحت ذل ومهانة " وفي إشارة ضمنية لأن الأنظمة العربية لا تفعل شيئا لفلسطين و أنه لا حل من وجهة نظره الا في القتال الفعلي ضد الصهاينة قال الشيخ حسان "الجعجة كتير ولا أرى طحنا، والكلمات كتير ومؤتمرات وزيارات ومفاوضات والأسلحة صدت (أي أصابها الصدأ) وما شفناش صاروخ وقع على اليهود من أي جهة".
و وجه حسان كلمة إلى رجال الأعمال قائلا "الذين يستثمرون أموالهم في بنوك أوربا وأمريكا نقول لهم آن الأوان أن تستثمروا أموالكم في أمتكم في أوطانكم في بلادكم لتكون عونا للأمة على قوتها واستقلالها اقتصاديا وعسكريا".
و في هذا الخطاب أثنى حسان على حماس كثيرا ووصفهم بأنهم "الأطهار الأبرار"
و كان الشيخ محمد حسين يعقوب الداعية السلفي المشهور قد وجه قبلها نقدا لاذعا لحماس و سخر منها و من أعمال المقاومة سخرية مرة كما سخر ممن يطالبون الشعوب و الحكومات الإسلامية بعمل شئ لغزة و قال لا نستطيع أن نعمل لهم شيئا, كما سخر من الصواريخ التي تطلقها المقاومة و قال انها لا تفعل شيئا سوى أنها تعطي الذريعة لقتل الفلسطنيين, جاء ذلك في محاضرتين ليعقوب بثهما موقع طريق الاسلام عبر شبكة الانترنت قبل محاضرة حسان بيوم, و هذا الموقف يعطى صورة لما قد يكون عليه الأمر في حالة انغماس السلفيين في العمل السياسي في مصر, فهم قد يختلفون بشدة و يتنازعون في مواقفهم من القضايا السياسية المختلفة, و هذا أيضا جانب من جوانب ضعفهم إذا تمت المقارنة بينهم و بين الاخوان المسلمين الذين يملكون تنظيما مركزيا يتسم بالسمع و الطاعة الحديدية.
وفي نفس الوقت الذي نشأت فيه السلفية العلمية (منتصف السبعينات من القرن العشرين) نشأ في القاهرة رافد أخر من روافد السلفية بقيادة عدد من الدعاة الشباب حينذاك و كان أبرزهم في ذلك الوقت الدكتور سيد العربي و الدكتور محمد عبد المقصود و الشيخ نشأت ابراهيم ولم يختلف هذا الرافد السلفي عن السلفية العلمية الا في شئ واحد و هو الاعلان عن كفر الحاكم الذي لا يحكم بالشريعة الاسلامية باسمه أيا كان اسمه, و قد انتشر هذا التيار مع الوقت و صار له أنصار و أتباع يقدرون بعشرات الآلاف لا سيما بعدما برزت شعبية بعض الدعاة الاسلاميين من هذا التيار مثل الداعية ذائع الصيت فوزي السعيد, و قد أطلق بعض أتباع هذا التيار على أنفسهم اسم السلفية الحركية, و لكن المشايخ الكبار من هذا التيار لا يطلقون على أنفسهم أي اسم.
و قد تعرض هذا التيار لحصار أمني شديد منذ عام 2001م بسبب قيام عدد من رموزه بالافتاء لعدد من الشباب بجواز جمع التبرعات و تهريبها إلى الفلسطينيين في الأراضي المحتلة, و جواز الانتقال لهذه الأراضي للمشاركة في المقاومة المسلحة هناك, و على إثر ذلك قام هؤلاء الشباب بجمع عدة ملايين من الجنيهات كتبرعات و هربوها لغزة كما حاولوا التدرب على السلاح بهدف الانتقال لغزة عبر سيناء للمشاركة في أعمال المقاومة المسلحة, و قد تم إعتقالهم جميعا كما إعتقل معهم إثنان من أبرز رموز هذا التيار و هما الشيخ نشأت ابراهيم و الشيخ فوزي السعيد, و تم تقديمهم جميعا إلى محاكمة عسكرية بالقاهرة و عرفت اعلاميا باسم "محاكمة تنظيم الوعد" , و صدرت ضدهم أحكام متفاوتة لكن المحكمة برأت ساحة كل من الشيخين نشأت ابراهيم و فوزي السعيد, و تم الافراج عنهما بعد عدة سنوات من الاعتقال.
و لكن مازال رموز هذا التيار و دعاته ممنوعون من التعبير عن آرائهم في أي مكان سواء مساجد أو صحف أو قنوات تليفزيونية أو حتى في جلسات خاصة, و قد خرق الشيخ نشأت ابراهيم هذا الحظر و ألقى موعظة دينية في مناسبة عزاء في فيلا أحد أقرباء أحد المتوفين و ذلك تحت إلحاح أهل المتوفى فتم اعتقاله في نفس الليلة عام 2007م و ظل بالسجن عدة شهور قبل أن يفرج عنه بعد أخذ التعهدات عليه بعدم الكلام مرة أخرى في أي مكان.
و يبدو أن التشدد الأمني مع هذا التيار يأتي من مجاهرة هذا التيار بمعارضة الحاكم الذي لا يحكم بالشريعة تصريحا في خطابهم الدعوي و تصريحهم بكفره, هذا رغم موقفهم الواضح برفض العمل المسلح أو إنشاء منظمات اسلامية سرية.
و على كل حال فهذا التيار السلفي سواء من أسميناه هنا بـ "السلفية العلمية" و كذلك توأمه الذي أسميناه هنا بـ "السلفية الحركية" يمثلان في مصر و مختلف دول العالم أقوى و أكبر تيار إسلامي منافس لجماعة الاخوان المسلمين من حيث العدد و الحيوية بل إن نشطاءه و أتباعه أضعاف أتباع الاخوان المسلمين في كل مكان لكن هذا التيار يتخلف عن الاخوان المسلمين في القدرات و الخبرات التنظيمية و السياسية.
و في أوائل التسعينات رغب عدد من الجهاديين العرب البارزين أمثال أبومحمد المقدسي و أبوقتادة الفلسطيني في دفع تهمة طالما أثارها بعض الاسلاميين السلفيين تجاه التيار الجهادي و هي أنهم يهتمون بالجهاد فقط بينما لا يهتمون بالعلم فأطلق هؤلاء اسم السلفية الجهادية على التيار الجهادي و انتشر هذا الاسم في دول الخليج و الشام, لكن اسم السلفية الجهادية أصبح اسما ذائع الصيت بعد عدد من العمليات المسلحة في الخليج و الشام, و بدأ بعض المتعاطفين مع القاعدة في مصر و غيرها يستحسنون التسمي بهذا الاسم لا سيما و أنه أقل اثارة للشبهات الأمنية من اسم القاعدة, مع أن فكرهم الحقيقي هو فكر منظمة القاعدة.
و بذا يتبين لنا أن اسم السلفية الجهادية لا علاقة له لا بالسلفية العلمية و لا السلفية الحركية الموجودتين في مصر و في أغلب الدول العربية, و الذين يطلق عليهم اللفظ الدارج و المشهور "السلفيون", بل بالعكس فإن هناك تنافس بين السلفية الجهادية و السلفية العلمية في مجال استقطاب الأعضاء لكل منهما.
و يوجه العديد من الكتاب العلمانيين و الليبرالين النقد للسلفيين المصريين بسبب عدم مشاركتهم في النضال السياسي المعارض لنظام الحكم و كذلك بسبب تركيزهم في وعظهم على أمور اليوم الآخر و على أمور العبادات و مظاهر الانسان من ملابس و لحية و حجاب و نحو ذلك مع عدم التركيز على أحكام المعاملات الاجتماعية و الاقتصادية في الاسلام لا سيما أنه لو ركز مشايخ السلفية على الوعظ في هذه المجالات فإن ذلك سيكون له مردود هام و جيد على المجتمع و قضية الاصلاح بأسرها, إلا أن هذا النقد رغم وجاهته فإن فيه مغالطتان:
الأولى- أن عزوف مشايخ السلفية عن الكلام و الوعظ في هذا المجال ليس عاما فإن منهم من يطرق هذا الاتجاه و يتكلم فيه من حين إلى آخر بل و يتكلم في العديد من الشئون السياسية مثل الشيخ أبي اسحاق الحويني و الشيخ حازم صلاح أبو اسماعيل و غيرهما.
الثاني- أن عدم تكلم السلفيين في هذه المجالات ليس موقفا فكريا أو عقائديا راسخا بل هو مجرد تقدير لهامش الحرية المتاح و حذر من التورط في مشكلات مع نظام الحكم من ناحية و من ناحية أخرى عدم وعي بأولويات العمل الدعوي و عدم الوعي هذا من المنتظر أن يتغير مع مرور الوقت عبر النضج الذي ستولده التجارب الدعوية للسلفيين لا سيما بعد تجربتهم العريضة في القنوات الفضائية و شبكة الانترنت, بجانب متابعتهم طبعا للنقد الذي يوجه إليهم.
إن النقد الذي يوجه للسلفيين بشأن عدم تركيزهم على قضية المعاملات الاجتماعية و الاقتصادية و قضايا الاصلاح السياسي جيد لو ظل في هذا الاطار و هو جدير بالمناقشة في هذا الاطار أيضا, و سرعان ما سيتجاوب معه السلفيون بمرور الوقت لكنه لو خرج عن هذا الاطار إلى اطار آخر يهدف لحذف الأحكام الفقهية الخاصة بالمظاهر الخارجية للمسلم أو المسلمة من حجاب أو لحية أو نقاب, و كذلك حذف أو اهمال أحكام الفقه الخاصة بالعبادات كصلاة و صيام و زكاة و غيرها من منطلق أن الأمة تواجه تحديات و مشكلات كبرى أهم من ذلك فإن هذا النقاش أو النقد في هذه الحالة سيلقى كل اهمال و تجاهل من التيار السلفي لسبب بسيط جدا هو أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم واجه تحديات أكبر من هذه و لم يتخل عن أي من هذه الأحكام بل شرع الصلاة في وقت احتدام القتال و اشتباك الجيوش رغم أن الاسلام في بعض المعارك كان مهددا بالزوال بدليل قول النبي صلى الله عليه و آله و سلم في غزوة بدر "اللهم ان تهلك هذه العصابة لن تعبد في الأرض".
و من جملة النقد الذي يوجهه البعض للسلفيين ما يتردد عن علاقات وثيقة للسلفيين بالمملكة العربية السعودية و في واقع الأمر فإن هذا الاتهام صحيح من جهة و خاطئ من جهة أخرى, فهو صحيح من جهة أن هناك علاقات وثيقة بين عدد لا بأس به من السلفيين المصريين و السلفيين السعوديين المتفقين معهم في نفس الأفكار, و هو خاطئ من جهة أخرى من حيث أن أغلب هؤلاء السلفيين السعوديين ذوي الصلة بنظرائهم المصريين لا يمثلون الحكومة السعودية و لا يتحركون بدافع منها ... نعم قد تغض الحكومة السعودية الطرف عن مثل هذه العلاقات لأنها تحقق لها أهدافا استراتيجية في صراعها مع الاتجاه الفكري الذي يمثل تنظيم القاعدة لأن السلفيين يمثلون صمام أمان بدرجة ما ضد فكر هذا التنظيم و ضد انتشار فكر الاخوان المسلمين أيضا الذي لم تعد المملكة السعودية ترتاح لتوجهاته و طموحاته السياسية منذ موقفه الرافض للتدخل الأمريكي في حرب تحرير الكويت عام 1990 , و من ناحية أخرى يمثل السلفيون في السعودية و في كل دول العالم عمقا فكريا استراتيجيا ضد النفوذ الايراني المتنامي في المنطقة و العالم بسبب التشدد السلفي الفقهي ضد التشيع الذي يرون أن ايران تمثله.
و إذا اعتبرنا أن كل قوة سياسية تتحرك في ظل ضوء أخضر بالتحرك من نظام الحكم في مصر أو في السعودية أو في أي دولة عربية هي قوة تابعة لذلك النظام السياسي بسبب هذا الضوء فإننا سنعتبر كل القوى السياسية المعارضة في العالم العربي هي قوى تابعة لنظم الحكم, لأن جميع نظم الحكم تقريبا في العالم العربي هي نظم قوية جدا و آلتها الأمنية في منتهى القوة و لا يمكن لأي قوة سياسية معارضة أو شبه معارضة أن تتحرك الا بضوء أخضر لسبب أو لآخر من نظام الحكم أيا كان سبب هذا الضوء الذي عادة ما ينبعث من نافذة النظام الحاكم.... قد يكون سبب هذا السماح الحكومي توازنات داخلية أو خارجية أو ضغوط من المعارضة او الشعب أو أزمة اقتصادية لكن على كل حال يأتي السماح في النهاية من نافذة النظام الحاكم.
السلفيون في مصر يتحركون أيضا بضوء أخضر من النظام, لنفس الأسباب السعودية (منافسة أو موازنة الفكر الجهادي و الاخواني و الايراني) و يضاف إلى ذلك التنفيس عن الضغوط الشعبية التي قد يولدها تدين خارج نطاق السيطرة, و لا شك أن مشايخ السلفية حتى الان يمثلون نوع من الضبط السياسي للقوى الشعبية العديدة التي تدين لهم بالولاء أو التعاطف, و لكن السلفيين في مصر ليسوا تحت السيطرة دائما فهم جزء من الشعب و هناك العديد من القضايا السياسية و الاقتصادية قد تدفعهم دفعا للتدخل في السياسة و الاحتكاك بالحكومة او حتى بأجهزة الأمن رغم حرصهم على البعد عن مثل هذا التداخل أو الاحتكاك, و يأتي في مقدمة الأمور التي عادة ما تجذب السلفيين للتدخل في الشئون السياسية و كسر تعليمات اجهزة الأمن قضية فلسطين بصفة عامة مثل حصار غزة أو قتل فلسطينيين أو الاعتداء على المسجد الأقصى و ليس مصادفة أن المحاكمة العسكرية الوحيدة التي جرت في مصر لسلفيين كانت بسبب تهريبهم المال و السلاح لغزة عام 2001, كما أنه من المعتاد أن تجذب بعض أحداث الفتنة الطائفية (بعضها و ليس كلها) اهتمام السلفيين و احيانا تدفعهم للخروج في مظاهرات كما حدث في أحداث المسرحية التي قيل أنها عرضت في كنيسة في الاسكندرية منذ عدة سنوات.
كما أن التغييرات القانونية أو الدستورية ذات الطبيعة العلمانية من شأنها أن تدفع السلفيين لتحركات احتجاجية ذات طبيعة سلمية تأخذ شكل البيانات السياسية أو المحاضرات و المؤتمرات (و ربما مستقبلا المظاهرات) كما حدث أثناء مناداة البعض بتغيير المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن الاسلام هو الدين الرسمي للدولة و أن الشريعة مصدر رئيس للتشريع, و كما حدث مؤخرا في قضية النقاب.
و رغم ذلك كله فالسلفيون ليس لديهم رؤية سياسية واضحة أو دقيقة تجاه النظام الحاكم كما أنهم حتى الآن يتجنبون معارضته بقوة و يكتفون بالتلميحات الموحية بالمعارضة, و لا يهتمون بطرح مشروع سياسي متكامل بديل للنظام الحاكم, فهم بحق حركة اجتماعية اصلاحية أكثر منها حركة سياسية و من ثم فليس من المستغرب عدم تطرقهم لملف الاصلاح السياسي في مصر أو توريث الحكم رغم أنه لو سأل سائل أحد مشايخ السلفية ذوي الثقافة السياسية العالية مثل أبي اسحاق الحويني أو الدكتور محمد اسماعيل المقدم عن رأيه في الديكتاتورية و الشورى و توريث الحكم و تطبيق الشريعة الاسلامية في الحكم لوجدنا اجاباته دقيقة و متكاملة اسلاميا بشكل من الممكن أن يدعم اي نضال سياسي اصلاحي معارض في مصر لكنهم حتى الآن ليس من اولوياتهم النضال في هذا المجال كما انهم لا يملكون تنظيما سياسيا و لا كوادر سياسية و لا حتى رغبة في العمل السياسي, و رغم ذلك كله سيظلوا رقما هاما و صعبا في معادلة العمل السياسي في مصر و سيزداد هذا الرقم أهمية و قوة مع مرور الوقت لأنهم رغم أنهم حركة اجتماعية فقط فإنها حركة اصلاحية كبيرة جدا وواسعة النفوذ و التأثير و ليست معزولة عن مجريات حياتنا السياسية و الاقتصادية و سرعان ما ستستفزهم الضغوط الاقتصدية و الضغوط السياسية و جهود التغريب و العلمنة الاجتماعية و الاقتصادية للاحتجاج الاجتماعي و حينئذ سيجدون أنفسهم محتاجين لخبرة الاخوان المسلمين و قواهم السياسية المنظمة و سيجد الاخوان انفسهم غير قادرين على تجاهل السلفيين ذوي الحركة الاجتماعية واسعة النفوذ التي لا يمكن تجاهل ثقلها الشعبي.
كما أن أي معارضة وطنية مصرية تتعامل مع واقع مصر السياسي و الاجتماعي بمهارة لن يسعها أن تغض الطرف عن التعامل مع السلفيين كأحد أهم و أبرز معالم خريطة مصر السياسية و الاجتماعية الآن.
عبدالمنعم منيب

تعليقات