إعادة النظر في مفهوم الردع إزاء الكيان الصهيوني.. من دروس طوفان الأقصى

 

أثارت حرب طوفان الأقصى إعصارا عارما من التأثير إن على المستوى الفكري أو المستوى الحركي في كل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والدينية والثقافية، وسيظل النقاش دائرا لسنوات طويلة قادمة حول القضايا التي فجرها إعصار طوفان الاقصى في كل هذه المجالات.
من أولى القضايا المهمة التي أثارتها حرب طوفان الأقصى ما يتعلق بمفهوم "الردع"(1) خاصة بين طرف ضعيف وآخر قوي، إذ كانت المناقشات الاستراتيجية المتداولة حول الحروب العربية السابقة منذ حرب 1967 أن التفوق الجوي الإسرائيلي الذي يهدد بضرب العمق المدني والقلب الحيوي للدول العربية والتي كانت تتشدق به إسرائيل بالقول بأن يدها طويلة وتستطيع أن تضرب أي مكان في العالم العربي، هذا التفوق دفع الاستراتيجيين المصريين منذئذ إلى أن يسعوا دائما إلى تحقيق نوع من التوازن الاستراتيجي لتحقيق الردع تجاه إسرائيل عبر امتلاك قوة جوية متطورة، ولكن القوى الدولية التي تهيمن على سوق السلاح الدولي المتقدم الذي يكافئ مستوى التقدم الموجود لدى القوات الجوية الإسرائيلية هي قوى أوروبا الغربية والولايات المتحدة وهي لا تسمح بأن تتمكن القوات الجوية العربية من التوازن فضلا عن التفوق إزاء قوات إسرائيل، وحتى لما كان الاتحاد السوفيتي السابق يملك أنواعا من الطائرات يمكنها أن توازن القوة الإسرائيلية الجوية فإنها لم تكن تعطي هذه النوعية للعرب، وأبرز مثال على ذلك الطائره الميج 25 التي لم يعطها السوفيت لمصر وعندما أعاروها سربا واحدا منها فقد ربض في المطارات المصرية وكان يدار بالكامل من قبل الطيارين الروس وعندما انسحب الروس من مصر قبيل حرب أكتوبر 1973 أخذوا معهم هذا السرب، ومن هنا سعى الاستراتيجيون المصريون الى تحقيق نوع من الردع ضد إسرائيل، وفي البدايه طلبوا القاذفات الاستراتيجية وحصلوا على القاذفات الاستراتيجية (TU) السوفيتية ولكنهم لم يطمئنوا لها ولم يشعروا انها تحقق الردع تجاه إسرائيل رغم قدرتها على قصف القلب الحيوي للكيان الصهيوني، فطلبوا الصواريخ سكود والتي مداها يتراوح بين 300 كلم الى 500 كلم وبالتالي فهي قادرة على قصف أي مكان في إسرائيل اذا انطلقت من شرق القاهرة، وكان الهدف من ذلك ردع إسرائيل عن ضرب القلب الحيوي لمصر بعد ان كانت إسرائيل ضربت مواقع من القلب الحيوي لمصر مرارا، وضربت مدارس ومستشفيات ومصانع سابقا إثر الانهيار الذي حدث للجيش المصري وخاصة للقوات الجوية المصرية في حرب 1967، وحينها ظلت إسرائيل تقصف أي مكان تريد قصفه بطول مصر وعرضاه الى أن تمكنت مصر من الحصول على الدفاع الجوي الروسي الذي كان متقدما في ذلك الوقت، وحمت به القاهرة ثم مددته لتصل به الى قناة السويس لتحمي كل مدن القناة، كل هذا حدث بسبب التفكير بضروره حماية القلب الحيوي من الاعتداءات الصهيونية.
وكان الاستراتيجيون العرب والمصريون منهم بخاصة يرون أنه لا يمكن أن تدخل في صراع عسكري مع إسرائيل دون أن تحقق مثل هذا الردع الجوي او الصاروخي، كبديل عن التكافؤ في القوة الجوية مع العدو.
 كان هذا هو الفكر الاستراتيجي السائد لدى مفكري العرب الاستراتيجيين قبل حرب طوفان الأقصى في أكتوبر 2023، لكن صرنا الآن نرى الصمود الفلسطيني في غزة ضد القوة الغاشمة المجرمة الصهيونية واستمرار الاشتباك والهجوم على العدو الصهيوني رغم القصف الوحشي الإجرامي على المدنيين ليس في القلب الحيوي لغزة فقط بل لكل شبر في غزة، ومع ذلك تتمكن المقاومة الفلسطينية من مواصلة الاشتباك على مدار الـ 24 ساعة طوال تسعة شهور حتى الآن وتُكبد العدو خسائر فادحه رغم هذا.
 وهنا يجب التأمل ما الذي مَكَّن المقاومة الفلسطينية من استمرار الاشتباك والدفاع والهجوم رغم عدم تحقيقها الردع ولا التكافؤ الجوي مع إسرائيل؟؟

تابع قراءة بقية التحليل على الرابط التالي:

تعليقات